حديث صحيفة القدس: أي سلام وأي تقدم ؟!

أثناء استقبال الوفد الأميركي برئاسة جاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الاميركي، امس ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن السلام والأمن والازدهار في متناول اليد “فيما أغدق كوشنير المديح لنتنياهو وحكومته معتبراً انهما “حققا تقدماً” في الجهود المبذولة نحو دفع عملية السلام ومؤكدا عمق العلاقات الأميركية الإسرائيلية التي وصفها بأنها “أقوى من أي وقت مضى” شاكرا نتنياهو على “زعامته وشراكته” واشنطن، وهي تصريحات غريبة من الجانبين، والسؤال الذي يطرح هنا هو: أي سلام هو الذي يتحدث عنه نتنياهو ويعتبره في متناول اليد” وأين هو التقدم الذي أحرزته الحكومة الإسرائيلية في السير نحو السلام ؟
وكيف يمكن الحديث عن تقدم حققته الحكومة الإسرائيلية في الوقت الذي تواصل فيه الاستيطان غير المشروع وفي مختلف أنحاء الأراضي المحتلة ؟ وآخر ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية امس، بعد وصول كوشنير وطاقمه هو مخطط إسرائيلي لإقامة مستوطنة مدينية ومستوطنتين أخريين في منطقة “غوش عتصيون” بواقع ١١٥٠٠ وحدة سكنية جديدة ستقام وفق هذا المخطط في الأراضي المحتلة.
أي تقدم هذا في الوقت الذي تتواصل فيه معاناة الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال غير المشروع وممارساته بما في ذلك مصادرات الأراضي وهدم المنازل وعمليات الدهم والاعتقال والقتل، واستمرار الحصار الظالم لقطاع غزة مع كل تداعياته المأساوية .. الخ ؟!
وإذا كان الرئيس دونالد ترامب، كما صرح كوشنير ملتزم بإيجاد حل يؤدي إلى تحقيق الازدهار والسلام لجميع شعوب المنطقة فمن الأجدر بالإدارة الأميركية أن تعمل أولا على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس الشرقية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني.
وإذا كان نتنياهو يرى أن السلام في متناول اليد، فليثبت لنا هذه المقولة التضليلية، وكيف يمكن أن يكون السلام في متناول اليد وحكومته تقوم يوميا بترسيخ وتوسيع الاستيطان وتكريس الاحتلال والتحكم بمستقبل ومصير شعب بأكمله ومنعه من ممارسة حقوقه المشروعة ؟
إن ما يجب أن يقال هنا إن هذا التضليل الإسرائيلي المتواصل وهذا الانحياز الأميركي وتجاهل واشنطن للأسباب الحقيقية التي تحول دون تحقيق السلام، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، لن يسهما في التقدم نحو السلام ولا الازدهار والأمن لشعوب المنطقة. وإذا كانت الشراكة الأميركية الإسرائيلية تعني مواصلة تجاهل الحقائق والإمعان في ظلم الشعب الفلسطيني، فإن هذه الشراكة لن تسهم سوى في إطالة أمد الصراع وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
وإذا كان الهدف فعلا تحقيق السلم والازدهار فإن أول ما يجب أن تفعله الإدارة الأميركية هو إحياء الأمل لدى الشعب الفلسطيني بإعلان واضح وصريح تؤيد فيه حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني بما في ذلك القدس العربية المحتلة انسجاما مع قرارات الشرعية الدولية والحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني. فالسلام لا يصنع بعيداً عن الحق والعدل أو بعيدا عن الشرعية الدولية ومقرراتها.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا