الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمملّوح وبطّاش رحلا وبقيا

ملّوح وبطّاش رحلا وبقيا

بقلم: بكر أبوبكر

عبدالرحيم ملوح وعوني بطاش قائدان فارقانا قبل نهاية هذا العام المستفز عام 2020 م، رحمهما الله.

فإن كان عبدالرحيم ملوح القائد التاريخي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد مثّل خطًا فكريا متوازنا ومستنيرا في الجبهة، فإنه جعل من خط الوعي الوحدوي بفكره التقريبي وخاصة في أواخر أيامه حيث عاصرته بالوطن وفي فترة وجوده في اللجنة التنفيذية جعله شعارًا مطبقا.

ملّوح هو الذي طالما كان يردّد وراء جورج حبش مقولته الشهيرة عن ياسر عرفات أنه مَن قد نختلف معه ولكن لا نختلف عليه.

اما الراحل عوني بطاش (أبومحمد) فلقد تواجد سفيرا في الكويت في مرحلة دقيقة من مراحل الثورة الفلسطينية واستطاع بقيادة عضو مركزية فتح ومعتمد الاقليم حينها سليم الزعنون، وشخصية أبومحمد المتوازنة والمحبّبة وكل قيادة الحركة في الكويت أن يتجاوزوا عقبة الغزو العراقي بأقل الخسائر.

ربما لم تكن مخالطتي الشخصية القريبة مع الراحل عبدالرحيم ملوح طويلة، وإنما كانت في حقيقتها ضمن عدد من الندوات واللقاءات التي جمعتنا، وفي مطالعاتي لما كتبه بفكر ثوري صلب فترة الاعتقال الصهيوني له، إلا أن فضائل الرجل في السياق الفلسطيني والجبهوي لطالما رددها بمحبة أحد قيادات الجبهة الميدانيين من إصدقائي وهو الاخ ناصر أبوعزيز القيادي السابق في اتحاد الطلاب، الذي كان بالمثل يشابهه ديمقراطية وانفتاحا ووحدوية وحرصا .

مثلت وحدوية ملّوح وحدوية عزّ نظيرها، وهي لدى كثير ممن يفترضون بأنفسهم قادة منبوذة فلا يتحملون كلمة نقد واحدة لآرائهم أو مواقفهم، أو يعتبرون النقد في موضعه سُبة لا لشيء الا لأن صورة هذا القائد اهتزت!

أما عوني بطاش فكان لي معه تاريخ جميل ومثير لا سيما أننا تواجدنا معاً في المكان والزمان،فهو كان مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت ثم سفيرا لدولة فلسطين فيها فترة دراستي الجامعية بالهندسة المدنية ثم رئاستي لاتحاد الطلاب فوصولي لعضوية لجنة إقليم فتح.

لقد مثلت السنوات التي جمعتني واخوتي بالطلاب والإقليم والكوادر مع الراحل حالة من الحراك الجميل الوقع، والصراع والحوار المعروف في حركة فتح في إطار ممارسة النقد والنقد الذاتي وتحقيق الإنجاز بكفتي اليدين، وذلك ما كان يحصل بين كوادر التنظيم، وخاصة الطلاب والشباب، ومكاتب المنظمة -او السفارات لاحقًا- بما فيها من توترات شد وجذب وعبوس قليل وابتسامات كثيرة، وتسابقات على القيام بالنشاطات والأعمال ودعمها.

صراعاتنا الصغيرة المرتبطة بالسن والتجربة بحقيقتها كانت صراعات على الأدوار والقرارات وحجم دعم النشاطات وتجاذبات اقترنت بالاولويات ورؤية الصورة من حيث تكون أو رؤية الصورة الكاملة وللطلاب دومًا أولوية مختلفة.

في تجربتنا الطلابية الثرية وفي الإقليم بالكويت، ومع أخوة مازالوا على العهد هناك أو ممن توزعوا عبر العالم، مثلت التجربة كما مثّل كل من سليم الزعنون وعوني بطاش ورفيق قبلاوي (الشهيد أمين سر الاقليم) استثناءً حقيقيا.

مثّل عوني بطاش رحمه الله استثناء كما قلت، وذلك لأن العلاقة معه كانت تتميز بعوامل ثلاثة هي:

أنها كانت علاقة مرتبطة بالالتزام بقرارات الحركة ممثلة بالاقليم والمعتمد، وهذه مظلة هامة كانت تحتوي كل التوترات أو الخلافات المحدودة أو التجاذبات التي تقع بين السفير والطلاب.

وثانيا كانت العلاقة محكومة بإيمان طاغي من عوني بطاش كما كان منّا بضرورة خدمة الطلاب والجالية وعبر الأطر المختلفة وإن اختلفت الأولويات في مجال معين عن غيره، مضافًا اليها انعكسات محاور حركة فتح على الطلاب التي مازالت تحيط بالطلبة حتى اليوم.

اما ثالثا فلا يمكن أن ننكر الاحتضان الدافيء والتعاون الهام والدعم الكبير والأخلاق والقيم الأبوية التي كانت تتمثل بشخصية أبومحمد رحمه الله وهي الشخصية الوفية التي لم تفارقه حتى عندما انتقل الى مواقع أخرى سفيرا في دول مختلفة.

رحم الله الشهداء جميعا ورحم الله الشهيدين اللذان رحلا عن الدنيا وبقيا فينا، فهما كانا بحق علامات في مسيرة ثورة ممتدة عبر أجيال لن تنطفيء شعلتها مادام فينا زهرة أو شبل يصرخ باسم فلسطين ويستجيب لدعوة الخالد ياسر عرفات بأنه سيرفع العلم في القدس المحررة، وعلى كامل أرض فلسطين.

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا