تقرير: “كورونا” تزيد من أوجاع المقدسيين الاقتصادية

* الاحتلال أرغم تجارا على دفع الضرائب رغم توقف مبيعاتهم خلال الجائحة

* دنديس: هذا هو العام الأصعب وتوقف السياحية داخليا وخارجيا عمق الأزمة

* سعادة: مؤسسات المدينة تواجه خطر الإفلاس والمطلوب برنامج وطني لانقاذها

* دعيبس: سياسات احتلالية متعمدة لعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني وفرض الضرائب الباهظة

* 420 محلا لبيع الحرف الشرقية والسنتواريه توقفت مبيعاتها لاعتمادها على السياحة

* 1500 محل تجاري في البلدة القديمة تضررت بشكل كامل خلال فترة الجائحة

“كان وضع التجارة داخل أسواق البلدة القديمة في القدس حتى نهاية 1980 مستقرا لتدخل تدريجياً في تدهور ملحوظ حتى وصلنا لليوم بأن تكون القدس قد انعزلت تماماً عن مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والعالم الخارجي”، يقول الحاج مروان الأشهب صاحب محل لبيع الملابس السنتواريه.

ويضيف الأشهب لـ”الحياة الجديدة” والذي يقع محله في سوق الدباغه داخل أسوار البلدة القديمة والذي توارثه عن الأجداد والآباء منذ نحو 100 عام” قبل عشرات السنين كان المواطنون يتوافدون إلى المحل من كل المحافظات، ويشترون مستلزماتهم منه في المناسبات الدينية الاسلامية والمسيحية لساعات متأخرة”.

وتابع حديثه بوجه ارتسم على ملامحه الحزن” بعد أحداث متعددة وتصعيدية من قبل سلطات الاحتلال من بناء لجدار الضم والتوسع الاستيطاني حول مدينة القدس وعزلها بوضع النقاط العسكرية بين كل حي وآخر، الى ذلك الضغط على صمود المواطنين من فرض للضرائب، لنصل اليوم لجائحة الكورونا واستمرارية الاغلاقات بدأت أستغل الوجود داخل المحل من أجل التهويه لمدة ثلاث ساعات على الأقل ليصبح خالياً من المشترين.

الجائحة تزيد الأوجاع

فقد زادت جائحة كورونا من معاناة المقدسيين اقتصادييا خلال العام 2020، لتضاف إلى سلسلة ضغوطات اقتصادية ومعيشية يعيشونها في ظل إجراءات الاحتلال الرامية لتهويد المدينة وتغيير الهوية الثقافية والتاريخية والحضارية لأحياء وشوارع وأسواق البلدة القديمة، وذلك عبر خطوات وقرارات طاردة مثل رفع وتيرة الضرائب، وتحرير المخالفات المالية، وفرض الاغلاقات المتكررة خلال العام، في ظل غياب الانعاش الاقتصادي خلال فترة الأعياد المسيحية والاسلامية بذريعة السلامة العامة نتيجة تفشى الفايروس.

حيث فرضت سلطات الاحتلال خلال عدة شهور قيودا مشددا على أصحاب المحال التجارية، بمنعهم استقبال مواطنين يزيد عددهم عن العشرة، إضافة لمنع استقبال مواطن في حال عدم التزامه بإرتداء الكمامة بفرض غرامة مالية لصاحب المحل، لتتطور الأمور بمنع أصحاب المطاعم من استقبال المواطنين والاكتفاء بالبيع والأكل خارج المطعم (التوصيل المنزلي)، إضافة لذلك مطالبة كل صاحب محل بوضع لوح زجاجي عازل وترك مسافات بين البائع والمشتري.

وأخذت قوات الاحتلال من كورونا ذريعة لممارس ضغط إضافي على أصحاب المحال من خلال مراقبتهم ومراقبة حركة المواطنين في شوارع المدنية ومطاردة البعض في حال قيامهم بإنزال الكمامة لاستنشاق الهواء رغم ترك المسافات فتحرر لهم مخالفات بهظة.

استغلال لظروف الجائحة

واستغل الاحتلال الجائحة لتغيير الأسماء العربية التاريخية في شوارع القدس وكان آخرها باب العامود، وداخل أسواق البلدة القديمة، إضافة لنشر المخططات والضم التجاري في أحياء القدس وتحديداً في المنطقة الصناعية بوادي الجوز وربطها بشوارع أخرى من المدينة، أيضا لخلع الحجارة التاريخية في شوارع القدس وعند مقبرة اليوسيفية .

حيث يعمل المواطن المقدسي من جهة والتاجر من جهة أخرى للصمود والثبات لما تبقى لهم من إرث تركه الأجداد والآباء لاستكمال البقاء على هذه الأرض المقدسة الذي تعمل سلطات الاحتلال لإخفاء أي كلمة تتعلق بفلسطين داخل مدينة القدس.

توقف السياحة الداخلية والخارجية

أما عضو لجنة تجار البلدة القديمة في القدس أحمد دنديس يقول :” كانت البلدة القديمة في السابق المركز التجاري، ولكن بعد جدار الفصل العنصري انقط التواصل بين المدينة ومناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، ليصبح اعتماد أسواق البلدة القديمة على السياحة الخارجية وسكان أهل الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بالإضافة إلى بعض الانتعاش خلال شهر رمضان المبارك، والاعياد الاسلامية والمسيحية، مشيرا إلى أن عام 2020 كان الأصعب على القدس بسبب توقف السياحة الداخلية والخارجية ليصل التاجر المقدسي إلى وضع صعب جداً.

يضيف دنديس” في البلدة القديمة نحو 1500 محل تجاري تضرر بشكل كامل خلال فترة جائحة كورونا، منها أسواق: والخواجات، واللحامين، والعطارين، وباب السلسلة، إضافة إلى تضرر نحو 420 محلا لبيع الحرف الشرقية والسنتواريه التي تعتمد مبيعاتها على السياحة الخارجية، إضافة للضرائب التي تفرض على صاحب المحل، من الارنونا سواء اغلق المحل او تم فتحه إذ يتم دفعها وهذا زاد من أعباء التاجر، إلى جانب ذلك الفواتير الأخرى، الذي يدفعها التجار مثل الكهرباء، وبضاعة، ولكن مع الاغلاقات المستمرة لم يستطع التاجر ان يجلب المال بسبب غياب المشترين مما اضطر لاغلاق بعض المحلات.

وسلط دنديس الضوء على تحرير المخالفات المتكررة من قبل سلطات الاحتلال بحجة عدم الالتزام البعض بإجراءات الاغلاقات خلال هذه الفترة تتجاوز قيمة المخالفة ما بين الـ1000-5000 شيقل، ولكن التاجر بعد الاغلاقات لاشهر وايام كان يضطر لفتح من أجل عملية التهوية لكن شرطة الاحتلال كانت تتعمد ملاحقتهم عبر متابعة الكاميرات المعلقة في الأحياء والشوارع.

وتابع” المحال في البلدة القديمة كانت تفتحت أحيانا خلال فترة جائحة كورونا كونها مصدرا لأهل البدة من أجل التزود باحتياجتتهم، بينما المواطن المقدسي من أحياء القدس لا يصل اسواق البلدة خوفاً من تحرير المخالفات او الملاحقة مما يضطر المواطن من الشراء من شارع صلاح الدين او السلطان سليمان، او المصرارة، لتصبح شوارع البلدة القديمة خالية من مواطنيها وهذا ما تسعى له سلطات الاحتلال”.

ويضيف” المتطرفون اليهود يتجولون في شوارع القدس واتخذوا من بعض الأزقة في البلدة مكانا لصلواتهم التلموديه خلال فترة الأعياد اليهودية، ومع ذلك لم تحرر لهم مخالفات ولم تتخذ بحقهم أية إجراءات، بل على العكس من ذلك يتم تأمين دخولهم”.

ويؤكد أنهم بذلوا جهودا خلال الجائحة من أجل انعاش السوق والوقوف الى جانب التاجر، من خلال الإعلان عبر صفحات التواصل الاجتماعي لدعوة المواطنين لأحياء السوق والشراء لو بقيمة (10 شواقل).

وخلص إلى القول أن القدس مستهدفة بشكل واضح وأن سلطات الاحتلال تستغل كافة الظروف لاستكمال مخططها التهويدي، منها ازالة البلاط الاثري، ونبش للقبور، وتغيير اسماء شوارع وكان اخرها منطقة باب العامود، والمخطط التجاري الاسرائيلي في منطقة وادي الجوز بالقدس المحتلة.

مؤسسات مقدسية مهددة بالإفلاس

بدوره ركز رائد سعادة رئيس التجمع السياحي الفلسطيني المقدس في حديثه على ثلاث نقاط تتعرض لها مدينة القدس وهي: واقع القدس وعلى ماذا تعتمد وكيفية بناء مستقبلها بشكل صحيح، والعمل على ثبات وصمود المواطنين فيها، إضافة لطبيعة السياحة الموجودة في المدينة وتأثرها في ظل ممارسات الاحتلال، وارتباط القدس بالسياحة ومعركة الصراع على الهوية المرتبطة بالتراث الثقافي.

يقول سعادة، بأن القدس تعتمد بشكل أساسي على القطاع السياحي والمشكلة الأساسية كانت في السابق استمرارية حصار القدس وعزلها عن قراها ومدنها بقطع الأوصال نتيجة بناء جدار الفصل العنصري وانتشار الحواجز الشرطية الاسرائيلية.

يضيف،:” بسبب جائحة كورونا في العالم والقدس بشكل خاص تراجعت المؤسسات السياحية مما وجهت ضربة قاسية لها بسبب الركود”.

وتابع” في عام 2020 الفنادق خالية من السواح الأجانب والزائرين المحليين، وتراجعت أعداد الزوار خلال فترة الاعياد الاسلامية والمسيحية حيث وصلت لدرجة الصفر مما اضطر عشرات الفنادق لتسريح العمال واغلاق فنادقها بسبب تراجع قدرتها المالية على دفع رواتب للموظفين وإصابة آخرين بالفايروس، ما تسبب بتعطيل نحو 1000 موظف.

وأوضح ان المؤسسات السياحية تعاني من ديون للبنوك، وصيانة مستمرة وخاصة بعد اغلاقها لمدة عام، واختفاء الدعاية والاعلان والترويج من أجل استنهاضها، مشيرا إلى أن ايرادات السياحية الخارجية للقدس صفر نتيجة لتعطيل المطارات والحدود كما هو الحال في العالم اجمع.

ونوه إلى أن سلطات الاحتلال مستمرة في احكام سيطرتها على مدينة القدس في إطار مرحلة الضم التي تمر بها المدينة، لافتا إلى أنها ماضية في تنفيذ مخططها التهويدي في وادي الجوز اضافة لعشرات المخططات الاسرائيلية في المدينة، والتي تسعى سلطات الاحتلال لتغيير هويتها الثقافية التي تمثل التحدي الأكبر للمدينة ومواطنيها.

وطالب المؤسسات الوطنية الفلسطينية على جميع الصعد، الانتباه لهذا الخطر، والسعي لوضع الخطط للحيلولة دون اغلاق أي مؤسسة فلسطينية في المدينة التي تواجه خطر الإفلاس في ظل جائحة كورونا.

وأكد أن القدس تعاني بالتأكيد مثل غيرها من مدن فلسطينية أُخرى أو حتى عالمية بسبب الجائحة، لكن الواقع السياسي المفروض على القدس، وخطط التهميش والضم يتطلب وضع مخطط وطني لماية مؤسساتها.

سياسات متعمدة لعزل المدينة

أما إريج دعيبس مسؤولة ملف المؤسسات في إقليم القدس- لحركة فتح تقول:” في ظل جائحة كورونا زاد الوضع في مدينة القدس صعوبة تعتريه الكثير من التحديات والمصاعب، حيث تعاني القدس عامة والبلدة القديمة خاصة تحديداً من سياسات متعمدة لعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني ومنع أو تقييد حركة الفلسطينين الوافدين إليها وفرض الضرائب الباهظة والغرامات الجائرة”.

تضيف”أمام القيود التي فرضت من تدابير اغلاق وحجر وقيود على حركة المواطنين وانعدام الحركة السياحية للبلدة القديمة التي تشكل العصب التجاري فيها، بمقدور اي شخص بأن يتخيل صعوبة الأوضاع وتراجع قدرة التجار على الصمود في المدينة وهم في السابق الذين لطالما يقومون بدعم المدينة ووفودها بالمساعدة والتضامن أصبحوا اليوم يعانون من ظروف الحياة القاسية وانعدام الموارد”.

وأشارت إلى أن الغرفة التجارية تسعى بدورها وهي احدى المؤسسات التي تعاني من قيود وتضييق الاحتلال لتعزيز قدرات التجار على الصمود من خلال التنسيق والتشبيك لمشاريع وبناء القدرات والكفاءات والبحث في إمكانيات التسويق الالكتروني بحيث يتم توسيع نطاق السوق المتاح للتجار، في ظل وجود محال مغلقة لا يقوى أصحابها على تحمل نفقات فتحها.

وعندما نتحدث عن سبل تعزيز قدرات التجار تقول:” تتراوح بين حلول آنية وقصيرة الأمد لمواجهة آثار الجائحة حيث عمدت الدول كافة الى توفير رزم دعم وحوافز واعفاءات او قروض ميسرة للقطاعات الاقتصادية المختلفة، بالإضافة الى خطط استراتيجية طويلة الأمد تتمثل في مشاريع لتعزيز الحركة السياحية الداخلية والخارجية للبلدة القديمة.

وتختتم “من أجل النهوض بالحركة الاقتصادية في القدس يجب خلق تسوق بشكل منتظم ومساعدة وتعزيز قدرات التجار على تطوير طريقة عملهم وتجميع الجهود واستخدام الفضاء الافتراضي اعلاناً وتسويقاً لمنتاجاتهم وهذا ما يعزز صمود وثبات وحفاظ المقدسيين على إرثهم”.

الحياة الجديدة- ديالا جويحان

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا