من فمك أدينك

بقلم: محمد علي طه

في كتابه “عكس الرّيح” الصّادر عن دار نشر “يديعوت أحرونوت” 2020 يدحض حاييم رامون فرية “لا يوجد شريك” فلسطينيّ لعمليّة السّلام التي اختلقها إيهود باراك وروّجها اليمين الإسرائيليّ وجماعة “أرض إسرائيل الكبرى” وردّدها الإعلام الإسرائيليّ والأحزاب الصهيونيّة وبخاصّة “العمل” و”الليكود” كي يتهرّبوا من مستحقّات الاتفاقيّات الّتي وقّعها رؤساء حكومات إسرائيل منذ رابين حتّى نتنياهو مع القيادة الفلسطينيّة.
من المعروف أنّ إيهود باراك، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيليّ سابقًا ووزير الأمن ورئيس الحكومة فيما بعد، كان من المعارضين لاتفاق أوسلو وبخاصّة الانسحاب من الأراضي الفلسطينيّة كما امتاز بكراهيّته للعرب، ولا يستطيع أيّ فلسطينيّ أن ينسى دوره في عمليّات اغتيال كبار القادة الفلسطينيّين، وكيف أطلق الرّصاص على فمّ الشّاعر كمال ناصر النّاطق الرّسميّ لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة في غرفة نومه في بيروت.
ونحن الأقليّة الصّامدة في وطنها والمنغرسة فيه لا ننسى اغتياله لـ13 شابًّا من أبنائنا في تشرين الأول/أكتوبر 2000 بعدما منحناه الأكثريّة السّاحقة من أصواتنا الّتي أوصلته إلى كرسيّ رئاسة الوزراء (خير تعمل شرّ تلقى)!!.
كلّما شاهدت صورة هذا القائد الإسرائيليّ على شاشة التّلفاز أو على صفحات الصّحف وكلّما قرأت اسمه أو سمعته تذكّرت فريته السّافلة الحاقدة الّتي اختلقها بعد مفاوضاته العبثيّة مع الرّئيس الفلسطينيّ وهي: “لا شريك”. وهذا معناه “لا شريك فلسطينيّا لعمليّة السّلام لأنّ الفلسطينيّين وعلى رأسهم منظمّة التّحرير الفلسطينيّة يسعون للقضاء على دولة إسرائيل ورمي اليهود في البحر”!!!.
يا سبحان الله! يدا إيهود باراك ملطّختان بالدّم الفلسطينيّ ويسعى بكلّ عنجهيّته العسكريّة لرمي الفلسطينيّين في الصّحراء ويختلق فرية “لا شريك” كي يقضي على الأمل الّذي زرعه عرفات ورابين.
“لا شريك” تعني ترسيخ الاحتلال بكلّ موبقاته وبناء المستوطنات ومصادرة الأراضي ونظام الأبرتهايد!!
أحيانًا، أتساءل: هل هي الصّدفة أم أنّ يدًا خفيّة تعمل لوأد أية “مبادرة سلام” وتكريس الاحتلال وممارسة الضّم؟
هل العقل الّذي كان وراء رصاصات يغئال عمير ومقتل رابين هو إيّاه الّذي كان وراء مجزرة قانا كي يفوز نتنياهو ويفشل بيريس الّذي أعلن أنّه سيواصل مسيرة سلفه وهو إيّاه الّذي “سحب” ملف الفساد لإيهود أولمرت عندما كان رئيسًا لما يسمى بلديّة القدس؟ لماذا سحبوا هذا الملف حينما تقدّم أولمرت مع أبو مازن في مسيرة السّلام؟
كان حاييم رامون وزير الصّحة في حكومة إسحاق رابين كما كان وزير العدل في حكومة إيهود أولمرت، وكان له دور هامّ في المفاوضات الاسرائيليّة –الفلسطينيّة- مع الرّئيسين أبو عمّار وأبو مازن.. وهذا الكتاب، مذكّرات حاييم رامون، يؤكّد على أنّ القيادة الفلسطينيّة وبخاصّة الرّئيس محمود عبّاس سعت جادّة من أجل التّوصل الى اتفاق سلام، ويدعم هذا بالوثائق والتّواريخ الا أنّ القيّادة الاسرائيليّة وبخاصّة بنيامين نتنياهو تهرّبت من ذلك لأنّها تريد ضمّ الأراضي الفلسطينيّة وإبقاء الصّراع إلى الأبد.
سعى حاييم رامون كما يُكتَب لإنهاء الاحتلال وتحقيق السّلام وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة عاصمتها القدس العربيّة وحلّ قضيّة اللاجئين، ولكنّ الرّجل “اختفى” من السّاحة السياسيّة بسبب قبلة لمجندّة.. هل هي صدفة أيضًا؟

المادة السابقة
المقالة القادمة

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا