نتنياهو أمام تحد جديد يتطلب جمع اليمين المتطرف والإسلاميين للبقاء في السلطة

ساعر وبينيت يتصدران محاولات تشكيل حكومة اسرائيلية بديلة

طفت على الوجه، أمس الجمعة، محاولات لتشكيل حكومة إسرائيلية تمنع انتخابات خامسة، على الأقل لهذا العام، مع استمرار التقديرات بأن الاحتمال الأكبر هو التوجه لانتخابات في آب/أغسطس المقبل.

وحسب ما كشفت (القناة 12) أمس، توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عبر وسطاء، إلى غريمه السابق في الليكود، ورئيس قائمة “تكفاه حدشاه”، غدعون ساعر، للانضمام إليه مقابل أن يترك نتنياهو الحكومة بعد عام. غير أن ساعر رفض المقترح.

وكشفت القناة ذاتها أن ساعر أجرى لقاء مع رئيس قائمة “يمينا”، نفتالي بينيت، بعد الانتخابات. وخرج من اللقاء بخطة لتشكيل “حكومة إشفاء وطني” لعام واحد، يتناوب على رئاستها رئيس قائمة “يوجد مستقبل”، يائير لبيد، وبينيت.

وستكون هذه الحكومة “حكومة أقلية” تستند إلى 52 عضو كنيست (“يوجد مستقبل”، “يمنيا”، “تكفاه حدشاه”، “يسرائيل بيتينو”، العمل)، مع التعويل على دعم أعضاء كنيست عرب ومن “ميرتس”، على أن تنضم إليها لاحقا الأحزاب الحريدية، وذلك حسب ما نشر موقع “عرب 48”.

ولا يزال سيناريو فشل نتنياهو أو خصومه من تشكيل حكومة والتوجه إلى انتخابات خامسة خلال عامين ونصف العام هو الأعلى.

وفي وقت سابق أمس نقلت صحيفة “معاريف” عن مصادر في الليكود قولها إنه تجري محاولات للاتصال مع حزب “أزرق- أبيض”، برئاسة بيني غانتس، وإقناعه بالانضمام إلى حكومة يشكلها الليكود. ويضم معسكر نتنياهو و”يمينا” 59 عضو كنيست.

وحسب هذه المصادر، فإن “ثمة احتمالا أن تنتهي هذه القصة مرة أخرى بالتناوب” على رئاسة الحكومة. لكن لأن نتنياهو خرق اتفاقية التناوب مع غانتس على رئاسة الحكومة، أضافت المصادر الآن أنه “لا نرفض سيناريو لا يكون فيه نتنياهو الأول في التناوب”. وإذا كانت هذه الأقوال صحيحة، فإن هدف نتنياهو هو منع خطوات في الكنيست ضده، وخاصة إمكانية سن قانون يمنعه، كمتهم بمخالفات جنائية، من تشكيل حكومة.

والقناعة التي ترسخت في الليكود بأنه لن يتمكن من تشكيل حكومة نابعة من أن انضمام حزب “يمينا” إلى معسكر نتنياهو لن يحقق أغلبية في الكنيست داعمة لحكومة كهذه، خاصة وأن تحالف الصهيونية الدينية والفاشية رفض إمكانية دعم القائمة الموحدة، برئاسة منصور عباس، لحكومة يشكلها نتنياهو، ولو كان هذا دعما من خارج الحكومة.

وحسب قياديين في الليكود تحدثوا إلى الصحيفة، فإن “غانتس حقق إنجازا مفاجئا”، بحصوله على 8 مقاعد في الكنيست، “وأفضليته هي أن لا أحد يقاطعه وأنه هو لا يقاطع أحدا في كلا المعسكرين. وقاد حملته الانتخابية تحت شعار (سأحرس نتنياهو من الداخل)، ومن شأن ذلك أن يسهل عليه الانضمام إلى معسكر نتنياهو”. وكرر غانتس خلال حملته الانتخابية الحديث عن أن وجوده في الحكومة المنتهية ولايتها منع نتنياهو من تنفيذ أمور عديدة.

ويبدو أن سيناريو عودة غانتس إلى المشاركة في حكومة جديدة يشكلها نتنياهو مستبعد. ونفى حزب “أزرق- أبيض” هذه الإمكانية وشدد على “أننا ملتزمون تجاه معسكر التغيير. لن يكون هناك حوار مع نتنياهو”.

من الجهة الأخرى، ورغم أن المعسكر المناوئ لنتنياهو يضم 61 عضو كنيست، من ضمنهم الموحدة، إلا أنه من الصعب أن يشكل حكومة، حتى لو انتقل “يمينا” إلى هذا المعسكر. لكن محاولات تشكيل حكومة في هذا المعسكر لم تتوقف.

ونقلت صحيفة “هآرتس” أمس عن رئيس أحد الأحزاب في هذا المعسكر قوله إنه “لم ننجح بعد في وضع خطة تسمح بتشكيل حكومة تغيير”، لكنه أضاف أن “النتائج التي حققناها واضحة وتمنحنا فرصة لبديل. وسنفعل ذلك بالتأكيد”.

والبديل الذي يتحدث عنه هذا المعسكر هو إمكانية استبدال رئيس الكنيست، ياريف ليفين، من حزب الليكود، بعضو كنيست من المعسكر المناوئ لنتنياهو، ويكون صداميا تجاه نتنياهو ويدفع خطوات ضد نتنياهو ويسهل على معسكر المعارضين سن قوانين ضده حتى لو كانت مؤقتة.

نتنياهو أمام تحد جديد

ويوصف بالدهاء لقدرته على استخدام الألاعيب السياسية التي أبقته في السلطة سنوات طويلة، وقد ورث نتنياهو الأسبوع الماضي تحديا فريدا في تاريخ إسرائيل سيجد صعوبة في تنفيذه وهو الجمع بين اليمين المتطرف والإسلاميين في حكومة واحدة.

واستنادا إلى النتائج النهائية للانتخابات الاسرائيلية العامة التي جرت الثلاثاء الماضي، يحتاج نتنياهو ليستمر رئيسا للوزراء إلى دعم كل من القائمة العربية الموحدة التي تمثل الحركة الإسلامية الجنوبية التي تتبع فكر الإخوان المسلمين وحزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف الذي يعادي العرب والمسلمين بشكل علني.

وتقول جايل تالشير أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس المحتلة والمختصة بمتابعة الانتخابات وهي الرابعة في غضون عامين “إنها مفارقة تاريخية. من غير المعقول” أن يكون المستقبل السياسي للدولة اليهودية الوحيدة في العالم مرتبطا بذلك، بجزء من الحركة الإسلامية”. لكن حتى هذه الخبيرة كادت لا تجد كلمات تعبر عما يحدث هذه المرة.

وبعد حساب توزيع المقاعد البرلمانية في ظل نظام التمثيل النسبي في إسرائيل ظهر أن حزب الليكود يتصدر النتائج بحصوله على 30 من أصل 120 مقعدا في البرلمان. وجاء حزب “يوجد مستقبل” الوسطي في المرتبة الثانية بفارق كبير إذ حصل على 17 مقعدا. وحلت بعدهما مجموعة من الأحزاب ذات التوجهات والأجندات المختلفة تماما، الفلسطينيون العرب في إسرائيل واليهود المتشددون واليساريون والمحافظون واليمينيون المتطرفون.

ويجمع نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون المعلنون على 52 مقعدا، بينما يمكن أن يحصل يائير لبيد وشركاؤه المحتملون المناهضون لنتنياهو على تأييد 57 نائبا. ويتدافع كل جانب للحصول على تأييد 61 مقعدا مطلوبة للأغلبية.

ويجب على نتنياهو للاحتفاظ برئاسة الوزراء التي شغلها لمدة 12 عاما متتالية اجتذاب المنشقين عن الأحزاب المعارضة أو تجنيد واحد من اثنين من “صانعي الملوك” غير المنحازين حاليا لدعمه. أحدهما نفتالي بينيت وهو زعيم لليمين اليهودي المتشدد والآخر هو منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) التي فاجأت المحللين بفوزها بأربعة مقاعد.

ولا يتعين على نتنياهو إيجاد أرضية مشتركة بين الرفقاء غير المتوقعين فحسب، بل يجب عليه أيضا أن يفعل ذلك دون أن يخسر حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف كحليف له.

وتقول تالشير “إنه لأمر غريب تماما أن نرى أن منصور عباس قد يفسح المجال بأن يصبح معظم المعادين للمسلمين في البلاد في الحكومة”. ومهما بدا الأمر غريبا، فإنها ترى أنه مع ذلك سيناريو معقول.

وتقول “منصور عباس يمارس لعبة التكتيك” ومقابل الدعم الرسمي لنتنياهو فإن رئيس الوزراء “سيعِد منصور عباس بأشياء يريدها من حيث تخصيص ميزانية وبرنامج للقطاع العربي”.

وتضيف “ثم تصوت قائمة منصور عباس في البرلمان مع حكومة نتنياهو المقبلة، دون أن تكون رسميا جزءا منها”.

مساومة

وفي تصريحات نُشرت الخميس، رفض زعيم الصهيونية الدينية إيتمار بن غفير الذي اتهم عشرات المرات بالتحريض على العنصرية ودعم الإرهاب ضد العرب أي اتفاق مع منصور عباس.

وكتبت السياسية سيما كادمون أمس الجمعة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الأكثر مبيعا “لكن هذه ليست الكلمة الأخيرة”. وأضافت أن “نتنياهو معروف بقدرته على عصر الحجر” وما زال بإمكانه إقناع اليمين اليهودي بقبول المساعدة من حزب إسلامي.

وقالت “سيؤكد لهم أنه سيغير تشكيل الحكومة في المستقبل، سيعدهم بالقمر”.

ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال أن “لا خطوط حمراء عند منصور عباس في الساحة الإسرائيلية”.

وحسب جمال، فإن منصور عباس سيحاول “مغازلة جميع الأطراف”، مضيفا أن “اللعبة تتطلب البراغماتية وإتقان لعبة الأرقام”.

وعما إذا كان نتنياهو سيطلب دعم منصور عباس لتشكيل ائتلاف حكومي، يقول المحلل السياسي لوكالة فرانس برس إن رئيس الوزراء سيقدم على ذلك “كورقة أخيرة”. ويرى أنه “يمكن لزعيم يش عتيد يائير لبيد تحسين فرصه من خلال محاولة تشكيل حكومة تدعمها الأحزاب العربية والحركة الإسلامية”.

ولكن ليفعل ذلك، سيحتاج لبيد إلى الكثير من الخيال والإقناع.

وترشحت القائمة الموحدة بقيادة منصور عباس منصور ضمن القائمة المشتركة في الانتخابات الماضية لكنه انفصل عنها بسبب خلافات مع مكوناتها الشيوعية والعلمانية القومية وبالأساس لاتصالاته مع حزب الليكود.

ومن شأن حصوله على دعم الطرفين أن يجعل لبيد رئيسا لوزراء إسرائيل التي أصدرت في عام 2018 قانون القومية الذي يكرس الطابع اليهودي للدولة.

ولهذا، فإن بعض شركاء لبيد المحتملين من اليمين المناهض لنتنياهو كانوا مؤيدين لهذا القانون ويعارضون رؤية حكومة إسرائيلية تعتمد على دعم العرب.

منصور عباس

وقال منصور عباس لوكالة فرانس برس “هذه الانتخابات وضعتنا في مركز مهم وأن نكون بيضة القبان”. وأكد “اتصلت بنا كل القوى الساعية إلى تشكيل ائتلاف حكومي قبل وبعد الانتخايات”، موضحا “ما تحدثت به سابقا أنه عندما نتحول إلى قوة سياسية عربية مستقلة واثقة مبادرة وفاعلة تفتح أمامنا خيارات واسعة، ونخرج من وصاية اليسار ولا ندخل في وصاية اليمين”.

وأشار إلى أن “كل ما تحدثت به يتحقق أمامي الآن، ونحن نتجه في الاتجاه الصحيح، وبدون أن نرفع سقف توقعاتنا، إن شاء الله الأمور تسير بالشكل الصحيح”.

وشدد “نحن كقائمة عربية خياراتنا مفتوحة على الجميع، قرارنا النهائي نأخذه بناء على تحقيق مصالح مجتمعنا العربي عندما نطمئن ونثق بأن مطابنا ستتحقق نتخذ قرارنا بدعم هذا أو ذاك”. ورأى أن “إسرائيل تعيش أزمة سياسية حادة وما لم يستوعبوا الدرس أن الأحزاب السياسة العربية لها دور في السياسة العامة لن يخرجوا من الأزمة”.

الحياة الجديدة- أ.ف.ب

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا