إعصار الجوع

بقلم: هادي جلو مرعي*

لعل الطريف ان الصين تنتج كمية هائلة من القمح جعلتها تتصدر القائمة الدولية للبلدان الأكثر إنتاجا، لكن روسيا هي الاكثر ربحا ، لكن الصين تستورد بمئات الملايين من الدولارات من مادة القمح لأن منتجها يستهلك محليا، في حين تحصل روسيا على أرباح تفوق ما تحصل عليه الولايات المتحدة الأميركية، وتعتمد بلدان عدة في العالم على القمح الروسي الذي يسد حاجتها، وتكاد تعتمد عليه كليا، ومن الصعب عليها البحث عن مورد بديل عن روسيا، في حين تدخل أوكرانيا ضمن قائمة الدول المنتجة بفارق كبير عن روسيا التي تتقدم عليها، وفي حال حدث أمر ما كما هو الحال الراهن فإن إمدادات القمح ستقل كثيرا مع الحظر الذي قد تعلنه موسكو على صادراتها الى الخارج وكذلك صعوبة الشحن، وامتداد الحرب الى مساحات شاسعة من أوكرانيا التي تنتج القمح بكمية منافسة.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فروسيا تصدر النفط والغاز بما يزيد على الثمانمئة مليون دولار يوميا إلى بلدان أوروبية أعلنت مقاطعتها لروسيا، ودعم الحليف الأوكراني، واللافت إن الرئيس بوتين لا يزال يسمح بمرور الغاز عبر أنابيب تمر في الأراضي الأوكرانية الى أوروبا، وتستفيد منه أوكرانيا بالرغم من اشتداد المعارك بين الجانبين، حيث يحبس العالم أنفاسه خشية من توقف إمدادات الغاز والقمح، أو أن يتوسع النزاع ليشمل بلدانا أخرى، أو أن يصاب أحدهم بجنون مؤقت، فيضغط على الزر النووي، وتحدث الكارثة التي تعيد إلى الذاكرة قنبلتي هيروشيما وناكازاكي، والانبعاثات القاتلة من مفاعل فوكوشيما وتشيرنوبل حيث يواجه العالم سيناريو رعب يتضمن مشاهد الجوع والموت والنزوح والهجرة وغياب الأمل في نفوس الناس.

كنت أود وسم هذا المقال بعنوان (معركة الخبز) ولكنني أستعير من موقف الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنتونيو غوريتش وصفه لمخاوفه من الحرب الحالية والذي أشار إلى عبارة قيمة بعنوان (إعصار الجوع) فالبلدان المنتجة للقمح تقع في قائمة البلدان المستهدفة والقلقة، وتلك التي يمكن أن تكون حليفا لطرفي النزاع ككندا وكازاخستان والصين والهند والولايات المتحدة، ومن البديهي أن تكون مخاطر مواجهة الجوع حاضرة مع اشتداد المعارك والسخونة التي عليها الأحداث، وعدم قدرة الحكومات على توفير الأموال الكافية لتمويل صفقات الشراء في بلدان لا تمتلك موازنات مالية حقيقية، وهو الأمر الذي يتطلب إجراءات استثنائية من عواصم عربية وشرق أوسطية سيضربها إعصار الجوع.

—————

* كاتب عراقي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا