الاتفاق الملتبس كتب عمر حلمي الغول

قبل ايام تم إبرام إتفاق لوزان المبدئي بين الخمسة الكبار وإيران او 5+1. كل فريق تغنى بالاتفاق على طريقته. الاميركيون والاوروبيون وروسيا والصين إعتبروا الاتفاق حقق الاهداف المحددة، وخاصة تخفيض تخصيب اليورانيوم إلى الحد الادنى، وتقليص اجهزة الطرد المركزي بشكل حاد، مما يحول دون بلوغ البرنامج النووي الايراني الى مستوى صناعة القنبلة النووية، وفتح ابواب المفاعلات النووية الايرانية في “اراك” و”نطنز” وغيرها امام وكالة الطاقة النووية، مدة الاتفاق تتراوح ما بين 15 و25 عاما. ايضا إيران تعتبر الاتفاق حقق اهدافها من حيث: صدور قرار اممي لالغاء كل العقوبات المفروضة عليها، الافراج عن ودائعها المحجوزة، ابقاء برنامجها النووي السلمي بما في ذلك ابقاء المفاعلات النووية.

غير ان القوى الايرانية المحافظة ووسائل إعلامها، شككت في اي نتائج ايجابية للاتفاق. وإعتبرت صمت المرشد الاعلى علي خامئني دليلا على ذلك. واشارت صحيفة “فاتان أمروز” الى التباين الواضح بين ما عرضته اميركا وإيران للاتفاق. اضف الى ان صحيفة “كيهان” المتشددة علقت بصورة ساخرة على الاتفاق، وجاء في تعليقها :”انه اتفاق يكسب فيه الجميع: برنامجنا النووي سيزول والعقوبات ستبقى”. النتيجة عدم رضى القوى المحافظة لما جاء في الاتفاق، واعتبرته تطويع للارادة الايرانية، وتفريغ المفاعلات النووية من محتواها.
لكن القوى الايرانية المعتدلة، لها رأي آخر بالاتفاق، وتعتبره إنجازا لصالح ايران: اولا لجهة إلغاء العقوبات المفروضة؛ ثانيا تخفيف الضغوط عنها، والسماح لها بالتفرغ لمعالجة الملفات الايرانية الداخلية، والملفات الاقليمية المتورطة بها؛ ثالثا تحرير الاقتصاد الايراني من اثقال القيود المفروضة عليه؛ رابعا إقرار الخمسة الكبار بمكانة إيران الاقليمية، كدولة مركزية؛ خامسا الاتفاق سيطلق يد إيران الطويلة في العالم العربي، وهو ما سيترك آثارا سلبية على العلاقات الايرانية العربية. لاسيما وان نيران عاصفة الحزم في اليمن تتصاعد، مما يفتح الافق لصب الزيت الايراني عليها لتوسيع نطاقها، مع ما يحمله ذلك من تداعيات خارج نطاق سيناريوهات من اشعلوها.
غير ان المراقب الموضوعي للاتفاق يلحظ انه حمال اوجه. ومازال النص النهائي في علم الغيب، لاسيما وانه من المفترض ان يتم الانتهاء من الصياغة النهائية في ال30 من حزيران / يونيو القادم. وبالتالي الجزم في اي مفصل بعيد عن الواقع، لان النصوص مازالت قيد البحث والتدقيق من قبل المختصين من الفريقين بالصياغة؛ أضف إلى ان بعض النقاط مازالت تخضع للتفاوض، ولم يبت بها نهائيا.
مع ذلك، وأي كانت حدود الالتباس والغموض النسبي لمضمون الاتفاق، إلآ ان المنطق يحتم، الاعتراف، بان نجاح ال5+1 في وضع إتفاق الاطار عكس الارادة المشتركة لبلوغ الاتفاق، والحؤول دون اللجوء إلى دوامة العنف والحرب، الخيار الذي تنادي به حكومة نتنياهو، والمرفوض اميركيا، ومازال يشكل عامل تأزيم للعلاقات الاميريكية الاسرائيلية، نتاج التحريض المتواصل من نتنياهو واقرانه في إئتلافه الحاكم وحلفائه في الحزب الجمهوري الاميركي. وعندما افلست إسرائيل، بات رئيس حكومتها، يطالب بضرورة إلزام إيران بالاعتراف باسرائيل، وبحقها في الحياة. مع ان الخمسة الكبار وايران، إتفقوا على عدم ربط الاتفاق باي ملف من ملفات المنطقة والاقليم، الامر الذي يقطع الطريق على شروط نتنياهو التفجيرية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا