خذلان

بقلم: الإعلامية وفاء بهاني

ليت كل الآلام كألم ضرسي الذي أرقني ليالٍ وأنساني الكرى، بتُ أستسيغه بل أستلذ ألمه إن برح، فلا عجب فهو مهما زاد حتماً سيزول ويتلاشى أثره بعد نزعي له ومواراتي إياه بأيام، أما الأشدّ ضراوة والأوقع وجعاً هو ألم الخذلان فهو كالكرابيج تلسع الضلوع، يهشم جدار الروح ويرديه محطماً لا يصلح لديمومة الحياة، يصفع الحنين الذي يعيدنا كما كنا كلما هممنا بالرحيل، كيف لي أن أواري خيباتي خلف أسوار اللامبالاة ، أن أُقبر أوجاعي تحت ثرى النسيان، كثيراً من ال”كيف” ترهقني ولا تهديني سبيلي؛ الآلام وإن لم تمسسني فقد لامستني، أجّجت النيران بقلبي وما العقل منها ببعيد فقد تركته مأفوناً، كثملة تترنح غير آبهه بهشاشة موضع قدمها، سحابة قاتمة من المآسي تظلل سمائي، غمام يحجب رؤياي عن الحقيقة وإن بدت جلية، تلك الصورة الضبابية ربما تريحني بعض الوقت، ربما تزيح عني شقاء المعرفة وألم الحقيقة المخزية، تتزاحم الشؤون بمآقيّ ولا أذرفها خشية أن تفضح عن مكنون كمدته وآثرت إبقاءه بالجهة اليسرى من صدرى حتى بدا وكأن الألم خُلق بسويدائي قبل تكوينه، أعاني التنكيل وحدي وإن طاف حولي الحجيج.
حين وحدتي أخرج عن طور المعتاد وألفظ كل ما أرقني بعيداً، أجاهد في انتزاعه من روحي المعذبة بيد أنه يأبى أن يرحل عني، هاته البسمة التي تعلو ثغري ما هي إلا شعور مزيف بالانتصار أن ما زال شيئاً متمسك بي، ما زال هناك من لا يستطيع مغادرتي، إنها الآلام الوفية التي أكابدها.
لات ساعة ندم أو جلد نفس! ربما تكون معانقة ذاتية براحتي المرتجفة بركنٍ قصي بعيداً عن عيون تتلصص وترتقب سِنة هزيمة أو وقوع ببراثن العزلة وهم لا يعلمون أني منها أتيت، هم لا يسمعون ذاك الصوت الذي يتناهى إلى سمعي بين الفينة والفينة بأن (كفى).

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا