ملف المصالحة كان حاضرا في محادثات تركيا ولكن؟

لا شك ان تركيا تعتبر لاعبا رئيسيا في المنطقة ومن اكثر الدول استقرارا من النواحي الاقتصادية والعسكرية والأمنية وهذا يعطيها هامشا واسعا من الحراك السياسي في الساحتين الاقليمية والدولية.
وحاولت تركيا ومنذ فترة ليست بالقصيرة ان تترك بصمات واضحة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني من نواحي متعددة سواء كان ذلك من ناحية الدعم السياسي للقيادة الفلسطينية والذي تجلى بالدور التركي الواضح في دعم فلسطين للحصول على اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطينية ومن خلال التركيز على حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية او من خلال ملف المصالحة بحكم علاقة تركيا مع القيادة الفلسطينية من ناحية وعلاقتها مع حماس من ناحية اخرى.
فأنقرة لم تقطع علاقاتها مع السلطة الفلسطينية على الرغم من علاقاتها المميزة التي نسجتها مع حماس وظلت على تواصل مع السيد الرئيس وتضعه في صورة كل ما تنوي القيام به في الساحة الفلسطينية وقد وجدت نفسها انها ربما تنجح في مقاربة اكثر توازنا في علاقاتها مع طرفي الانقسام حتى انها وجدت نفسها اكثر تفاعلا مع السلطة والمنظمة والرئاسة في هذه المرحلة، وبدا ان الدور التركي سيتجه اكثر فأكثر للقيام بدور الوسيط لإتمام المصالحة بعد ان كان يظهر بصورة “ألطرف” في السنوات القليلة الماضية.
زيارة السيد الرئيس الاخيرة الى تركيا فتحت افاقا جديدة في العلاقات التركية الفلسطينية مع تأكيد الجانب التركي على سعيه المتواصل في المحافل الدولية لتحريك الملف الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي إلا ان ملف المصالحة الفلسطينية والذي تحاول تركيا الدخول عليه بقوة قد يصطدم بعقبات كثيرة من جانب حماس التي رفضت كافة الحلول ووضعت العقبات امام تحقيقه وبدا ان تركيا قد تتمكن من القيام بضغوط على حماس لكنها وجدت صعوبات كبيرة في استجابة حماس بحكم دخول قوى جديدة على العلاقة مع حماس وهي على تناقض مع انقرة.
السيد الرئيس ابلغ القيادة التركية ان حركة فتح دائما جاهزة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وهذا يدخل في صلب استراتيجيتها التي تبنتها منذ انطلاقتها في الحفاظ على النسيج الوطني الفلسطيني والحفاظ على الوحدة الوطنية التي تجمع كل اطياف الشعب الفلسطيني، وان المطلوب من حماس ان تقوم بحل لجنتها الادارية التي اسست للانفصال وان تسلم الحكم في غزه للحكومة الفلسطينية، وهذه المطالب رفضتها حماس في اكثر من مرة ووضعت شروطا تعجيزية بل ان مطالبها باتت مستحيلة فحماس تنطلق من قاعدة استراتيجية لديها بأن انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة يعني نهاية حكمها الذي تعتبره بمثابة الكنز الاستراتيجي الذي اسس لمرحلة مهمة وحاسمة في تاريخ حماس وفي مشروع الاخوان المسلمين.
تحالفات حماس الجديدة في الساحة الاقليمية ربما تكون بل من المؤكد انها ستقطع الطريق على المشروع التركي الجديد في اتمام المصالحة، فهناك يقف دحلان وتقف العلاقة الجديدة مع مصر والتي حاولت تركيا تفكيكها كما ان حماس تعتقد ان منسوب الدعم السياسي واللوجستي التركي لها قد انخفض بتطبيع العلاقة بين تركيا وإسرائيل وبدا ذلك واضحا من خلال وضع تركيا لبعض القيود على قيادات حماس المتواجدة على اراضيها وطلبها لبعضا منهم لمغادرة الاراضي التركية.
قرار حماس في انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة مرهونا لقوى اقليمية وقد تشعب كثيرا دور هذه القوى وأصبح يحمل تناقضات وضعت حماس في حيرة من امرها في الانصياع لهذه القوى والتي تنطلق كل منها من خلال مصالحها في ضرب الوحدة الفلسطينية وتعتقد حماس انها وجدت نفسها في موقف متوازن مع القيادة الفلسطينية جراء الدعم الاقليمي والاصطفاف حولها لدرجة انها اصرت على عدم انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وتعتقد انها من خلال الوعودات الاقليمية بانها اقتربت من تبؤ مكانة في المنطقة الاقليمية وعلى حساب الشرعية الفلسطينية وهذه المعطيات جعلتها ترفض وبإصرار تحقيق المصالحة. وان تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام تعتبره حماس نجاحا سياسيا لقيادة الفلسطينية وهذا ما لا تريده حماس.
المشروع التركي للمصالحة وعدم استجابة حماس له سيلقي من جديد بظلاله على علاقة تركيا مع حماس وتتكشف حقيقة حماس ودورها في المنطقة.

خاص مركز الاعلام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا