لماذا تستهدف فتح؟..

منذ انطلاقتها في 1/1/1965 وحركة فتح في دائرة الاستهداف!. برزت هويتها أنها فلسطينية المنطلق، عربية المحتوى، عالمية الأبعاد ومشروع خارطة طريق للنضال الفلسطيني ترسم على أرض الواقع الحقائق حين كانت القضية الفلسطينية في ثلاجات النظام الرسمي العربي وأدراج الأمم المتحدة غطَّاها غبار الصمت الدولي.
تحملت حركة فتح المسؤولية الكبرى تجاه القضية المركزية للأمة العربية بكل مندرجاتها حيث استعادت الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وكرسّت فلسطين على الجغرافيا السياسة، وفرضت نفسها في المشهد السياسي العام بلا وصاية أو احتواء وتبعية، كانت على مقياس الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية، وترسخت قناعاتها أن تحرير فلسطين ليس بالشعارات والمراهنات الخاسرة.
وإن النظام الرسمي العربي كان يتهرب من مسؤولياته القومية متذرعاً باختلال التوازن مفضلاً الدخول بالأحلاف السياسية سداً أمام حركة التحرر العربية والمد الجماهيري القومي جسراً لعبور المشروع الصهيوأمريكي للمنطقة وشرعنة الاحتلال الإسرائيلي كجزء من مكونات المنطقة وهويتها وشطب القضية الفلسطينية وسلب الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني بمصادرة تاريخه ووجوده السياسي على أرض وطنه.
مع البدايات الأولى لتشكيل حركة فتح اصطدمت مع الإخوان المسلمين حين رفضوا ممارسة الكفاح المسلح ورفضهم لفكرة الثورة.
بقيت حركة الإخوان المسلمين في غزة يقتصر دورها الجهادي على الإرشاد والعظة وفكرهم السياسي لا يؤمن بالوطنية أو القومية، ولا بإقامة دولة فلسطينية حيث اعتقادهم أنها جزء من أرض الخلافة الإسلامية وعلى الفلسطيني الانخراط في المشروع الإسلامي والتحرير مؤجل.
المواجهة الثانية لحركة فتح كانت مع النظام الرسمي العربي الذي رأى بأنها فكرة قابلة لإشعال الحريق الكبير ولا بد من إطفاء شرارتها التي ستكشف المستور العربي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لقد زرعوا الألغام السياسية ووضعوا العصي في الدواليب، كما مارسوا الضغوطات بتشويه صورتها وفرض الإملاءات عليها لمعرفة هويتهم وأهدافهم. وفي موقف غير مسبوق أنشأت الجامعة العربية منظمة التحرير الفلسطينية تحت وصايتها وإدارتهم وصادرت قرارها المستقل، ظناً منها بقطع الطريق على حركة فتح وثورتها لأنها خارج بيت الطاعة، حتى جيش التحرير الفلسطيني تم إلحاق ألويته الثلاثة بالأركان المصرية والسورية والعراقية، أمام هذه الوقائع كانت الضرورة والحاجة استعادة منظمة التحرير الفلسطيني لأصحابها الشرعية في بيئتها وحاضنتها، وقد استردت الشرعية الثورية منظمة التحرير الفلسطينية وتم انتخاب القائد العام للثورة الفلسطينية الشهيد الرئيس ياسر عرفات رباناً لهذه السفينة الذي جسّد الوحدة الوطنية الفلسطينية واستعاد القرار الفلسطيني المستقل.
وأثمرت دماء الشهداء باعتراف عربي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
قدمت حركة فتح نموذجاً جديداً للعمل الوطني، تنظيم غير مغلق على نفسه وإطار يشرّع أبوابه لكل المناضلين الذين وجدوا بالتنظيم الجديد وسيلتهم وآمالهم وفكرتهم خاصة الذين لهم تجارب سابقة، لقد أعادت حركة فتح الأمل من جديد وأوجدت التوازن النفسي والمعنوي والأخلاقي للآلاف من المناضلين الذين انخرطوا في صفوفها ومارسوا دورهم النضالي الوطني.
المواجهة الثالثة لحركة فتح اصطدمت مع باعة الأكشاك النضالية الذين يقفون بالطابور أمام المؤسسات الأمنية والسفارات يرفضون شعاراتهم مثل الألبسة المستعملة ويغيّرون جلودهم مثل الأفاعي، يشكلون البدائل الوهمية أو يعلنون انشقاقهم خدمة لأسيادهم وباؤوا بالفشل وذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وفي كل مرة كانت فتح تزداد صلابة وقوة وتتوسع دائرة علاقاتها وتكبر قدراته على كل المستويات، وحدها امتلكت وضوح الرؤيا ودوماً بوصلتها نحو فلسطين ولا تخشى لومة لائم أمام موقفها وقراراتها، وبات يدرك جميع هؤلاء أن فتح ليست رقماً عددياً أو مشروعاً في جيب أحد، ولا تقف بالطابور أمام الصراف الآلي لهذا النظام أو ذاك، كما تيقنوا أن فتح حركة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه وشرائحه الاجتماعية، لا تستدير إلى اليمين أو الشمال لأن فلسطين أولاً وثانياً وثالثاً.
أليست أم الوطنية الفلسطينية؟ وتكرس نفسها للكل الفلسطيني، أليست حامية المشروع الوطني الفلسطيني، ووحدها تحمل مفاتيح الصراع وتحدد أولوياته؟
أليست هي فتح بثورتها وإثبات هوية الشعب الفلسطيني على أرضه قد غيرت المعادلات والموازين وقد أفشلت المشروع الصهيوني وأحلامه بإقامة دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل.. لقد أصبح الرقم الفلسطيني في معادلة المنطقة خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا أمن ولا استقرار في العالم ما لم ينل الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة وفق قرارات الشرعية الدولية خاصة القرار 194.
ربطاً بالموضوع فإن وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان على صفيح ساخن، ليس بريئاً أو نتاجاً لحالة الاختناق الاجتماعي والاقتصادي، إنما جزء لا يتجزأ من الصراع الإقليمي وتداعياته على الوضع الفلسطيني آخذين بالاعتبار الجماعات الإرهابية التي ترتبط فكرياً مع مشروع الإرهاب في المنطقة وهم العبوة المؤقتة التي قد تنفجر في أي لحظة أو بالريموت كنترول داخل المخيمات الفلسطينية وبشكل خاص عين الحلوة لرمزيته، فالممّول والحاضن يمسك بيده ساعة التفجير، والتقاء مصالح الإرهابيين مع بعضهم البعض يشكلون جبهة خصوم واحدة يصوبون بنادقهم على المشروع الوطني الفلسطيني من جهة وتقسيمه بين الداخل والخارج. وإظهار حركة فتح أنها عاجزة وغير قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني وإفشال المشروع السياسي الفلسطيني، وفي لحظة الحقيقة لديهم سيدركون أن مشروعهم قد سقط وإلى زوال.
لقد انكشفت عوراتهم وزيف شعاراتهم، لقد وضعوا أوراقهم في سلال إقليمية، ويراهنون على أحصنة خاسرة.
مهما تكن الاستهدافات فإن حركة فتح ستبقى أم الصبي، هي المشعل والراية، وبالصبر والثبات والصمود سيبزغ فجر الحرية ودماء الشهداء تكتب يوميات فلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس.

خاص مجلة “القدس” العدد 342 تشرين اول 2017
بقلم: يوسف عودة

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا