“رجال الكاوشوك”

“وإن دفنوك أيها الكاوشوك سنسقيك الماء لتخرج لهم شجرة كاوشوك”، هذه الكلمات التي خطها أحد الشبان في بلدة بيتا جنوب نابلس، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بعد استيلاء قوات الاحتلال على مجموعة كبيرة من الإطارات المطاطية (الكاوشوك) التي يستخدمها المواطنون ويشعلونها، ضمن فعاليات المقاومة الشعبية الليلية في مواجهة إنشاء بؤرة استيطانية جديدة على قمة جبل صبيح.

ويعتبر أسلوب إحراق الإطارات في المواجهات مع جنود الاحتلال أحد أشكال المقاومة التي يستخدمها الشبان كمصدر إزعاج لجيش الاحتلال وتوفير حماية للمشاركين في المواجهات.

“وحدة الكاوشوك” إحدى الوحدات العشرة، التي تستخدمها فعاليات المقاومة الشعبية الليلية في بلدة بيتا، والتي انطلقت منذ نحو 57 يوما، والتي توكل إليها جمع الإطارات المطاطية من البلدة والقرى المحيطة بها؛ من أجل إشعالها فوق الجبل، لتشكل مصدر ازعاج قوي لوجود المستوطنين في البؤرة الاستيطانية الجديدة “جفعات ايفتار”، حسب ما أكدته مصادر محلية لمراسل وفا.

وقالت المصادر “إنه مع ساعات الصباح يشرع رجال وحدة الكاوشوك بالبحث عن الاطارات وجمعها، وايصالها الى اقرب نقطة لجبل صبيح، وغالبا ما يتم انتقائها بمواصفات معينية من حيث حجم الاطار وسماكته؛ حتى يصدر عنه دخان بشكل كثيف”.

وأشارت المصادر إلى ان المشاركين في جمع الإطارات يقطعون مسافات طويلة؛ من أجل الحصول عليها، ويصلون الى القرى المحيطة التي تساهم أيضا في توفير الدعم اللازم من الاطارات المطاطية في بعض الاحيان.

وأضافت “أن هذه الطريقة شكلت إرباكا وإزعاجا للمستوطنين الذين يقطنون البؤرة الاستيطانية، واصبحوا يعانون أمراضا عدة حسبما تنشر وسائل اعلام عبرية، نتيجية الدخان المنبعث عن اشعال هذه الاطارات، بشكل يومي ولساعات طويلة”.

واشارت المصادر الى أن اشعال الاطارات يجري ضمن استراتجية واستغلال لحركة الرياح التي تكون غربية غالبا، حتى تصل أكبر كمية من الدخان الى البؤرة الاستيطانية، مؤكدة أن السحب الدخانية تغطي المنطقة بأكمها وتصل الى المناطق المجاورة للبلدة.

وأكدت المصادر انه منذ بداية فعاليات التصدي لاقامة البؤرة الاستيطانية جرى اشعال واستخدام نحو 20 ألف اطار، بحيث يصل عددها في بعض الايام الى 1000 اطار على مدار 24 ساعة متواصلة.

ويعتبر اسلوب المقاومة الشعبية الليلية على قمة جبل صبيح التابع لبلدات بيتا ويتما وقبلان، عاملا مساندا للفعاليات الشعبية والمواجهة في ساعات النهار، ضد اقامة البؤرة الاستيطانية التي استشهد خلالها خمسة شبان وأصيب مئات المواطنين برصاص الاحتلال.

وتضم البؤرة الاستيطانية التي اقيمت مطلع شهر ايار المنصرم، نحو 30 بيتا متنقلا “كرفانا” على قرابة 20 دونما، بينما شق الاحتلال الطرق المؤدية لها خلال أيام فقط، وسط تخوف أهالي القرى الثلاثة من السيطرة على كامل الجبل، والبالغة مساحته 840 دونمًا.

وقال منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مدير مكتب هيئة الجدار والاستيطان في الشمال مراد شتيوي، “إن اسلوب حرق الاطارات شكل علامة فارقة في تاريخ المقاومة الشعبية ضد الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الحجارة، ويعتبر بمثابة تحد لقوات الاحتلال ورغبة من الاهالي لاستدراج جنود الاحتلال الى موقع المواجهة”.

واضاف “ان حرق الاطارات يشكل جزءا من توفير الحماية للشبان والتغطية على تحركاتهم، والتشويش على الجنود القناصة الذي يتربصون بالمتظاهرين ويطلقون النار صوبهم، وقد اثبتت هذه الطريقة فعاليتها في المسيرة الاسبوعية في كفر قدوم شرق قلقيلية”.

وأكد شتيوي ان اسلوب اشعال الاطارات شكل حالة من الارباك لجيش الاحتلال، الذي كان يدفع بعشرات الجنود من اجل الاستيلاء ومصادرة الاطارات المطاطية في نقاط المواجهة قبل استخدامها، ويستنفد طاقته في اطفائها خلال المواجهات.

يشار الى أن المستوطنين حاولوا السيطرة على جبل صبيح في العام 2013 من خلال إقامة بؤرة استيطانية عقب مقتل مستوطن عند حاجز زعترة، وأطلقوا عليها اسم “جفعات أفيتار”، على اسم المستوطن الذي قتل عند الحاجز، كما حاولوا إحياء البؤرة عام 2018، عقب مقتل حاخام يهودي قرب مستوطنة “أرئيل” شمال سلفيت، لكن المحاولتين فشلتا إثر المقاومة التي خاضها أهالي البلدة.

وفا- بسام أبو الرب

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا