معادلة: رائد الصالحي يتأبّى على التحقيق

بقلم: حمدي فراج

شهيد جديد يترجل في مخيم الدهيشة ، تقاسم مع الكوكبة الطويلة التي سبقته ، سحنة سمراء وعذاب لجوء ما انفك يتجدد منذ سبعين عاماً، ووصفة طبية مكتوب عليها “استلاب وطن مع سوء تغذية” تعهدت وكالة الغوث الدولية ان تبطل تأثيرها بعلب الساردين ثم سرعان ما تحولت الى علبة سردين من وطن اطلقوا عليه “غزة واريحا اولا”.
رائد الصالحي أصيب برصاصتين عاديتين من نوع دمدم، فجرت الأولى كبده، وترك ينزف دما فقيرا لحوالي ساعة، وبعد حوالي شهر لفظ انفاسه الأخيرة.
حضروا لاعتقاله ومعه رفيقه عزيز عرفه، بعد أن كانوا قد نجحوا في اعتقال خمسة اخرين واخضعوا للتحقيق في عسقلان، بتهمة التصدي للجيش عندما يقوم باقتحام المخيم، لماذا يقتحم الجيش المخيم ؟ لاعتقال مطلوبين بتهم التصدي للجيش، مين أول البيضة أم الدجاجة؟ حضروا قبل سنتين فتصدى لهم جهاد الجعفري، ثم مالك شاهين ثم براء حمامدة واليوم رائد الصالحي.
أصيب رائد بجراح خطرة، وترك ينزف، ثم تم اعتقاله فاقدا الوعي الى هداسا فورا، وهناك اجريت له عدة عمليات وهو مقيد القدمين، ولم يستطع المحامي من هيئة الاسرى ولا نادي الاسير الحصول على تقرير طبي عن حالته حتى يوم وفاته.
في المخيم يتحدثون عن جملة قصورات رسمية وغير رسمية ارتكبت بحق رائد، الاسير الجريح الشهيد، بما في ذلك القصور الصحي من وزارة الصحة والاعلامي الذي ضنت الفضائيات الموالية والمعارضة عليه تتبع أخباره على مدار شهر كامل ، ما ادى في يوم الاستشهاد الى ان يتم طردها من مكان العزاء.
لم يذهب رائد الى تل أبيب لتنفيذ عملية ، لم يحاول دهس جنود في مفرق عصيون الاستيطاني بسيارة غير قانونية، لم يعثروا في جيب بنطاله الوحيد على خنجر أو سكين فواكه، لم يكن مخربا أو إرهابيا وفق مفاهيم الامم المتحدة ولا حتى وفق مفاهيمهم التي تدعي التقدم والديمقراطية لكي يتم التعاطي معه على هذه الشاكلة الاجرامية، واليوم يحاولون معه ما فعلوه مع عشرات الشهداء بأن يحتجزون جثمانه لكي يستمروا في ممارسة أكاذيبهم وألاعيبهم وأحاييلهم التي سرعان ما تنطلي على وسائلنا الاعلامية فيعيدون نشرها.
ولمن لا يعرف، فإن رائد مع خمسة من إخوته يعيشون تحت سقف واحد مع زوج امهم اليهودي “داني” في المخيم منذ ما يزيد على عشر سنوات، ولهم شقيق منه أسمه يوسف وشقيقة اسمها تمارا، أحبهم وأحبوه، ووصل الأمر به أن قام بالاشتباك مع الجنود ليلة المجيء لاعتقال رائد. يجلس داني في المقدمة لتلقي العزاء بابنه الشهيد، ويسر لي بدمع لا يستطيع حجبه، انه زاره اليوم في المستشفى لآخر مرة.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا