فوضى ترامب

بقلم: ماهر حسين

تقود الولايات المتحدة الأمريكية العالم منذ سنوات بشكل منفرد وبشكل خاص منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي كقوة عظمى ، وبحكم قوة الولايات المتحدة وسطوتها الدولية تتمتع بعض الدول التابعة لها والقريبة منها بنفوذ أكبر من الشرعية الدولية والقانون الدولي والمثال الأكبر هو إسرائيل ، فإسرائيل أكبر من القانون وأكبر من الأمم المتحدة وأهم من الإجماع الدولي وأعلى من الجمعية العمومية لأنها حليف أساس وإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي هي فوق القانون والمحاسبة طبعا” في المقابل تجد العديد من الدول التي تعاني الفقر والتخلف والحصار بسبب عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن مواقف وسياسات هذه الدول.

نحن في فلسطين تجمعنا علاقة غريبة مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي بالنسبة للشباب الفلسطيني كانت وما زالت تُعتبر الٌحلم والأمل حيث هناك رغبة كبيرة لدى العديد من أبناء شعبنا في الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية لبدء حياتهم ، وفي الحقيقة فإن الكثير من أبناء شعبنا قد صنعوا قصة نجاحهم بعد هجرتهم الى الولايات المتحدة الامريكية فلقد تعلم الكثير من أبناء شعبنا في أمريكا وباتوا من القامات العلمية التي نعتز بها وكذلك نجح العديد من الشباب الفلسطيني بأن يجعل من هجرته الى أمريكا نجاح كبير في عالم الأعمال والتجارة والمال .

طبعا” في المقابل ساهم العديد من أبناء شعبنا بشكل إيجابي في تعزيز التنوع الثقافي في أمريكا وهناك قصص نجاح مميزة في مجالات الحياة الثقافية والسياسية والإقتصادية الأمريكية ونتحدث بفخر عن الدكتور إدوارد سعيد وعن رشيدة طليب وغيرهم الكثير الكثير .

وعندما نتحدث عن النجاحات الفلسطينية والعربية في أمريكا فيجب التوضيح بإن كل ما قدمه الفلسطيني والعربي من إثراء للحياة في الولايات المتحدة الأمريكية كان بمبادرة فردية بعيدا” عن أي جهد منظم و بعيدا” عن أي عمل مؤسسي ولهذا لم يتحول الدور الفلسطيني والعربي الى قوة ضغط سياسي على القرار السياسي هناك .

ومن غرائب العلاقة الفلسطينية الأمريكية بأنها محسومة نظريا” من خلال إعتبار أغلب الأحزاب والمنظمات الفلسطينية للولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة منحازة وداعمة لإسرائيل وغير محايدة وهذا طبيعي بحكم العلاقات الإسرائيلية الأمريكية الوثيقة وهو أمر صحيح نظريا” تماما” ولكن هذا لا يمس بأهمية الولايات المتحدة الأمريكية في التسوية السياسية ولهذا سعت القيادة السياسية ومنذ سنوات لمحاولة تعديل وتحييد الموقف الأمريكي ولو بشكل نسبي من خلال شرح الموقف الفلسطيني .

تم إيجاد قنوات إتصال مباشر وغير مباشر مع أمريكا حتى وصلنا الى الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ولهذا الإعتراف مقابل سياسي تمثل أساسا” في القبول الفلسطيني لقرارات الأمم المتحدة وكذلك الإعتراف بإسرائيل.

طبعا” ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم بناء المؤسسات في فلسطين وبشكل خاص بعد إتفاق أوسلو وقام الرؤساء الأمريكان بزيارة فلسطين وتم إستقبالهم رسميا” في بيت لحم بشكل خاص .

كل ذلك وأكثر من ذلك بات من الماضي بعد أن تسلم الرئيس ترامب كرسيه في البيت الأبيض ، علما” بأنه وفي بداية فترة الرئيس ترامب كان هناك شعور بإمكانية أن يقوم الرئيس الأمريكي بإيجاد حل سياسي مقبول للطرفين حتى ولو كان هذا الحل يحمل إسم صفقة وهو لفظ تجاري .

ومع كل مواقف ترامب المرفوضة والتي لن نقبلها هناك وعي سياسي لأهمية الحوار مع أمريكا ، وحتما” يجب أن يكون هناك قناة حوار في مكان ما وفي طريقة ما مع أمريكا وهذا لا يعني التنازل عن حقوقنا فنحن أصحاب حق بل نحن نطالب بالحد الأدنى من حقوقنا التي تتمثل بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية ليتحقق السلام .

وبالمختصر نقول …

السلام لا يتحقق بإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل والسلام لا يتحقق بضم الجولان لإسرائيل وكل ذلك مرفوض رسميا” وشعبيا” وكل ذلك يجعل من فرص تحقيق السلام تتراجع وبالتالي يكون القادم فوضى.

فبديل السلام هو الفوضى التي لا تٌفيد أي طرف .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا