حماس ستحترق بجحيم واقع غزة

كتب: حميد قرمان

تتجه الأنظار نحو العاصمة الفرنسية باريس، حيث تشير تسريبات المحادثات السياسية التي جرت بين رؤساء أجهزة المخابرات؛ الأميركية والإسرائيلية والمصرية بالإضافة إلى رئيس الوزراء القطري، إلى أن اتفاقا سياسيا سيتبلور في الأيام القادمة إطاره العريض الرئيسي؛ هدنة تمتد لفترة زمنية متفق عليها مقابل تبادل أسرى مُطابق على أعدادهم، مع زيادة حجم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

اليوم، تقف حركة حماس على مفترق طريق الصراع المحتدم، والارتباك والتيه يرتسمان في قرارها السياسي بين اضطرار بقبول الاتفاق أو اجتنابه، فالعوامل والظروف التي أنتجتها العملية العسكرية الإسرائيلية على أرض القطاع، والحملة السياسية والإعلامية الممنهجة التي مارسها بنيامين نتنياهو ومنظومته اليمينية على دولة قطر، وقرارات قطع التمويل الدولي المتلاحقة عن الأونروا، وتزايد احتمالات اتساع جبهات التصعيد الإقليمي بسبب الحماقات العسكرية لميليشيات المحور الإيراني في المنطقة، وضعت حركة حماس ومن خلفها دولة قطر في موقف المضطرين إلى قبول ما اتفقت عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها، فلا خيار تفاوضيا آخر أمامهما.

مجددا، حركة حماس لا تملك ترف رفض ما سيفرض عليها من اتفاق مكتوب في أروقة الإدارة الأميركية، ليس لواقع الفاجعة والمأساة التي يعيشهما الشعب داخل غزة، بل لأسباب تتعلق بحكمها وإدارتها للقطاع. فحماس والداعمون لها من قطريين وإيرانيين، يريدون ومنذ اليوم الأول للحرب إيصال رسائل سياسية يؤكدون من خلالها إبقاء سلطتها في غزة دون أن تتأثر بمراحل الحرب الإسرائيلية وسطوتها على قدرات حماس. الحركة لم تزج بكامل عناصرها الأمنية وعناصر كتائب القسام التي إما تقبع في أنفاق تحت الأرض، أو تتواجد خارج القطاع كي تتمكن فيما بعد من فرض سيطرتها الأمنية والإدارية بعد انتهاء الحرب، والحفاظ على أركان حكمها الذي شهد هزات سياسية واقتصادية وعسكرية.

إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة أدارت لعبة الحرب بما يخدم مصالحها ودون اعتبارات سياسية أو قانونية دولية، فقد دمرت القطاع وقذفت بشعبه في هاويات الفقر والجوع والمرض والدمار والتشرد، لتعقد اليوم اتفاق تبادل جديدا تضمن به عودة باقي أسراها المحتجزين في غزة، وتترك حماس لتواجه مصيرها المحتوم أمام شعب جائع منكوب غاضب سينفجر بوجهها ويثور على حكمها وينهي وجودها، دون الالتفات إلى أي اعتبارات وطنية أو دينية سوقتها الحركة تبريرا لحرب نالت من كل شيء في القطاع، خاصة بعد أن بدأت تطفو على السطح حركات احتجاجية تسري في الأوساط الشعبية داخل القطاع نتيجة الأوضاع التي فاقت قدرة الشعب الفلسطيني في غزة على التحمل.

الحقيقة المؤكدة التي فرضتها الحرب في غزة هي نهاية حكم حماس.. فلن ينقذها انخراطها ضمن المحور الإيراني أو التماهي مع السياسات القطرية، ولن تسعفها شعبيتها في بعض الدول العربية، فإما استمرار الحرب مع دولة الاحتلال أو مواجهة شعب محاصر أدرك أنه دفع وحده ثمن انخراط حماس في صراع إقليمي لن يفضي إلى تحرير فلسطين.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا