ماذا يعني تحرير الجفرة

بقلم: فادى عيد

تستمد الجفرة أهميتها من جغرافيتها المميزة على الخريطة الليبية، فهي تقع وسط ليبيا تماماً، وبعد سيطرة جيشنا الوطني الليبي على براك الشاطئ (غرب الجفرة) والان كامل الجفرة، أصبحت منطقة فزان فى متناول يده، وأصبحت المنطقة الغربية التى تمرح فيها الاذرع الخارجية لبث الفوضى كما تشاء يسهل قطعها، كذلك امكانية وضع حد لغلق منافذ الجنوب التى يتم منها تهريب السلاح والعناصر الارهابية، وقطع الطريق امام التنظيمات التشادية التى تدعم الارهابيين بليبيا، كالاتي يقودها محمد حامد ويوسف كلوتو الذين اعلنو عودتهم لشرعية الدولة التشادية، بعد أن اعترفو فى تلفزيون بلادهم أنهم اتفقوا مع طرف ليبي على القتال ضد تنظيم داعش ثم أكتشفوا أنهم كانو يقاتلون كمرتزقة ضد الجيش الليبي.

فبعد سيطرة الجيش الليبي على كامل الجفرة، خسرت مليشيا ﺴﺮﺍﻳﺎ الدفاع عن بنغازي، او سرايا الدفاع عن روما ولندن أن دق التعبير ومرشدها المفتي المعزول الصادق الغرياني قاعدة عملياته المركزية والاكثر تحصيناً، فلدى قاعدة الجفرة بنية تحتية تعد افضل من باقي القواعد الجوية، برغم ما تعرضت له من تدمير جراء عدوان حلف الناتو 2011، الا أنها مازالت تحتفظ بمدرج طائرات على مستوى جيد يؤهلها لتكون قاعدة تمركز لسلاح الجو الليبي بوسط البلاد، وبحكم قربها من مناطق تمركز الميلشيات المتطرفة ستكون قاعدة حيوية لعمليات الجيش ضد هؤلاء، فبدلاً من أن تنطلق الطائرات المقاتلة من المرج أو بنغازي، سيتمكن سلاح الجو من قصف مواقع هذه المليشيات من الجفرة الاقرب فى المسافة، وهو الامر الذى سيسمح لدخول الطائرات متوسطة المدى صاحبة الطراز القديم للخدمة مما سيعزز قدرات الطيران الليبي تجاه الجزء الغربي من البلاد.

وبعد السيطرة على الجفرة من المؤكد ان البوصلة ستتجه لسرت، فكلا الطريقين الجنوبي والشرقي يمهدو الطريق لها، ما عدا الطريق الغربي من جهة مصراتة الذى قد يمثل العقبة الوحيدة لتقدم الجيش نحو سرت، فمصراته التى تعتبر أحد أهم بؤر الارهاب فى ليبيا ترى فى مدينة سرت عمقها الاستراتيجي، وهنا لا أجد حل سوى الطرق على مصراتة وسرت فى وقت واحد، ولا نغفل أن بنغازي تعول كثيرا على العقلاء فى مصراته ممن طالبو بالاعتراف بالجيش الوطني، وفك اي ارتباط بأي تنظيم ارهابي فى البلاد، كما أن هناك العديد من شباب مصراتة الذين أعلنو إنهم لن يسمحوا لسرايا الدفاع عن بنغازي بالدخول إلى مصراتة مسلحين.

واذا كان هذا مستقبل مصراتة وسرت بعد تحرير الجفرة، فالمجموعات الارهابية بطرابلس لم تعد بعيدة عن نيران الجيش الليبي ايضا، وكثيرا ما أعلن المشير حفتر نيته حرير طرابلس من الارهاب كما أن للجيش الوطني قوة تتواجد بغرب البلاد تنتظر اشارة تحرير العاصمة، خاصة وان الجيش الوطني الليبي لم يعد يكسب كل يوم رقعة من الارض فقط، بل ومساحة أكبر من حب الشعب له، فكان مشهد الأهالي التى تشكلت فى هيئة مجموعات وحملت السلاح وأصطفت بجانب الجيش الليبي ضد قوات سرايا الدفاع عن بنغازي الارهابية، حتى أن الجيش سيطر على كامل مدينة سوكنة دون أي أشتباك، وهو المشهد الذى تكرر مع شيوخ واعيان قبائل المنطقة الجنوبية الذين أعلنو دعمهم للجيش الوطني الليبي.

وفى ظل حالة الافلاس الفكري والسياسي والعسكري لما يسمى بحكومة الوفاق، بعد احدث اخترعات المدعو “خاسر السراج” الذى أصدار قرار رقم 31 لسنة 2017 يقضي بتقسيم البلاد إلى 7 مناطق عسكرية، لا يفوتني تسليط الضوء على المدعو عبد الباسط اقطيط (مرشّح واشنطن السابق لمنصب رئيس الوزراء خلفا علي زيدان)، والذى يسعى جاهدا كي يحصل على لقب “برادعي ليبيا” بعد أن دعا لجمع مليون توقيع كي يتثنى له توصيل الاحتجاج على العدوان المصري (كما يدعي) إلى الأمم المتحدة وامريكا، كذلك تنديد المجلس البلدي والشوري بنالوت بالضربات المصرية على الارهابيين بليبيا، معتبرين ذلك تدخل خارجي، وهم ما لم نسمع لهم صوت وقت ان كانت جنود ايطاليا وبريطانيا وعناصر الاستخبارات التركية والقطرية تمرح فى العلن بين مصراتة وسرت وطرابلس، واتمنى الا تكون الشقيقة الجزائر وراء ما بدر من نالوت.

فمن تحرير ليبيا وفرض الجيش الوطني الليبي كامل سيطرته على كافة ارجاء التراب الوطني الليبي، ومع عودة مقدرات ليبيا لشعبها العظيم، تجد مصر طريقها التاريخي الصحيح للعودة كقوة عظمة اقليمية، وغير ذلك واستمرار الفوضى فى ليبيا لا قدر الله، سننتظر أن يصيبنا ما أصاب أشقائنا (العراق، سوريا، وليبيا نفسها) فسوريا لم تسقط فى 2012م بل فى 2003 وقت أن سقطت العراق، فوبعد ان كان حلم الناتو فى 2011 الانتهاء من القذافي، أنتقل الامر لمرحلة أطماع شركات النفط فى ليبيا واموال عائلة القذافي، قبل أن يصل الهدف من تدمير ليبيا حاليا هو تصدير الفوضى لمصر، فخلاصة ما سبق أكلت يوم اكل الثور الابيض.

وكلمتى الاخيرة أوجهها للمستعمرين القدامي وصبيانهم بالدوحة وأنقرة، لو نسو أن ليبيا التى واجهت بغي العثمان وجور الطليان، فلتسئألو القره ماني عن فيلادلفيا، وماذا فعلت طرابلس فى حرب السنوات الاربعة بالامريكان، فهى من مر عليها كل رؤوس الطغيان، وما كانت النهاية الا وحفرت ليبيا لهم مقبرة كتبت عليها هنا نهاية كل جبان، من السفاح أمياني وصولا لردولفو جراتسياني قصص شهداء لاخر الزمان، ابطالها من سيف النصر للمختار و الاطيوش والفضيل وعبدالجليل والباروني ولاحصر من ابطال الزنتان، خرج منها مارمرقص ليبشر بالايمان، ولاحقه سمعان القيراون، أتى اليها فاتحا عقبة بن نافع بأمر الرحمن، يا سادة أنها ليبيا تاريخ بداية افريقيا وجغرافيا مثلت للقارة السمراء صمان أمان.
المصدر: جريدة روز اليوسف المصرية

فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

 

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا