العصبية العشائرية في ميزان علم الاجتماع السياسي

بقلم: حسن حسين الوالي

بواقع تربيتى وقربي من والادي ونشأتى في محيط ثقافى و سلوك اجتماعي كان يقوم على قواعد الأصول والقيم العشائرية العربية …
نشأت من طفولتى وان مبهور بهذا الواقع الذي عمل والدي رحمة الله عليه على غرسي فيه منذ طفولتى المبكرة … فكان يدفع بي الى مجالس الرجال وانا طفل احلف على غدا الضيف واصر ان يخلفوا علينا …
كنت طفلا ولكن ازاحم الرجال بثقة لان والدى في ظهري يسندنى … باسمه وتاريخه ومكانته الاجتماعية وسداد للمال ان لزم …
هذه التنشئة جعلتنى مفتون بالعشيرة والقبيلة والاصول والعرف والعادة …
في جيل الشباب … وجدت ذاتي السياسية في فتح التنظيم و حاضنة السلوك السياسي ومطورته وجدت ذاتى فضاء اوسع من العشيرة فنمت شخصيتي السياسية في هذا الغضاء السياسي والاجتماعي الواسع … الذي كنت اشاهد فيه الاحتواء الفسيفسيائي للتنظيم للمكونات العشائرية في المجتمع بحيث شكل التنظيم محتوى اجتماعي وسياسي لهذه المكونات …
في عام 1996 وأثناء دراستى لعلم الاجتماع والعلوم السياسية اصبحت جذور تنشئتي مجال اهتمام اكاديمي لي ..
فتعمقت في دراسة العصبية العشائرية في المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية والشرقية وقدمت اوراق عمل عدة وكتب مقالات عديدة … وكانت الذروة في بحث التخرج الذي حمل عنوان ” معالم العصبية العشائرية في المجتمع الفلسطيني ” …
وكان من جزئين الاول مقدمة نظرية قدمت فيها تأصيل نظري لمفهوم العصبية العشائرية و أثرها التاريخي و الاجتماعي .. في ضوء اطروحات ابن خلدون ..
والجزء الثاني كان تحليل لنتائج استبانة طرحنها داخل المجتمع الغزى حول عدة محاور من اثر العصبية السياسية على السلوك السياسي والاجتماعي للمواطن الفلسطيني .
في الجزء الاول ومن خلال بحثي النظري يمكن الخلوص للنتائج التالية :
* العصبية العشائرية هي شعور فطري في الانسان الشرقي والعربي يحدد فيها سلوكه السياسة داخل المجتمع بتمفصلاتها بدءا من الاسرة وصولا للقبيلة .
*هذ الشعور مرتبط بالتجربة التاريخية للانسان الشرقي والعربي داخل البيئة الصحراوية الصعبة والتى فرضت عليه التضامن من اجل البقاء .
* العصبية تؤدي الى حالة من التضامن بين مكونات المستوى القرابي ولكنها في نفس الوقت مصدر للصراع …
* قضية التضامن والصراع محكومة بمحدديين
الاول : المستوى القرابي فالتضامن بين المستوى القرابي الاقرب في التسلسل اقوى من الابعد فمثلا : الاخوة في الاسرة الواحدة اقوى في تضامنهم وابناء العمومة ..
الثاني : مرتبط بالتهديد من خارج المستوى القرابي على قاعدة انا واخويا على ابن عمي وانا وابن عمى على الغريب .
*فلذلك فالمجتمع العصبي مجتمع غير ثابت وغير مستقر .
*الزعامة والرئاسة قيمة عظمى داخل المجتمعات العشائرية وهي مصدر للصراع والنزاع المتواصل .
*في المجتمعات التى تشعر بقوتها العصبيات من الصعب استقرار قوة الدولة المركزية الا بقهر تلك العصبيات او تفتيتتها بالعوامل سالفة الذكر .
* ابن خلدون في مقدمته خلص لنتيجة مهمة جدا ” للعصبية قوة قاهرة لا يقهرها الا دعوة صالحة او دين ”
وهنا اقف على مفهوم “دعوة صالحة”
فإن اي اطار فكرى او نظرى مدعوم بالممارسة يحمل في طياته الصلاح الاجتماعي الذي يستشعر فيه الفرد بالاثر الايجابي على حياته بجميع مكوناتها من الممكن قهر هذه القوة الطاغية للعصبية …
وفي العصر الحديث و حالتنا الفلسطينية لا يوجد اشد صلاحا وقبولا عن الانسان الفلسطيني من فكرة التحرير والوطن النقيضة للعمالة والاحتلال … وكذلك فكرة الدولة و الهوية و كرامة الانسان الفلسطيني و حفظ حقوقه المادية والمعنوية و سيادة القانون …
كل هذه المكونات الفكرية والثقافية المدعمة بالممارسة المقترنة بالتضحية والثبات والصمود على صعيد قضايانا الوطنية و بالشفافية وتكافؤ الفرص وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان و الحوكمة الرشيدة …
هذا كفيل بان يقهر العصبية و يعزز سلطة الدولة المركزية … ويحمى ثوابتنا الوطنية على طريق التحرير واقامة الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشريف .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا