مقال لجدعون ليفي: “الحرب الإسرائيلية على الاطفال الفلسطينيين”

الأسبوع الماضي، كنا في مخيم العروب للاجئين، نبحث عن منطقة مفتوحة نجلس فيها خوفًا من فيروس كورونا. لم يكن هناك أي مكان. في المخيم الذي يلامس فيه المنزل، والذي عرض أزقته لا يتسع لأكثر من شخص ومليء بالقمامة، لا يوجد مكان للجلوس بالخارج. لا يسع المرء إلا أن يحلم بحديقة أو مقعد؛ لا يوجد حتى رصيف. هذا هو المكان الذي يعيش فيه باسل البدوي. قبل عام أطلق جنود الرصاص على شقيقه أمام عينيه فقتل دون سبب. وقبل أسبوعين خطف باسل من فراشه في ليلة باردة وأخذ حافي القدمين للاستجواب. جلسنا في منزل عائلته الضيق وأدركنا أنه لا يوجد “خارج” نذهب إليه. وبينما كنا هناك، أغلق الجنود الإسرائيليون مدخل المخيم، كما يفعلون أحيانًا، بشكل تعسفي، وزاد الشعور بالاختناق فقط.
هذا هو عالم باسل الذي يبلغ من العمر 16 عامًا، اختطفه الجنود من فراشه في ظلام الليل. ليس لديه مكان يذهب إليه باستثناء المدرسة، المغلقة لجزء من الأسبوع بسبب فيروس كورونا، وهو أكثر حظاً من بعض الأطفال والمراهقين الآخرين حيث ان حوالي 170 منهم محتجزون حاليا في إسرائيل. بينما يُطلق الجنود النار على أطفال آخرين، ويُجرحون ويُقتلون أحيانًا، دون تمييز بين الأطفال والبالغين – الفلسطيني هو فلسطيني – أو بين حالة تهدد الحياة و “اضطراب عام”..
يوم الجمعة قتلوا علي أبو علياء، صبي يبلغ من العمر 13 عاما. كانت رصاصة قاتلة في البطن. لا يمكن لأحد أن يبقى لا مبال برؤية وجهه البريء في الصور، وصورته الأخيرة – الفي كفن، ووجهه مكشوف، وعيناه مغمضتان، حيث نُقل للدفن في قريته. ذهب علي، كما يفعل كل أسبوع، مع أصدقائه للتظاهر ضد البؤر الاستيطانية البرية والعنيفة التي انبثقت من مستوطنة كوخاف هشار، واستولت على ما تبقى من أراضي قريته، المغير. ولا يوجد شيء أكثر بشاعة من استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين ولا يوجد احتمال أن يكون إطلاق النار على بطنه مبررًا. في إسرائيل، بالطبع، لم يُظهر أحد أي اهتمام خلال عطلة نهاية الأسبوع بوفاة طفل، فهو مجرد طفل آخر.
حتى العام الدراسي الحالي، درس حوالي 50 طفلاً من مجتمع الرعاة في رأس التين في مدرسة المغير، قرية الصبي المتوفى. كان عليهم المشي حوالي 15 كيلومترًا كل يوم، ذهابًا وإيابًا، للحضور. في هذا العام، قام آباؤهم، بمساعدة منظمة تابعة للمفوضية الأوروبية مقرها إيطاليا، ببناء مدرسة متواضعة في القرية. والآن تهدد الإدارة المدنية الإسرائيلية بهدمها، وفي هذه الأثناء تضايق السلطات الإسرائيلية التلاميذ والمعلمين بزيارات مفاجئة للتحقق مما إذا كانت المراحيض، “لا سمح الله”، متصلة بأنبوب ماء – في قرية لم تكن موصولة بالكهرباء أو إمدادات المياه. ولابد أن أطفال رأس التين عرفوا علي، زميلهم السابق في الدراسة، لكنه الآن “ميت”.
مالك عيسى من العيسوية في القدس الشرقية الذي يبلغ من العمر 9 سنوات، فقد إحدى عينيه بعد إصابته برصاصة إسفنجية أطلقها شرطي إسرائيلي. وأعلنت وزارة العدل التي تدرس مزاعم سوء سلوك الشرطة، الخميس، أنه لن يتم توجيه أي اتهام إلى أحد في إطلاق النار، بعد 10 أشهر من التحقيق المكثف. كان يكفي لرجال الشرطة المعنيين أن يدعوا إلقاء الحجارة عليهم، وربما أصاب أحدهم الصبي. لكن لا يوجد مقطع فيديو يُظهر إلقاء حجارة، ولا يوجد أي دليل آخر على ذلك. ويمكن للقتلة على أن يناموا بسلام أيضًا: لن يلاحقهم أحد. كل ما فعلوه هو قتل طفل فلسطيني.
تقع هذه الحوادث والعديد من الحوادث الأخرى خلال فترة تعتبر من أهدأ الفترات في الضفة الغربية. هذا هو الإرهاب الذي تمارسه الدولة. عندما نسمع عن مثل هذه الحوادث في ظل الأنظمة الديكتاتورية الشريرة – أطفال يُختطفون من أسرتهم في منتصف الليل، طفل أصيب برصاصة في عينه، وآخر أصيب برصاصة وقتل – يرسل ذلك “الرعشات في عمودنا الفقري”؟ أين تحدث مثل هذه الأشياء؟ ليس في مكان بعيد، ولكن على بعد ساعة بالسيارة من منزلك؛ ليس في بعض الأنظمة المظلمة، ولكن في “الديمقراطية الوحيدة”.

المصدر: هآرتس
ترجمة مركز الإعلام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا