كلمة الحياة الجديدة: ثمَّ كلمة (دائمًا) لا بُدّ منها..

لطالما كانت وما زالت حركة التحرر الوطني الفلسطينية تمشي بين حقول الألغام من كل لون ونوع، الألغام التي تريد نسفها لصالح المشروع الاستيطاني الصهيوني، غير أن هذا لم يفت في عضدها، ومعاركها ضد هذه الألغام، ما جعلها تتجاهل- أبدًا- قضايا الشأن الوطني العام، في جوانبه الاجتماعية، والأمنية، والاقتصادية، والتربوية والتنموية، وبعدما أنشأت سلطتها الوطنية لطالما اجتهدت، ووفق منهج عمل واضح، وما زالت تجتهد في معالجة هذه القضايا، رغم مختلف الحصارات والصعوبات والعراقيل، قدر ما لديها من رؤية، ومعرفة، وتطلع، وقدر ما تفرض عليها المسؤولية الوطنية والاخلاقية من ضرورة الالتزام بمعايير وقيم وسلوكيات الحكم الرشيد، وعدم تجاوز القانون، ومناهضة النص الاستهلاكي لصالح النص الانتاجي، بواقعيته المعرفية، وعلى هذا الأساس، وبقدر ما نعرف أن رضا الناس غاية لا تدرك، بقدر ما نفهم ونتفهم في اطار عام، مقولات النقد، والاعتراض معاً، حتى الشعبوية منها، وكثيرها كما يعرف حتى ناقلوها ومرددوها، بأنها ليست نتاج معرفة صحيحة، ولا نتاج مصادر موثوقة، وثمة نكايات حزبية، وفئوية، وحتى مناطقية، تتواصل على نحو يبدو ممنهجاً على أكمل وجه، وخاصة فبركات القوى المناهضة للمشروع الوطني الفلسطيني التحرري، التي يقود الاحتلال الاسرائيلي – المشروع الاستيطاني الصهيوني – أغلب منصاتها الاعلامية على الشبكة العنكبوتية، وعلى نحو ما يجعلها ألغاماً في تلك الحقول التي ما زلنا نمشي بينها..!! وربما ما لا يراه البعض أن مراكمات هذا النوع من المقولات، خاصة التقولات الشعبوية ستعمل في المحصلة على تخليق تاريخ مشوه، وشيطنة لا لهذه القوى أو تلك، ولا لهذا الفرد أو ذاك فقط، وإنما أساسا للهوية الوطنية، ومع غياب الوحدة الوطنية، وبقدر ما يخلف هذا الغياب من سياسات ومواقف متعارضة ومتناقضة، بقدر ما تتعزز على نحو خطير عمليات الشيطنة، لا للهوية الوطنية فحسب، وإنما حتى للجنسية الفلسطينية..!!
للهوية الوطنية، سيرة نضالية تأسطرت ببطولات فذة، وللجنسية الفلسطينية حضور أخلاقي محمول على تاريخ مشرف، حافل بالابداع في إدارة شؤون الحياة، وبالعناد الايجابي في تحدي مختلف الصعوبات، حتى صارت الجنسية الفلسطينية، هي المعادل الموضوعي، والواقعي، للصلابة، والصمود، والتحدي، والابداع.
هذا هو الفلسطيني، وهذه هي هويته، وطبيعته وطبعه، والشيطنة التآمرية العدوانية، لن تكون انتقائية بطبيعة الحال في المحصلة، وإنما في حال تواصل محاولاتها، وترديد بعضنا (…!!) للتقولات المغرضة، بقصد أو بغير قصد، بوعي أو بدونه، فإنها ستكون شمولية لتصيب الكل الفلسطيني، وحتى تصبح سمعة الفلسطيني في المحيط الاقليمي وحتى الدولي مناهضة لحقيقته الواقعية وسيوصم بالارهاب والتخلف….!!! والقرار البريطاني، بتصنيف حركة حماس كحركة ارهابية خير دليل على ما نقول، ولا شك أن على حماس تحديداً أن تدرك ذلك قبل غيرها، فتكف عن التوغل في مساراتها الانقسامية.
لنا أن نتفحص ملياً مخاطر التقولات الشعبوية، ومخاطر ترديد الفبركات والتلفيقات التي تصوغها القوى المناهضة لمشروعنا الوطني التحرري، والتي يواصلها البعض الفلسطيني، على صفحات التواصل الاجتماعي، بلا أي حال من أحوال التفحص المعرفي، الوطني والاخلاقي..!! لن نكون ضد النقد الموضوعي المسؤول، ولنا أن نختلف، بل وينبغي أن نختلف، ولكن دعونا ندير خلافاتنا على نحو حضاري، وبلغة الأدب، والمسؤولية الوطنية والاخلاقية، لا بلغة الشتيمة والتخوين والتكفير، فهذه لغة الشيطنة التي تستهدف في النهاية تفعيل تلك الألغام في حقولها لتنفجر تحت أقدامنا، وتحيل مشروعنا الوطني التحرري الى شظايا، لن يكون حينها بالأمكان حتى لملمتها…!! فهل نعي ذلك جيداً قبل فوات الأوان.. ؟

– رئيس تحرير “الحياة الجديدة”

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا