الرئيسيةمختاراتمقالاتنتنياهو في مهب الصراعات

نتنياهو في مهب الصراعات

بقلم: حافظ البرغوثي

دخل الوضع السياسي في دولة الاحتلال في أزمة معقدة قد تنتهي بانتخابات هي الرابعة خلال أقل من سنتين؛ بسبب الخلاف بين الشريكين بنيامين نتنياهو وبني جانتس حول إقرار ميزانية لمدة سنتين وفق الاتفاق الثنائي للمناوبة على رئاسة الحكومة بينهما.
ويريد نتنياهو إقرار ميزانية حتى نهاية العام فقط، بينما يطالب جانتس بسنتين، حيث يرى نتنياهو أن هذا سيتيح لجانتس تولي الحكومة في العام المقبل، ولا يبدو أن نتنياهو كان يفكر بتسليم الحكومة لشريكه وتنفيذ الاتفاق بينهما، فهو يحاول فك الشراكة؛ لأن الأمور لا تعمل لصالحه. فهناك أزمة جائحة «كورونا» التي استفحلت مجدداً، وباتت الإصابات بالنسبة لعدد السكان الأكبر في العالم، كما أن مليون عاطل عن العمل لازموا بيوتهم، ولم تنفع جرعات المساعدات التي أقرت في حل الأزمة الاقتصادية، بل فاقمت العجز في الميزانية، إضافة إلى أن سيف المحاكمة المتسارعة لنتنياهو بمعدل ثلاث جلسات أسبوعياً في مطلع العام المقبل يعني أن نتنياهو فشل في إخضاع حكومة موالية له تقر القانون الفرنسي الذي يمنع مقاضاة رئيس الحكومة ما دام على رأس منصبه.
وقد فشل أيضاً في تنفيذ شعاره الانتخابي الذي رفعه على مدى ثلاثة انتخابات متوالية بضم أجزاء من الضفة، وقال قبل أيام، إن القرار بشأن الضم في يد واشنطن، وهو يعلم أن الرئيس ترامب منشغل بأمور أكثر إلحاحاً بالنسبة لمستقبله السياسي هو الآخر، وأن الضم لن يفيده انتخابياً ما دام اليهود ينتخبون المرشح الديمقراطي دوماً.
لهذا بدأ اللوبي اليهودي المساند لنتنياهو حملة لإيهام ترامب بأن الضم يزيد من فرصه في الفوز في الانتخابات، لكن اللوبي الإنجيلي الصهيوني هو الآخر منهمك في الشؤون الداخلية الأمريكية وليس ««الإسرائيلية»» حالياً، فيما الخلاف على أشده بين السفير فريدمان المؤيد للضم الفوري وجاريد كوشنر الذي يعارض تنفيذاً جزئياً لصفقة القرن وترك عناصرها الأخرى أي التفاوض مع الفلسطينيين وتبادل الأراضي مقابل الضم. وقد زاد مستشار الأمن القومي الأمريكي المستقيل جون بولتون من قلق نتنياهو عندما صرح لصحيفة ««إسرائيلية»» بأن ترامب سيدير ظهره ل««إسرائيل»» في حال انتخابه ثانية.
الأزمة السياسية باتت معقدة، وقد ألغي الاجتماع الأسبوعي للحكومة لأول مرة في تاريخ الاحتلال بعد عدم الاتفاق على جدول الأعمال، وبعد أن تأكد حزب (أزرق أبيض) من أن نتنياهو غير راغب في إكمال المناوبة على رئاسة الحكومة، بل يسعى إلى تشكيل حكومة ضيقة، وبذَل جهوداً مضنية لاستقطاب نائبة من الحزب المذكور وهي من أصول مغربية، ويحاول الآن مع نائبة من الحزب نفسه من أصل إثيوبي.
وفي حالة تم له ذلك سيفك الشراكة ويشكل حكومة يمينية ضيقة تتيح له أن يفعل ما يشاء، وهو يعتقد أن تاريخ السادس والعشرين من الشهر الحالي الموعد الأخير لإقرار الميزانية سيعني حل الكنيست والحكومة معاً في حالة عدم إقرارها، وبالتالي تولي جانتس رئاسة الحكومة إلى حين إجراء انتخابات، لكن نتنياهو يرمي إلى الالتفاف على ذلك بحل الكنسيت والبقاء كرئيس لحكومة انتقالية ثم حلها وتشكيل حكومة ضيقة؛ لأن الانتخابات ليست في صالحه وفقاً لاستطلاعات الرأي التي تحمله مسؤولية جر الناخبين للانتخابات أكثر من مرة، كما أن شريكه جانتس هو الآخر لا يرى أفقاً سياسياً له، ولا يرغب في انتخابات جديدة بعد أن فك شراكته مع حليفيه القويين الجنرال يعلون ويائير لبيد، والأخير مرشح أن يشكل الكتلة الكبرى في الانتخابات المقبلة بعد الليكود.
أما الأحزاب الدينية، التي رفعت من تمثيلها في الكنيست إثر الانتخابات الأخيرة وحاولت التوسط بين جانتس ونتنياهو، فإن انتخابات في هذه المرحلة تتقاطع مع مصالحها، ومن شأنها أن تهدد الشراكة طويلة الأمد التي تجمعها مع نتنياهو، بما في ذلك عدم التوصية به رئيساً للحكومة وعدم الالتزام بدعمه وتفكيك كتلة اليمين التي قد يطمح نتنياهو إلى تشكيلها مستقبلاً.
أما رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، الخبير في نفسية نتنياهو، فقال: «من شاهد نتنياهو يدفع مقابل رغيف شاورما في الرملة، عليه أن يدرك أننا في ذروة حملة انتخابية»، وأضاف: «نتنياهو عمل جاهداً لاستمالة أعضاء كنيست من (أزرق أبيض) ومن المعارضة للانضمام إليه وتشكيل حكومة ضيفة، وعلى ما يبدو، فشل في ذلك.
وأضاف ليبرمان: «إذا لم ينجح نتنياهو بذلك، فإنه سيهرول لإتمام صفقة ادعاء لمنع محاكمته في قضايا فساد. وهذا يفسر عدم الاستقرار في طاقم الدفاع عن نتنياهو الذي يرفض أن يدفع مصاريف المحامين الموكلين بالدفاع عنه».

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا