اللوبيات الصهيونية في خدمة إسرائيل: فرنسا نموذجاً

كتب: نبيل السهلي

يستخدم مصطلح اللوبي الصهيوني لوصف نفوذ بعض الجماعات اليهودية وبشكل مدروس ومنظم في الدول الوازنة في إطار العلاقات الدولية بغرض استمالتها لدعم السياسات الإسرائيلية.
ومن أبرز اللوبيات الصهيونية المتشكلة ، اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك اللوبي الصهيوني في فرنسا الذي سنضيء على قدراته الكامنة ومدى نفوذه في مفاصل الحياة المختلفة ودعمه للدولة المارقة إسرائيل.

نفوذ اللوبي

يتمركز في فرنسا أكبر عدد من اليهود في القارة الأوروبية، وثالث أكبر عدد في العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يُقدر عدد اليهود في فرنسا بنحو 480 إلى 550 ألف نسمة؛ وينحدر 60 في المائة منهم من أصول مغاربية، ولهم نفوذ في كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية ، هذا فضلاً عن كون أبنائهم يتبوؤون مراتب عليا في الدولة والمجتمع في الجامعات الفرنسية، وفي مجالات العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية.
وفي المجال الاقتصادي، فإن القسم الأكبر من العمالة بين اليهود يتركز في قطاع الخدمات والأعمال التجارية، وتصميم الأزياء وفي الإعلانات وقطاع الإعلام الفرنسي، حيث يلاحظ نفوذ اللوبي الصهيوني في وسائل الإعلام المختلفة، خاصة الدوريات والصحف الهامة والفضائيات، ولرأس المال اليهودي المنظم دور في ذلك، كما توجد في فرنسا أكثر من مائة جمعية يهودية، إضافة إلى ذلك؛ فإن سر نفوذ اللوبي الصهيوني في فرنسا يكمن في تعدد المنظمات اليهودية المنتشرة في فرنسا وأهدافها المتقاطعة مع اليمين الإسرائيلي، وكذلك في رأس المال اليهودي المنظم والداعم مادياً ومعنوياً لإسرائيل، حيث يقوم عدد كبير من الشباب اليهودي في فرنسا بأداء الخدمة العسكرية في إسرائيل فترة محددة، ثم يعودون إلى بلدهم الأصلي فرنسا .
وعند استعراض تطور وجود اليهود في فرنسا، نجد أن عددهم لم يتجاوز عند قيام الثورة الفرنسية في عام 1789 أربعين ألف يهودي، وفي عام 1810 ،أي بعد الثورة الفرنسية التي منحتهم حقوقاً متساوية مع بقية الفرنسيين، ارتفع عددهم ليصل إلى نحو 47 الفاً.
وحسب إحصائية صدرت عن الجالية اليهودية، فإن 115 ألف يهودي قد جاؤوا إلى فرنسا بين عام 1880 و1939، إذ وصل 30 ألف يهودي خلال الفترة ( 1881-1914) ، و85 ألفا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وبفعل الزيادة الطبيعية وهجرة بعض اليهود المغاربة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية- ارتفع عدد أفراد الجالية اليهودية في فرنسا ليصل إلى نحو 550 ألف يهودي خلال العام الحالي 2023.

استمرار الدعم

لم تكن هجرة يهود فرنسا إلى فلسطين منظمة قبل عام 1948، لكن رغم ذلك استطاعت بعض العائلات الوصول إلى فلسطين عبر تسهيلات خلال فترة الاحتلال البريطاني ليصل تعدادها إلى أربعة آلاف يهودي عند الإعلان عن إنشاء الدولة المارقة إسرائيل في أيار /مايو من العام المذكور.
واللافت أن نسبة اليهود الفرنسيين المهاجرين إلى فلسطين المحتلة ضعيفة مقارنة مع الهجرة من دول أخرى في العالم، فالتحق عدد من اليهود بأقارب لهم هاجروا إلى فلسطين المحتلة من مناطق مختلفة من أوروبا، في مقابل ذلك فضّل اليهود الذين هاجروا من مصر والجزائر وبقية دول المغرب العربي الهجرة إلى فرنسا على الهجرة إلى فلسطين المحتلة.

تراجع أرقام الهجرة

وبشكل عام تشير دراسات إلى وجود نحو 200 ألف يهودي من أصل فرنسي في فلسطين المحتلة خلال العام الحالي 2023.
ويلحظ المتابع تراجع أرقام هجرة يهود فرنسا خلال العقود الثلاثة الماضية إلى فلسطين المحتلة، الأمر الذي دفع إسرائيل ومؤسساتها المتخصصة إلى وضع مخططات بغرض مضاعفة أعداد المهاجرين اليهود من فرنسا.
وعلى الرغم من تأكيد وزارة الهجرة الإسرائيلية وصول (90) ألف مهاجر يهودي خلال عام 2021، مقارنة بـ (35) ألف مهاجر خلال العام المنصرم 2019، جلهم من الولايات المتحدة، موطن أكبر جالية يهودية في العالم. لكن ثمة شكوكا حول قدرة المؤسسة الإسرائيلية على جذب أعداد كبيرة في المستقبل من يهود أمريكا وفرنسا على وجه الخصوص على غرار هجرة اليهود من دول الاتحاد السوفياتي السابق .
وفي الوقت الذي ينحاز عدد كبير من اليهود الفرنسيين إلى جانب إسرائيل وسياستها التعسفية التهويدية ، فإنه لا توجد عوامل طاردة لليهود من فرنسا ؛ لكن ذلك لم ولا يمنع من الدعم المستمر للوبي الصهيوني المنظم في فرنسا وعلى كافة المستويات لإسرائيل وسياساتها العنصرية الفاشية إزاء الشعب الفلسطيني.
والسؤال المطروح ماهي آليات وسبل نشأة لوبي عربي داعم لقضية الشعب الفلسطيني العادلة وهناك الملايين من العرب يتمركزون في الولايات المتحدة الأمريكية والقارة الأوروبية وكندا وأستراليا وثمة طاقات وقدرات كبيرة بينهم، مالية وعلمية واقتصادية وإعلامية وقانونية.

عن القدس العربي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا