بعد الحجيج العربي الى قبر بن غوريون : اسرائيل وإستنساخ التجربة الأوكرانية

بقلم: حافظ البرغوثي

ظهرت إسرائيل كدولة فوق القانون الدولي في الأزمة الأوكرانية ترقص على كل الحبال ،فهي مع روسيا ومع أوكرانيا معا ،يتقافز رئيس وزرائها كالجندب بين موسكو وشرق اوروبا ،يتوسط دون وساطة حقيقية ،يثير ضجيجا كالثعلب الماكر لأن في رأسه شيئا مغايراً لما يقوله، يذل اللاجئين الأوكران غير اليهود ويمارس التمييز العنصري ضد اليهود السود ، ولا أحد يلومه من كبار اوروبا ورثة الشر الاوروبي او من وكر الشر الامريكي ، اختطف رجاله ايتاما من كييف لتجنيدهم مستقبلأ وجذب بضعة آلاف من المهاجرين الجدد اليهود ، ارسل ضباطا اوكران مسيحيين خدموا في جيش الاحتلال وتفننوا في قتل الأطفال الفلسطينيين لتدريب الجيش الأوكراني والمرتزقة ، لم يرسل ضباطا يهودا لماذا! لأن اليهودي لا يسفك دمه إلا دفاعا عن يهودي . لا يأبه بانتقادات زيلينسكي لأن الأخير مواطن اسرائيلي في النهاية يؤدي دورا ما في خدمة الغرب ، تم تصعيده كرجل زئبقي لا يمت للوطنية الاوكرانية بصلة ينفذ الأوامر من واشنطن دون نقاش ،وكانت واشنطن اعترفت بلسان بايدن انها بدأت مهمة تدريب 60 الفا من الجيش الاوكراني منذ سنة 2014 ولما نضجت اللحظة انتقوا الممثل للقيام بالدور الحالي لنبش السور الروسي ،فكانت اوكرانيا ميدان المنازلة والدمار.فهو ليس وطنيا اوكرانيا لأن ولاء اليهودي لإسرائيل فقط .فالمنازلة الحالية بدلا من ان تكون بين واشنطن وموسكو مباشرة جرى تقليصها لتكون على مقاس اوكرانيا فقط.
الآن والأزمة تكشف عن اهدافها الحقيقية اي محاولة الغرب الامريكي الاوروبي تدمير روسيا بالكامل مثلما دمروا الامبراطورية الروسية القيصرية بدعم يهودي قاده الشيوعيون اليهود ،بدأت اسرائيل وبالتحديد اليمين الحاكم في صياغة أفكار ذئبية لإستنساخ التجربة الأوكرانية . فقد بدأ اليمين الحاكم يناقش فكرة التهجير السكاني فطالما نجحت في اوكرانيا ومن قبل في سوريا والعراق فلماذا لا تنجح في حالة وجود صدام ما مع الشعب الفلسطيني او مع غيره في الجوار وانتهازالفرصة وتهجير الفلسطينيين طوعا وقسرا الى دول الجوار! وهكذا تتخلص اسرائيل من الوجود العربي مرة واحدة والى الأبد. في الإطار نفسه بدأ بينيت حملة علاقات عامة في العالم العربي لتسويق فكرة تحالف عربي ضد ايران. الفكرة جذابة من الظاهر لمن يظن ان اسرائيل قادرة على لجم ايران فليدخل تحت عباءة إبن سلول طلبا للأمن من عباءة آية الله الايراني. فالصراع الأمريكي مع ايران بدأ منذ اربعين سنة ولم يصل الأمر الى اشتباك حقيقي فالإستراتيجية الامريكية مبنية على اساس ان وجود ايران ضرورة أمريكية لخنق المشرق العربي سواء كانت في موقف العداء الحاد لواشنطن بلا قعقعة سلاح او الصداقة المبنية على تبادل المصالح.
بالنسبة لإسرائيل هناك حرب سرية وأخرى علنية مع ايران لكنها تبقى تحت السيطرة من الطرفين. وقد اعلنت اسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات انها بصدد شن هجوم مدمر على المنشآت النووية لكنها لم تفعل ابدا لأنها تريد ان تكون واشنطن الى جانبها في الهجوم وهو ما لن يحدث قط فاكتفت بالولولة والتهديد والوعيد حتى تاريخه.ومن التجربة الاوكرانية استنتج الاسرائيليون ان بإمكانهم استنساخها بجعل ميدان الصراع مع ايران في دول الخليج وليس عبر الحدود مع سوريا او لبنان .فالإسرائيلي الماكر يسوق قدراته العسكرية الفتاكة على دول الخليج وبات بينيت من اهل البيت العربي يشارك في اجتماعات مشتركة ويرسل وفودا عسكرية من المغرب الى البحرين وما خفي اعظم .والسؤال هو لماذا اختارت الجبهة الخليجية للتحالف والطريق امامها مفتوحة نحو ايران عبر سوريا والعراق ! الجواب ان هذه الجبهة ستضع اسرائيل في صدام مباشر مع ايران مع ما ينتج عنه من ردود فعل مدمرة على اسرائيل وبالتالي أكرنة المنطقة الخليجية هي الأنموذج الأسلم اي توجيه المعركة نحو الخليج وليس نحواسرائيل مباشرة مثلما فعل الأمريكيون والناتو مع اوكرانيا وهذه الجبهة مفضلة بالنسبة لايران لتحقق اهدافها دون مشقة وتحتفظ بغنائم التمدد في المشرق العربي التي وهبها لها الغزو الامريكي للعراق وسمح لها بالتمدد في سوريا ولبنان وفي اليمن . وبالطبع لن ترسل اسرائيل قوات قتالية للدفاع عن الخليج لأن اليهودي لن يبذل دمه من اجل غير اليهودي قط بل تكتفي بالتشجيع والتحريض والإمداد بالسلاح والمستشارين وايران قادرة على اختلاق المشاكل في الخليج فلديها اطماع في حقل غاز سعودي كويتي واطماع في حقل قطري واطماع في الامارات ناهيك عن اطماعها في البحرين وشرق السعودية. ولن تحتاج ايران الى اسلحة فتاكة في هذه المعركة بل تكفي الاسلحة التقليدية لنشر الخراب وعدم الاستقرار في دول الخليج وطابورها الخامس المنتشر هناك ما يعفيها من خطر النووي الاسرائيلي والصاروخي الدقيق الى ان تتفق اسرائيل وايران بوساطة امريكية على تقاسم منطقة النفوذ في الدول العربية الخليج. فأين الأمن للخليج في هذا الحلف المريب!
قديما قال بن غوريون المقبورالذي حج الي قبره اربعة وزراء خارجية عرب ان نجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بل على غباء الطرف الآخر. ولم يدر بخلد بن غوريون ان الاغبياء سيحجون الى قبره أذلاء.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version