مقاربة بين اتفاق كامب ديفيد وأبراهام

بقلم: أحمد الأسطل

وقعت مصر اتفاق كامب ديفيد عام 1978 مع الكيان الصهيوني بعد مفاوضات استمرت خمس سنوات، أدت إلى إنهاء حالة الحرب وإعلان اتفاق سلام بين الطرفين، جاء هذا الاتفاق لتحقيق رغبة الرئيس المصري محمد السادات الذي كان يبحث عن مكانة تاريخية لحقبته الرئاسية وعن إنجازات سياسية تخلده من وجه نظره فالرجل كان يفضل الشهرة والنجومية، ولتحقيق ذلك بدأ سياساته بالقضاء على القوميين وأنصار الراحل جمال عبد الناصر وفك الشراكة الإستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي والتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية ووقف الحرب عام 1973 رغم قدرة الجيش المصري على الاستمرار وتحقيق إنجازات ميدانية تعطي قوة للجانب المصري في إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني.

بينما وجد بن زيد نفسه الوجه الآخر للسادات، فالرجل منذ توليه مقاليد الحكم وإخفاء شقيقه الأكبر رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد والسيطرة على حكم الإمارات، بدأ بالعمل على تحقيق رغبته السياسية بأن يصبح ذي قوة ونفوذ في الإقليم وليحقق رغبته انتهج عدة سياسات، منها: التفرد في السلطة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والخروج من سياسة الحياد التي انتهجها والده الشيخ زايد وتعزيز التبعية للولايات المتحدة والاستسلام للكيان الصهيوني والدخول في اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني.

كانت الولايات المتحدة الوسيط في كلا الاتفاقين، كامب ديفيد وأبراهام، رغم أنها ليست طرفا محايدا بل شريكا للكيان الصهيوني, وهذا يعني قبول الشروط الإسرائيلية لتوقيع اتفاقات السلام، وأهمها التخلي عن دعم القضية الفلسطينية، وكان لذلك نتائج سلبية على القضية الفلسطينية :

أولا: بتوقيع اتفاق كامب ديفيد خسرت فلسطين أكبر قوة عسكرية عربية داعمة لها، وهو ما يفسر تراجع قدرات الفلسطينيين العسكرية بعد خروج مصر من الصراع وبقاء الفلسطينيين وحدهم في الميدان، وكان ذلك واضحا في حصار بيروت عندما ضغطت الدول العربية على منظمة التحرير للقبول بالوساطة الأمريكية والخروج من بيروت وتشتيت القوات الفلسطينية في البلدان العربية، بدلا من دعم منظمة التحرير على الصمود ومواجهة إسرائيل، وبذلك تكون أهم نتائج

كامب ديفيد هي إبعاد القوة العسكرية الفلسطينية عن الحدود الفلسطينية وتوفير الأمن للكيان الصهيوني على كافة الجبهات الحدودية الجنوبية والشرقية والشمالية.

ثانيا بتوقيع اتفاق أبرهام خسرت فلسطين القوة السياسية والدبلوماسية العربية، ذلك لأن الإمارات منذ الاضطرابات العربية عام 2011 بدأت تتوغل في البلدان العربية حيث أصبح لها نفوذ قوي ومؤثر على صناعة القرار في السعودية والبحرين والسودان واليمن وغيرها من الدول العربية، وبالتالي عندما توقع الإمارات اتفاق أبراهام سوف تتبعها العديد من الدول العربية، وخروج الدول العربية من الصراع يُفقد الفلسطينيين القوة السياسية والدبلوماسية في إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني، كما يُفقد الفلسطينيين القوة السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية وهذا يعني ضعف الدعم السياسي والدبلوماسي للفلسطينيين في المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة في ظل اعتماد القيادة الفلسطينية على المقاومة القانونية.

رغم التقارب بين الاتفاقين إلا أن هناك فارق جوهري بينهما، إذا أن اتفاق كامب ديفيد أخرج مصر من دائرة الصراع، لكن مصر منذ الاتفاق حتى اليوم لم تدخل في تطبيع كامل للعلاقات مع الكيان الصهيوني واشترطت بأن التطبيع مرهون بتحقيق دولة فلسطينية، والتطبيع مهم جدا للكيان الصهيوني خاصة في المجال الاقتصادي والثقافي ولربما التطبيع بالنسبة للكيان أهم من العلاقات السياسية والدبلوماسية لذلك ما زالت إسرائيل تدخل في حروب غير مباشرة مع مصر أهمها الحرب المائية والتي بموجبها تقدم إسرائيل الدعم لأثيوبيا من أجل إضعاف مصر وإجبارها على التطبيع بدون إقامة دولة فلسطينية.

بينما اتفاق أبراهام هو اتفاق سلام يشمل التطبيع بشكل كامل وإخراج التطبيع من السرية إلى العلانية، فقد سبق اتفاق أبراهام تطبيعٌ سري بين الإمارات والكيان الصهيوني، وهنا تكمن الخطورة إذ حصل الكيان الصهيوني على مكاسب سياسية واقتصادية وثقافية وفي كافة المجالات دون أن يقدم أي تنازل لصاح القضية الفلسطينية والخطورة الأكبر هو التحاق الأقطار العربية بالسياسة والنهج الإماراتي.

إن إعلان الإمارات أن الاتفاق يشمل تجميد الضم ما هو إلا وهم لتبرير الاتفاق ويذكرنا بخطاب السادات في الكنيست عندما قال: السلام في المنطقة سلام شامل ويقوم على تحقيق دولة فلسطينية وهو ما لم يتحقق حتى اللحظة, وبالتالي لن يكون في الاتفاق تجميد ولن يقف الكيان عن الضم فهو مستمر بالضم بشكل علاني وسري وميداني.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا