لوفيغارو: دحلان رجل الظل في اتفاق إسرائيل والإمارات

قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية (Le Figaro) إن القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان ظهر كواحد من الشخصيات الفلسطينية القليلة المؤيدة للتقارب بين الإمارات وإسرائيل.

ونوه دحلان بالدور التاريخي لدولة الإمارات في دعم صمود الشعب الفلسطيني، في وقت اتهمته فيه قيادات من فتح بأنه لعب دورا في صياغة الاتفاق، وعمل ضد مصالح وطنه.

وأوضحت أن الرئيس السابق لأجهزة الأمن -التي كانت تتبع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات- والذي يعيش في المنفى بأبو ظبي بعد أن طرده الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يقدم نفسه على أنه “سياسي ورجل أعمال ومحسن”، إلا أنه اكتسب شهرة إقليمية شيطانية.

وأضافت أن دحلان نوه في بيان له بالإمارات “لما تقوم به من ضغط مباشر على الإدارة الأميركية وغيرها لإنهاء خطة الضم الإسرائيلية، وإحلال قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بدلا من خطة ترامب الاستعمارية”.

وفي مقال بقلم تييري أوبيرلي، قالت الصحيفة إن ظل الرجل القوي السابق بقطاع غزة لا يزال يخيّم على الأراضي الفلسطينية، بعد تسع سنوات من رحيله إلى دبي، وهو اليوم متهم من قِبَل القيادات الفلسطينية بمساعدة “صديقه” ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد في التفاوض على اتفاقٍ لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

وفي مظاهرات في الضفة الغربية، أحرقت دمية تمثل دحلان مع صورة محمد بن زايد، احتجاجا على “الطعنة في الظهر التي وجهتها أبو ظبي للشعب الفلسطيني”.

وقال نبيل شعث كبير المفاوضين السابق لياسر عرفات، المستشار الخاص لمحمود عباس، إن دحلان لعب دورا في صياغة الاتفاق، وأضاف أنه “عمل ضد مصالح وطنه وعليه أن يخجل من نفسه”.

كما قال جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” إنه مقتنع بتورط دحلان في صياغة الاتفاق، ورفَض إمكانية عودته بدعم من أبو ظبي للانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنه “إذا عاد دحلان سيقدم للعدالة بسبب قضايا الفساد العديدة التي ارتكبها”.

وتعيب السلطة الفلسطينية على الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي، الذي ينص على وقف ضم الضفة الغربية مرحليا، أنه وافق على السلام قبل مفاوضات العودة إلى حدود عام 1967، وتخلى عن مبادرة السلام العربية التي طالبت بانسحاب كامل للإسرائيليين من الأراضي المحتلة.

صديق ولي العهد
ومنذ أن وضع دحلان مواهبه في خدمة بن زايد، بدا أنيقا، ووصف نفسه بأنه “سياسي ورجل أعمال ومحسن”، وأن ولي العهد الإماراتي “شقيقه” ولن يكون “مستشاره”.

فالطيار الحربي السابق ورئيس مكافحة الإرهاب الفلسطيني السابق -كما يقول الكاتب- يشتركان في حب السلطة والعمل والانقلابات الدبلوماسية والمكائد السياسية والمالية في الشرق الأوسط، حيث يسيطر دحلان على العديد من شركات البناء وغيرها في أبو ظبي.

وفي حين يملك حاكم أبو ظبي وزعيم دولة الإمارات وعضو إحدى أغنى وأقوى العائلات الحاكمة في الخليج أموالا طائلة من عوائد النفط، يملك دحلان المولود في مخيم للاجئين الفلسطينيين بخانيونس دفتر عناوين قويا ومهارات جيدة في التعامل مع الآخرين.

وبعد فترة وجيزة من خروج دحلان، توترت العلاقات بين السلطة الفلسطينية وأبو ظبي التي لم تعد تمولها، بل تدفع الأموال مباشرة إلى مؤسسات مستقلة كالأمم المتحدة أو للجمعيات الخيرية، وهذا ما ساعد دحلان في تمويل مشاريع في الأراضي الفلسطينية، تركت أثرها القوي وبشكل خاص في غزة.

وفي غزة التي سحقها الحصار الإسرائيلي المصري والحروب الثلاث مع جارتها العبرية -حسب تعبير الكاتب- تصالحت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 2015، مع عدوها من أجل محاربة الخصم المشترك محمود عباس.

وقد أسس دحلان منظمة تكافل للمساعدة الإنسانية في أبو ظبي وقدم المال لتزويد محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بالوقود، وقال أحد المراقبين في غزة “إنها تعوض مسؤولي السلطة الفلسطينية (بغزة) الذين لم تعد رام الله تدفع لهم وكذلك الرسوم المدرسية للأطفال من العائلات التي تعاني من صعوبات”.

ومن ناحيتها، تمول جمعية جليلة زوجة محمد دحلان، حفلات الزفاف الجماعية لمن لا يستطيعون تنظيم حفلات زفاف خاصة، وتخصص بعض الأموال لعلاج المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل مرض السكري، حسب الكاتب.

وقد عاد دحلان -كما يقول الكاتب- إلى نسج شبكة من العلاقات على أمل بعث سياسي، حيث يتمتع بتأييد في الضفة الغربية والقدس الشرقية، على الرغم من أن شعبيته لا تزال منخفضة، وفقا لاستطلاعات الرأي.

كما أن حركته، تيار الإصلاح الديمقراطي راسخة في غزة حيث تلقب “بالتيار”، ويشارك نشطاؤها في اجتماعات المجلس التشريعي بغزة، إلا أنهم حسب صحفي محلي، لم يحضروا التجمع الأخير للتنديد بالاتفاق بين إسرائيل والإمارات.

مؤامرات جهنمية
ويقول الكاتب إن دحلان الذي سُجن في إسرائيل عدة مرات لعضويته في حركة شباب فتح، قام بتكوين علاقات وثيقة مع كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين عندما كان رئيس جهاز الأمن الداخلي في غزة، كما تفاوض مع وكالة المخابرات المركزية التي درّبت قواته.

وقد أثرى دحلان -كما يقول الكاتب- من الضرائب المفروضة على مرور البضائع بين إسرائيل وقطاع غزة، إلا أن فشل الانتفاضة الثانية وهزيمته العسكرية أمام حماس قد أسقطته، ووجهت إليه تهمة الفساد المالي والتآمر على قيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وصدر ضده حكم من محكمة الجنايات عام 2016.

بعد ذلك -حسب الكاتب- اكتسب الرجل سمعة شيطانية، في المنطقة، فوضعت تركيا 700 ألف دولار مقابل رأسه، حيث يقال في أنقرة إنه قدم الدعم من خلال التحويلات المالية للمسؤولين العسكريين عن الانقلاب الفاشل في عام 2016 ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا ما ينفيه دحلان، غير أنه لا ينكر دعمه للسيسي عام 2013 خلال الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي.

وفي عام 2018، قام دحلان إلى جانب قائد فرنسي سابق، بتشكيل مرتزقة من المتقاعدين في القوات الخاصة الأميركية لتنفيذ اغتيالات لسياسيين في اليمن، نيابة عن أبو ظبي.

المصدر : صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا