علم فلسطين .. محاولات فادي السلامين نحو التغيير

بقلم: الكاتب والباحث ناهـض زقـوت

فادي السلامين: لازم نعيد تصميم العلم الفلسطيني بأيدي فلسطينية … جائزة قدرها الف دولار لمن يأتي بتصميم جديد.

المح أحد الكتاب في مقال له إلى أن ثمة محاولات يقوم بها فادي السلامين لتغيير العلم الفلسطيني ليتناسب مع الدولة الجديدة وفق صفقة القرن، أثارني هذا الموضوع، ولمزيد من المعلومات ذهب إلى صفحة السلامين للاطلاع على ما هو مكتوب حول الموضوع، فوجدت ما أذهلني من تصريحات وتصميمات للعلم الفلسطيني الجديد، ومسابقة لأحسن تصميم للعلم. هذا الموضوع فتح ذهني لسابقة خطيرة حدثت في العراق بعد الاحتلال الامريكي عام 2003، وتابعتها عبر الاعلام، وهي محاولات تغيير العلم العراق. بعد حرب الخليج الثانية أُقر قانون علم العراق ووضعت عبارة “الله أكبر” بخط الرئيس الشهيد صدام حسين إلى جانب النجوم الثلاثة، وعندما تشكلت حكومة “بول بريمر” بعد الغزو الأمريكي للعراق، وضع مقترحا لعلم عراقي جديد، إلا أنه واجه انتقادات شديدة ولاذعة، ولم يلق ترحيباً من الشعب العراقي. وفي عام 2004 أجري تعديل طفيف على العلم العراقي باستبدال عبارة “الله أكبر” وجعلها بالخط الكوفي بدلاً من خط صدام حسين. وفي عام 2008 أقر البرلمان العراقي قانون العلم العراقي الذي أزيلت منه النجوم الثلاث ودلالاتها.
وما يحدث اليوم في العلم الفلسطيني هو أشبه بالبارحة، فقد كان لا يمكن أن يتم تغيير العلم العراقي لو لم يتم احتلال بغداد، والايحاء بأن العراق اليوم هو عراق جديد، فيحتاج راية جديدة تتناسب مع الوضع الجديد الذي يتوافق مع الرؤية الامريكية بإزالة كل الاثار التي ترتبط بحزب البعث والرئيس الشهيد صدام حسين.
ويأتي فادي السلامين الفلسطيني الامريكي الجنسية صاحب العلاقات الواسعة مع أركان صناعة القرار الامريكي وعلى رأسهم جاريد كوشنير، وتربطه علاقة غير واضحة مع محمد دحلان. ليطرح فكرته في تغيير العلم الفلسطيني بأن هذا العلم صناعة “مارك سايكس” الذي قسم الوطن العربي في اتفاقية سايكس بيكو وهو من صمم العلم الفلسطيني ورسمه؟، لماذا نعتمد تصميمه لعلم لنا إلى يومنا هذا وهو جزء من مآسينا”. لهذا يطرح اعادة تصميم العلم بأيدي فلسطينية مع جائزة لمن يصمم فكرة جديدة ويدعوهم للتواصل معه على الخاص “لازم نعيد تصميم العلم الفلسطيني بأيدي فلسطينية … جائزة قدرها الف دولار لمن يأتي بتصميم جديد”.
فادي السلامين يسعى الى تزوير التاريخ، معتمدا على أفكار تطرحها بعض الجماعات الاسلامية أمثال حزب التحرير الذين يطرحون أن العلم الفلسطيني صناعة استعمارية بريطانية، وأن راية الخلافة هي راية المسلمين، ونجد على صفحته مقاله كتبها “حسن عطية” أحد أعضاء حزب التحرير، يقول فيها: “ترى في صفحة المدعو فادي السلامين شيء قريب من المسابقة: ارسم علم آخر لفلسطين بحجة أن الأعلام الحالية من وضع المستعمرين (سايكس بيكو) فادي يريد استبدال راية استعمار بأخرى، مع أن الراية التي وضعها الإسلام واضحة بينة كوضوح الشمس وهي راية العقاب واللواء (الراية سوداء مكتوب عليها بالأبيض واللواء ابيض مكتوب عليه بالأسود) وهذه الراية أو اللواء تصلح لجميع المسلمين وتقضي على تقسيمات الاستعمار، والدولة الوحيدة التي تجمع جميع المسلمين هي دولة الخلافة”.
ولا ننكر أن هذه الفكرة منتشرة عبر وسائل الاعلام العربية، وأن العلم الفلسطيني هو علم الثورة العربية الكبرى عام 1916، ولكن كل هذا غير صحيح وجهل بالتاريخ، وتزوير للحقائق، ولم يثبت أن سايكس بيكو هو الذي رسم علم فلسطين وأعلام الدول العربية، كما يشير السلامين في فيديو ينشره على صفحته.
إن العلم الفلسطيني والاعلام القريبة منه هي راية الحركة القومية العربية المناهضة للحكم العثماني في البلاد العربية، وهذا ما سجلته الباحثة خيرية قاسمية في كتابها “العلم الفلسطيني” (الصادر عن مركز الابحاث الفلسطيني في بيروت عام 1970) تقول: “في مطلع القرن العشرين بدأ العاملون في الحركة القومية في أثناء مقارعتهم للحكم العثماني بعد 1908 في اسطنبول أولا ثم في باريس وبيروت بعد ذلك، يفكرون بوضع رمز للحركة القومية تصبح شعارا للبلاد العربية بعد تحريرها من الحكم العثماني … ووضعت المقترحات في القاهرة، وبعث عارف الشهابي برسالة في 18 اذار/ مارس 1914 إلى محب الدين الخطيب يعلمه قرار الجمعية (الجمعية العربية الفتاة) بإيجاد رمز للحركة القومية يجمع بين الألوان الثلاثة (الأخضر والأبيض والأسود) التي تمثل عهود الاستقلال العربي … وقد أصبح معروفا لكافة العاملين في الحركة القومية هذا الشعار الذي سيكون شعار الدولة المقبلة. وحول علاقة الثورة العربية بعلم الحركة القومية تقول: إن العرب كانوا يرفعون طوال سنتهم الأولى من الثورة علم اشراف مكة (الأحمر) منذ عهد الشريف ابي نمي وهو الذي عاهده سليم الاول. ولكم بعد مرور أقل من سنة على اعلان الثورة تدارس رجال الحركة العربية ممن التفوا حول الحسين قضية علم الدولة العربية الهاشمية، واقترحوا الألوان الثلاثة التي كانت معروفة مسبقا بين اعضاء الفتاة لتكون ألوان العلم العربي، بعد أن أضاف إليها الشريف مثلثا أحمر رمزا لأسرته”. (بتصرف من ص9 – 13)
تلك هي الحقيقة التي يجهلها فادي السلامين وأمثاله من دعاة الخلافة ورايتها. يسعى السلامين من خلال طروحاته إلى تثبيت حقيقة زائفة فيما يتعلق بالعلم الفلسطيني رمز السيادة والثقافة والحضارة الفلسطينية، ويؤكد العديد من الباحثين أن هذا العلم بألوانه وتصميمه جسد هوية النضال والكفاح الفلسطيني بدءاً من ثورة البراق 1929، إذ كانت حينها المرة الأولى التي يرفَع فيها هذا العلم للتعبير عن الهوية الفلسطينية بحدودها السياسية المعروفة: من البحر إلى النهر؛ ومن رفح حتى رأس الناقورة. كما رفع العلم مع اضافة الهلال والصليب في المثلث الأحمر في ثورة ال36 دليلا على وحدة الاسلام والمسيحية في مواجهة الاحتلال البريطاني والحركة الصهيونية. ومن يومها صار العلم بألوانه الأربعة رمزاً للنضال الفلسطيني، وعلماً للدولة التي يسعى الفلسطينيون لحريتها واستقلالها.
لم يكن فادي السلامين وحده في ميدان اعادة تصميم العلم الفلسطيني واجراء تغيرات عليه بما يتوافق مع مرحلة صفقة القرن، فقد نشر (موقع المدينة نيوز) في 30 يناير 2013 خبرا عن تغيرات تجري للعلم الفلسطيني في وسائل الاعلام العربية والتركية. يقول الموقع: “علم فلسطيني جديد في مثلثه هلال ونجمة خماسية، بدأ ينتشر في وسائل اعلام عربية وتركية مرتبطا بالأخبار التي تتعلق بالشأن الفلسطيني عموما واخبار قطاع غزة خصوصا. ونشر موقع (جي بي سي) خبرا مفاده أن بعض المواقع الالكترونية والصحف العربية والتركية تستخدم هذا العلم بديلا عن العلم الفلسطيني المعروف في شتى بقاع الارض. ولم يعرف إلى الآن السبب الذي يقف وراء استخدام هذا العلم بدلا من العلم الفلسطيني، حيث تساءل مراقبون فيما اذا كان هذا الخطأ “هفوة” من المحرر أم ورائه شيء آخر. ولم يصدر أي تصريح رسمي من المسؤولين الفلسطينيين في رام الله وقطاع غزة حول استخدام هذا العلم في الاشارة إلى الشأن الفلسطيني. ونشر الموقع صورة لموقع الكتروني تركي ينشر العلم الفلسطيني الجديد (سوف نرفق الصورة ضمن الصور).
يرتبط موضوع العلم بالسيادة والهوية الوطنية، وأي تغير يعني الغاء لفلسطين التاريخية، والغاء لكل النضالات الوطنية الفلسطينية، والغاء لكل التضحيات التي قدمت في سبيل رفع العلم الفلسطيني، شهداء وجرحى، وتغييب نضال العديد من الشبان الذي قضوا شهورا في المعتقلات الاسرائيلية ثمنا لرفع العلم الذي كان محظورا على الفلسطينيين رفعه بعد عام 1967، ولا تزال ذاكرة الفلسطينيين تحمل حكايات وقصص كثيرة حول دور العلم ومكانته في المعركة مع الاحتلال، وتحديداً في الانتفاضة الأولى، وكيف انتقل العلم من رمز سياسي ليصبح واحداً من أقوى أدوات إزعاج الاحتلال ومقاومته، بل عنواناً للتمرد والعصيان المدني، وكذلك عنوانا لمناصرة فلسطين وشعبها وقضيته العادلة في جميع انحاء العالم.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، أين دور المؤسسة الفلسطينية الرسمية والشعبية من هذه الطروحات التي يطرحها السلامين، وأين دور الفصائل الوطنية والاسلامية من تلك الأفكار المشبوهة التي تتساوق مع صفقة القرن التي تهدف إلى الغاء التاريخ الفلسطيني والجغرافيا، وطمس المشروع الوطني الفلسطيني، واذا كانت خرائط صفقة القرن تفتت الوطن الفلسطيني إلى كانتونات مرتبطة بجسور وكباري لصالح المشروع الصهيوني، لتقوم الادوات المتساوقة مع صفقة القرن استكمال المشروع بإلغاء السيادة والهوية الوطنية الفلسطينية، بإلغاء العلم الفلسطيني، مع العلم أن فادي السلامين في لقاء معه يشير إلى لقائه مع جاريد كوشنير واطلاعه على الخطة الامريكية لتقويض السلطة الفلسطينية (اللقاء على اليوتيوب).
مع هذا المقال الذي أدق فيه جرس الخطر، وسوف أنشر الصور التي يقترحها السلامين للعلم الفلسطيني الجديد، وليكون هذا المقال بداية حملة وطنية فلسطينية عربية ضد توجهات واطروحات السلامين بما يمس السيادة والهوية الوطنية الفلسطينية، وتأكيدا على رفضنا لصفقة القرن.
غزة 3/9/2020

بكامل الصور، مقال ناهض زقوت: علم فلسطين .. محاولات فادي السلامين نحو التغيير.
ننشره بpdf لمزيد من الفائدة، ولمن اراد الاطلاع على جميع الصور.

PDF Loading...

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا