عملية السلام ما بين كيري وفابيوس كتب عثمان النمر

بعد أكثر من عام على فشل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في دفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ها هو نظيره الفرنسي لوران فابيوس يشمر ساعديه في محاولة جديدة للوساطة في الملف المستعصي على الحل بسبب تعنت الجانب الاسرائيلي ورفضه التوصل إلى أي تسوية.

يبدو أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستهوي كبار القادة والساسة في الولايات المتحدة وأوروبا، لأن أي مقاربة ترضى عنها إسرائيل ومن ورائها اللوبي القوي المسيطر على الرجال والمال والسياسات، تعني المجد والجوائز العالمية للسلام. وفي المقابل أي محاولة لتحقيق تسوية شاملة وعادلة، فهي مرفوضة وغير مقبولة وغير مسموح بها، وعلى المبادر بها أن يصمت وأن ينزوي في الظلام.

المحاولة التي يبذلها فابيوس اليوم ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة أيضاً، فهناك صف طويل من المبادرات والمبادرين من لدن روجرز إلى كيري، وبينهما رؤساء جمهوريات ووزراء خارجية أمريكيون وأوروبيون.

الأمر يبدو مثل لعبة الأوزان الثقيلة التي يحاول كل أحد أن يحملها، فقد يستطيع أحد رفعها لكنه لا يطيق الاستمرار في تحمل ثقلها، فيلقي بها على الفور. وقد يملك البعض قوة على الاستمرار لبعض الوقت حتى تستنفد طاقته. والبعض يفشل منذ البدء فيقنع بحظه المتواضع.

القضية الفلسطينية جوهرها الحق والعدل، وهو ليس عرضة للتلاعب أو تجريب الحظ. والحل ليس في الوساطات والمساعي الرامية ظاهراً إلى تحقيق تسوية وفي باطنها تضليل للرأي العام، وإطالة لأمد الصراع، ومنح إسرائيل الوقت الذي تحتاج إليه لإكمال عملية ابتلاع فلسطين وتهويد الأرض وتزوير التاريخ والجغرافيا.

العملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل لها مرجعيات واضحة هي قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومؤتمر مدريد واتفاق أوسلو. وبعد أكثر من عقدين من المحادثات أفشلت إسرائيل حل الدولتين، لأنها في الأصل مشروع استعماري استيطاني. وهي ترى حياتها في موت الفلسطينيين.

إسرائيل ترفض الانسحاب من الأراضي المحتلة في حزيران 1967 وتواصل سلب الأرض والمياه في الضفة الغربية والقدس، وتجعل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ما بقي من أرض صعباً. فضلاً عن ذلك ترفض اسرائيل ما تسميه «فرض الإملاءات» من الخارج، ويشدد على أن المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين هي السبيل الوحيد للتوصل إلى حل. كما يرفض أيضاً المهل الزمنية للمفاوضات.

المبادرة الفرنسية تقترح حلاً في مجلس الأمن الدولي بإطار عمل للمفاوضات بسقف زمني مدته عامان للتوصل إلى اتفاق يكفل قيام الدولة الفلسطينية على حدود حزيران 1967 مع ضمان أمن إسرائيل.

الجهد الفرنسي مقدر، لكن هل تستطيع باريس أن تذهب به إلى النهاية المرجوة؟ التفاؤل مطلوب، لكنه في هذه الحالة سيكون نوعاً من الغباء.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا