تركي الفيصل قال الحقيقة.. وغضبت إسرائيل

بقلم: باسم برهوم

لم يقل الأمير تركي الفيصل، وهو شخص يعلم جيدا خفايا الأمور، إلا الحقيقة والواقع، وهو يصف إسرائيل كما هي عليه دون أية مبالغات لغوية، الأمر الذي أغضب إسرائيل كثيرا. تصريحات الفيصل في ندوة العاصمة البحرينية المنامة، والتي كان فيها حضور إسرائيلي لافت، بزعامة وزير الخارجية اشكنازي، فاجأت تل ابيب التي اعتقدت أنها روضت العرب، ولم يعد من الرسميين من يستطيع مواجهة إسرائيل، ومصارحتها ومكاشفتها بما هي عليه كدولة احتلال استعمارية عنصرية، ومن هنا جاءت أهمية هذه التصريحات وقام مئات المغردين بنشرها والتعليق عليها ايجابيا.
إسرائيل عبارة عن ماكينة فاشية وعنصرية ترتكب الجرائم بدم بارد، وتنتهك القانون الدولي في كل ممارسة لها، وفي الوقت نفسه تريد أن يصمت العالم عن جرائمها، ولا يتحدث من قريب أو بعيد عن ممارستها. فما دامت هذه الدولة قد قامت أساسا انطلاقا من رواية مزورة. فهي تريد تزوير الوقائع وإخفاء جرائمها.
توقيت تصريحات الفيصل هو المهم بقدر مضمونها، فقد جاءت في لحظة بدت معظم الدول العربية قد استسلمت للإرادة الإسرائيلية، بل وارتمت في حضن تل ابيب، وأهمية التصريحات انها صدرت من شخصية سعودية تعرفت على الغرب عن قرب، وفي الوقت نفسه تمثل روح الموقف السعودي التقليدي من الصراع العربي الإسرائيلي، والذي حاولت ماكينة “ترامب” بكل قوتها إلغاء هذه الروح أو لجمها وإخافتها بالابتزاز والتهديد.
كلام الفيصل لا يعني بأي حال التراجع عن نوايا السلام، الموجودة لدى السعودية، ولكن ما قيل هو جوهر بناء حالة سلام حقيقية قابلة للحياة، وليس سلاما استعراضيا، سلام استسلام. فإسرائيل إن أرادت سلاما حقيقيا مع العرب يجب أولا أن تنتهي من كونها دولة احتلال وعنصرية، وهذا بالضبط ما أراد الأمير تركي الفيصل إبلاغه لقادة إسرائيل، فلا يمكن أن يكون هناك سلام مع بقاء الاحتلال والعنصرية، ومن دون دولة للشعب الفلسطيني، وهذا هو جوهر المبادرة العربية، والتي هي بالأساس مبادرة سعودية. لقد أعادت تصريحات الفيصل الأمور إلى نصابها، بعد أن اعتقدت إسرائيل أنها قد تجاوزت هذه المبادرة بالكامل.
يمكن أن تثار أسئلة كثيرة، خصوصا إذا ما كانت هذ التصريحات تمثل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، كما تحاول إسرائيل أن تظهر أن هذا الملك هو العقبة في وجه السلام مع السعودية. تركي الفيصل ليس شخصا عاديا، وإن كان الآن لا يمارس دورا رسميا مباشرا، ولكن لأنه هو بالذات من صرح بذلك، فإن هذا الموقف ليس بعيدا عن موقف السعودية الرسمي بل إنه هو الموقف السعودي، الذي نعرفه ويعرف العالم.
إن ما سمعناه يعطي الأمل بأن المبادرة العربية لم تمت، وأنها مع التغير في الولايات المتحدة قد تعود إلى الطاولة لتمثل التسوية للصراع العربي الإسرائيلي، وأن ما تم من اتفاقيات أقل بكثير من كونه سلاما عربيا إسرائيليا، السلام لا يتعايش مع الاحتلال والعنصرية. ومع إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا