أين المشكلة في معيار الاختراق النووي مع إيران؟

ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية منذ أيام أن إدارة الرئيس جو بايدن تخلت عن فكرة إعادة إيران إلى القيد الأساسي الذي فرضته خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) سنة 2015. فبينما اعتقدت إدارة أوباما أن الاتفاق سيحافظ على بعد إيران عن الخرق النووي (تجميع ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة) قرابة 12 شهراً، لم يعد فريق بايدن مؤمناً بإمكانية إعادة التخصيب النووي الإيراني إلى صندوق كهذا.

تعليقاً على هذا الخبر، أوضح الباحث البارز في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين أن المجتمع الاستخباري في الولايات المتحدة يبدو معتقداً أن الإيرانيين قد ينتجون ما يكفي من اليورانيوم المخصص لأغراض التسليح من أجل وضعه في قنبلة خلال أسابيع.

مفارقة
وكتب روبين في مجلة “واشنطن إكزامينر” أن الأرقام مخيفة وهي ستطلق لعبة تبادل للملامة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. لكن يجب ألا يحصل ذلك بحسب رأيه. فالمشكلة في نهاية المطاف ليست واشنطن بل طهران. بالتأكيد، تحب كل إدارة أن تلوم تلك التي سبقتها بسبب إخفاقها في وقف طموحات إيران النووية. لكن الحقيقية هي أن برنامج إيران النووي توسع مع كل إدارة أمريكية.
وللمفارقة، إن أعظم تطورات إيران النووية حصلت في حكومات من يوصفون بالمعتدلين أو البراغماتيين – أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997)، محمد خاتمي (1997-2005) وحسن روحاني (2013-2021). يحدث ذلك إلى حد بعيد بسبب دفع آمال الغربيين بزيادة التواصل مع الإيرانيين إلى تخفيف العقوبات بشكل مبكر.

ما تنساه إدارة بايدن
بينما تجد إدارة بايدن في أغلب الأحيان العذر لإيران على مسارعتها إلى التخصيب في الخطأ الذي ارتكبه الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي بحسب توصيفها، تنسى الإدارة الحالية أن ليس لإيران أي حق في تسريع التخصيب كما تفعل اليوم. مع أو بدون اتفاق نووي، تحكم معاهدة الحد من الانتشار النووي برنامج إيران الحالي. لكن في الواقع، لا تهتم طهران كثيراً بهذه الالتزامات. من هنا، جاء تحويل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي سنة 2005.

المشكلة الأوسع
يشير روبين إلى وجود مشكلة أوسع في التركيز الحالي على زمن الاختراق النووي كمقياس لما إذا كانت إيران قادرة أو غير قادرة على تسليح برنامجها النووي. تكمن المشكلة في افتراض أن إيران تسعى لتحقيق الكمال على هذا الصعيد. قد يكون المجتمع الاستخباري محقاً في تقدير أن 20 كيلوغراماً تقريباً من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% ستمكن إيران من بناء قنبلة موازية لتلك التي ألقيت على هيروشيما بالرغم من أن حجمها سيكون مصغراً بشكل بارز. لكن هذا المجتمع مخطئ في افتراض أن هذه الكمية هي العتبة التي ستجعل أي برنامج نووي إيراني خطيراً.

السلاح القذر
إذا كان أكثر العناصر تأدلجاً في الحرس الثوري الذي يسيطر على البرنامج النووي يريدون نشر الفوضى، فهم لن يكونوا بحاجة إلى عملية انشطارية. لقد طور الحرس الثوري برنامجه للصواريخ البالستية بشكل مطرد وبالتوازي مع برنامجه النووي، معززاً نطاق تلك الصواريخ ودقتها. ومع إضافة بعض اليورانيوم أو بعض المواد النووية إلى رأس حربي تقليدي، ستكون النتيجة انتشاراً للتلوث النووي بفعل الانفجار الأساسي.

ما لا تفهمه واشنطن عن الأنظمة المارقة
ثمة ميل في واشنطن لفهم أعداء الولايات المتحدة من خلال ربطهم بمعيار رفيع المستوى ثم السعي إلى إيجاد الراحة في فشل اختباراتهم وفي واقع أنهم لم يحققوا إمكانات تقنية محددة. بالتأكيد كانت هذه هي الحال مع الكوريين الشماليين حتى نجحوا في اختبار سلاح نووي. ويحذر روبين في ختام مقاله من أن الأنظمة المارقة لا تلتزم بقواعد الديبلوماسية ولا بقواعد الحروب التقليدية.

موقع 24 الاماراتي – جورج عيسى

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا