ما الذي تغير في السياسة الأميركية مع بايدن؟

بقلم: باسم برهوم

قبل الخوض بموضوع العنوان، أود التوجه بالشكر لوزير الخارجية د. رياض المالكي على التوضيح المهم الذي وردني منه حول معلومة جاءت في مقالي المنشور بتاريخ 7/3/2021 تحت عنوان “دلالات وأهمية قرار محكمة الجنايات الدولية”. أنا قلت في المقال إن قبول فلسطين كدولة عضو غير كامل العضوية (دولة مراقب) في الأمم المتحدة قد أفسح المجال للانضمام لمحكمة الجنايات وباقي المؤسسات الدولية. ما ورد في توضيح وزير الخارجية، أن القرار رقم 16/67 الذي اعتمدته الجمعية العامة بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 لا يوفر أرضية للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، هذا القرار جعلنا دولة غير عضو، أي بصفة مراقب، وشرط الانضمام للمحكمة والمنظمات الأممية المتخصصة أن تكون الدولة عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة أو إحدى مؤسساتها، لذلك، يقول وزير الخارجية، إن حصولنا على عضوية كاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” عام 2011، هو الذي سمح بالانضمام للمحكمة ومعظم المؤسسات الأممية المتخصص. وذكّر وزير الخارجية بالمعركة التي خاضتها فلسطين في حينه مع الولايات المتحدة وإسرائيل وحصلنا على ثلثي الأصوات، الأمر الذي منح فلسطين عضوية كاملة في “اليونسكو”.

والآن عودة للموضوع، وبعد أكثر من 40 يوما من وجودها في البيت الأبيض أعلنت إدارة بايدن الخطوط العريضة لسياستها الخارجية، بما في ذلك سياستها في الشرق الأوسط. ضمن هذه الخطوط العريضة هناك تأكيد على الالتزام الأميركي الثابت والمتكرر مع كل الإدارات، وهو الالتزام بضمان أمن إسرائيل وتفوقها في منطقة الشرق الأوسط. لا غريب في الأمر، فإسرائيل والمشروع الصهيوني هو مشروع أميركي، ومشروع الغرب الاستعماري تاريخيا.

الفارق بين إدارة بايدن والتي سبقتها، إدارة ترامب، أن هذه الأخيرة كانت تعمل على تعميم سيطرة إسرائيل على المنطقة من خلال اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، وعبر تصفية القضية الفلسطينية تماما (صفقة القرن)، أما إدارة بايدن فتقول إن جسر هذه السيطرة لا بد أن يمر عبر حل الدولتين، وهي ترى أن هناك مصلحة لإسرائيل في ذلك، أولا، من زاوية أن تبقى إسرائيل “دولة يهودية ديمقراطية”، وثانيا، أن تجاهل القضية الفلسطينية وإبقائها دون حل قد ينفجر في أي وقت، في وجه مخطط السيطرة عبر التطبيع.

هذا الفارق، رغم أنه تكتيكي، لكنه مهم لأنه يترك بعض الهامش لعمل سياسي فلسطيني، وعربي للحفاظ، على ما يمكن من المكاسب وتطويرها، بقدر ما نتصرف بذكاء، فالصراع مع المشروع الصهيوني طويل، والمهم فيه أن يحافظ الشعب الفلسطيني على وجوده على أرضه.

ما نحتاج عمله على وجه السرعة هو استيضاح موقف إدارة بايدن، وتبيان موقفها وما تتحدث عنه حول حل الدولتين. فهذا الحديث لا يزال غامضا، ولا توازيه جدية في مواجهة الخطوات الخطيرة أحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل كقوة احتلال، من استيطان وتهويد، وهي خطوات تدمر تماما حل الدولتين.

المسألة الأخرى التي تثير الريبة. هو تمسك الإدارة بالموقف الأميركي التقليدي بمنع محاسبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على جرائم الحرب، وانتهاكها المستمر للقانون الدولي، هذا الموقف بدا واضحا بما يتعلق بقرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، بولاية هذة المحكمة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، فقدت رفضت إدارة بايدن هذا القرار، وأعلنت أنها ستمنع أي مس بإسرائيل. هذا الموقف يضع المزيد من الظلال على حديث هذه الإدارة عن حقوق الإنسان كشيء يميزها عن الإدارة التي سبقتها، فعلى ما يبدو أن الحديث عن حقوق الإنسان محصور بالحلفاء العرب، الأمر الذي يؤكد استمرار سياسة ازدواجية المعايير.

حتى اللحظة، وما نلمسه نحن الفلسطينيين هو تغيير باللغة، بالمفردات، وما نحتاجه تغيير يقود إلى عمل، إلى فعل، صحيح وللموضوعية أنه من المبكر الحكم، ولكن ما نشر وما تسرب لا يمكن أن يمنحنا الثقة والاطمئنان، ولكن المهم أننا تخلصنا من (إدارة ترامب) التي لم يكن لها هم سوى تصفية القضية الفلسطينية. إدارة بايدن تقول إنها لن تعطي حلفاءها شيكات على بياض، بما يتعلق بحقوق الإنسان واستخدام القوة، ونحن من جانبنا لا نستطيع إعطاء شيكات على بياض حتى نعرف بالضبط مدى جديتها من حل الدولتين، وإذا ما كان استنادا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا