“القيادة…فطرية أم مكتسبة؟”

بقلم: د. زكريا الجّمال

أَن تكون ادارياً ناجحاً…تعطي قراراً ادارياً مميزاً…قابلاً للتنفيذ…محركا لكل العاملين معك…من أجل تحقيق أهداف واضحة منجزين أعمالهم برغبة…فأنت قيادي.

فالقرار الاداري هو الركيزة والمحور الأساسي للعملية الادارية برمتها،حيث لا يوجد حركة أو سكنه في سلوك أي منظمةٍ الّا وتكون محكومة بقرار ما، فالقيادة الادارية قوة أساسية أولى يتشكل القرار الاداري على أساس ارادتها ومشيئتها وبالتالي فهي تعتبر الأساس الذي تعتمد عليه المنظمات في تحقيق نجاحاتها أو تحديد اخفاقاتها، وهنا يبرز عامل القيادة والذي يظل هو العامل الحاكم،او المتغير المستقل،وما دون ذلك من عوامل تبقى في دور المتغير التابع الى حد كبير.

فما هي القيادة يا تُرى ؟؟ وهل هي أصيلة في الانسان منذ ولادته ام تكتسب؟

فكثير منّا مَن يتساءَل كما القدماء في علم الادارة حول هذه القضية ولا زال الاختلاف قائماً،هل القيادة ولادة أم صناعة ؟؟وهل هي فطرية أم مكتسبة ؟؟ والمقصود هل القيادة تأتي بالخبرة والتعلم والتدريب،أم يولد الانسان وبه صفات القائد ويولد الآخرون دون هذه الصفات ؟؟؟

والحقيقة أن الاراء تعددت واختلفت،فمن الناس من يقول..أن بعض الناس يأتون الى هذا العالم مع القدرة الطبيعية على القيادة على عكس غيرهم ممن لا يملكون هذه القدرة،وهذا ما أكّده العالِم ” بينيس ” بقوله:”لا تستطيع تعلم القيادة،فالقيادة شخصية وحكمة وهما شيئان لا يمكن تعليمهما “.

ومنهم من يقول:”ان القيادة فن يمكن اكتسابه بالتعلم والممارسة والتمرين”وهذا ما أكّده العالِم”بيتر دريكر” بقوله:”القيادة تستطيع ان تتعلمها ويجب ان تتعلمها”.ويسير على نهجه العالِم”وارِن بلاك”اذ يقول:”لم يولد أي انسان كقائد،فالقيادة ليست مبرمجة في الجينات الوراثية ولا يوجد انسان مركب داخلياً كقائد “.

وهذه الآراء المختلفة لم تقتصر على علماء الغرب بل كذلك وجدناها عند علماء المسلمين وقادتهم، فها هو عمر بن الخطاب يقول عن عمرو بن العاص(رضي الله عنهما):”لا ينبغي لعمرو أن يسير على الأرض الّا أميراً” وهذا يؤكد أن القيادة حسب رأيه فطرية.

أمّا الحديث القائل:”انّما العلم بالتعلم، وانّما الحلم بالتَّحَلُّم” فيشير الى امكانية اكتساب القيادة أو السلوك كما يكتسب العلم.

وخير دليل نأخذه من خيرُ قائد سيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) في حديثه الذي وجههُ لأبي ذرّ الغفاري مخاطباً ايّاه:”انّكَ امرؤ ضعيف لا تولين على اثنين” وهذا يعني انه لا يستطيع اكتساب القيادة رغم فضله ومكانته في الاسلام “.

وبالنسبة لهذا الخلاف من وجهة نظر أصحاب النظريات مثل نظرية “الجرَس”والتي شبهت القيادة بشكل الجرس حيث أنها واحدة مِن أشهر النظريات التي تحدثت في علم القيادة فتقول:”ان بعض الناس يولدون قادة ونسبتهم 2% ، وهؤلاء الناس يقعون في أعلى منحنى الجرس، يبدأون بأداء قيادة جيد جداً،ثم مع مرور الزمن يصبحون أفضل.ثم ان هناك نسبة 2% من الناس يقعون في الجزء السفلي من منحنى الجرس والذين مهما حاولوا جاهدين لن يصبحوا قادة متفوقين،لأنهم لا يملكون التكوين الفطري الذي يوصلهم الى ذلك.

أمّا القسم الكبير من الناس والذي يقع في وسط المنحنى والذي نسبته 96% أي الغالبية العظمى وهم الذين يبدأون بالقليل من القدرة على القيادة الفطرية قد يصبحون فعلا متفوقين أو قادة استثنائيين.

والخلاصة هنا ان القيادة مرة تكون فطرية ومرة تكون مكتسبة،فهناك فئة قليلة من الناس تكون القيادة لديها فطرية وفئة قليلة لا تصلح للقيادة ولا تستطيع اكتسابها،ومعظم الناس تكون القيادة مكتسبة بنسب متفاوتة ولكنهم مهما اكتسبوا لن يكونوا كمن حصل عليها بالفطرة.وأنا أميل لهذا الرأي وأضيف عليه فأقول:

أن القيادة من وجهة نظري ثلاثة اجزاء ، فالجزء الأول معرفة ، والمعرفة يمكن تعلمها ، والجزء الثاني مهارة والمهارة يمكن اتقانها ، والجزء الثالث وجدان وهو الأصعب في الاكتساب، فيمكنني القول أن: ” الجزئين الأول والثاني مكتسب والجزء الثالث فطري “.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا