أفريقيا تدين “الناتو” ولن تصبح بيدقاً لواشنطن

أفريقيا اليوم كقيادات ومواطنين، بعد عقود من إعاقة نموّها ووحدتها، ليست على استعداد لتكون وسيلة لتقويض أو استعداء قضايا ومظالم البلدان الأخرى، أو الخضوع للضغوط الأميركية.

يتناول الكاتب ستيفن نديغوا في موقع شبكة تلفزيون الصين العالمية “cgtn”، موقف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي أدان فيه من داخل البرلمان حلف “الناتو”، فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، وأعلن من خلاله الموقف الرسمي لبلاده، وهو عدم الرضوخ للولايات المتحدة، وعدم إدانة روسيا، بسبب عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

وفيما يلي النص الذي نقله إلى العربية حسين قطايا:

يقول الكاتب نديغوا أنه “لا بدّ أنّ القنبلة التي أطلقها رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والتي أدانت حلف (الناتو) بسبب الصراع في أوكرانيا، كانت بمثابة صدمة للغرب”. إضافة إلى ذلك، “اعتبر المقاتل السابق من أجل الحرية في جنوب أفريقيا وزعيم المؤتمر الوطني الأفريقي، بشكل قاطع أنه لن يرضخ للضغط الأميركي لإدانة روسيا بسبب عمليتها العسكرية الخاصة”.

وأعلن الرئيس رامافوزا الموقف الرسمي لبلاده من داخل برلمان جنوب أفريقيا، وقال: “كان من الممكن تجنّب الحرب لو استجاب حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتحذيرات على مرّ السنين من أنّ توسعه شرقاً سيؤدي إلى عدم استقرار أكبر وليس أقل في المنطقة”.

تعكس مشاعر رامافوزا المشاعر غير المعلنة لمختلف قيادات ومواطني أفريقيا، الأمر الذي يساعد رامافوزا لعدم الخضوع للضغوط الأميركية الشديدة ليصرح بخلاف ما قال، وإعطاء انطباع بأنّ أفريقيا تدعم نهج الهيمنة الغربية.

فالولايات المتحدة وحلفائها مارسوا عدم العدالة مع كل أنحاء العالم تقريباً، ونالت أفريقيا نصيبها من هذا لفترة طويلة جداً. فلا زال الغرب المتعالي يعتقد أنّ “القارة السمراء مظلمة”.

من جهة أخرى، يتناول الكاتب نديغوا مقابلة للرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، مع صحيفة “نيكاي المالية”، الذي أثنى من خلالها على الأسلوب الدبلوماسي الصيني، مفضلاً إياه بكثير عن الدبلوماسية الغربية المتعالية. واعتبر أنّ تاريخ الغرب كان مليئاً بـ”معايير مزدوجة”، مشيداً بفضائل النهج الصيني المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

تصريح رئيس جنوب أفريقيا الشجاع، جاء بعد أن تحدث شخصياً عبر الهاتف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تواصل مع العديد من القادة من جميع أنحاء العالم، بينما كان نظيره الأوكراني يتحدث فقط مع الكتلة الغربية. وهذا يوضح إلى حدٍّ ما من هو الصادق في قلقه من أزمة كانت تتفاقم على مدى سنوات عديدة، حيث لم يكترث المجتمع الدولي من شكاوى روسيا بشأن توسع “الناتو” التدخلي شرقاً.

الاتحاد الأفريقي أعلن موقفه بشأن هذه المسألة في 24 شباط/فبراير، مع بداية العملية العسكرية الخاصة لروسيا، ودعا إلى تدخل الأمم المتحدة،لحلّ النزاع، ووقف اطلاق النار وبدء مفاوضات برعايتها. وفي الوقت نفسه، أعربت دول منفردة مثل جنوب أفريقيا وكينيا وغيرها عن آرائها بالفعل. لكنّ كينيا تميزت بانتقاد العملية العسكرية الروسية الخاصة عبر بيان ممثلها الدائم في الأمم المتحدة، مع أنّ بلاده الواقعة في شرق أفريقيا تتمتع بعلاقة دبلوماسية وصداقة طويلة مع روسيا. وكان الاتحاد السوفياتي وجهة للتعليم العالي لآلاف الطلاب الكينيين بعد الاستقلال، بينما يضغط الغرب على روسيا لوقف الصراع ، فإنه يرفض أن يحاسب على أفعاله السامة في أوكرانيا. ويفسر القوانين الدولية تبعاً لخدمة مصالحه على حساب من يتم تهميشهم في المخططات الجيوساسية للهيمنة الغربية. بهذا المعنى تأتي التصريحات الجريئة لرئيس جنوب أفريقيا مع التعتيم الاعلامي الغربي حولها، لثنيه عن دور وسيط محتمل بين أوكرانيا وروسيا، كونه يتمتع بمصداقية بلا شك. علاوة على ذلك، حقيقة أنه يأتي من أفريقيا، فإنه لن تكون له مصلحة شخصية أو وطنية بين الطرفين.

لقد بلغت أفريقيا سنّ الرشد، وهي ليست على استعداد لاستخدامها كختم مطاطي لتقويض أو استعداء قضايا ومظالم البلدان الأخرى. كما أنها تعلمت بالطريقة الصعبة، بعد أن عانت من وطأة تكتيكات “فرق تسد”، التي أعاقت نموّها ووحدتها لعقود.

وهناك مثل أفريقي يقول: “عندما يستنير الجاهل، يكون الرجل الذكي في ورطة”.

المصدر: شبكة تلفزيون الصين العالمية “cgtn”

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا