الرئيسيةتقاريرملف/دراسةملف حركة فتح : الولايات المتحدة الابراهيمية-د.كمال سلامة-

ملف حركة فتح : الولايات المتحدة الابراهيمية-د.كمال سلامة-

مقدمة
ما زالت كثير من المصطلحات التي تتردد من حين إلى آخر في الأوساط الإسرائيلية وبعض الجماعات الدينية اليهودية؛ وتلك المتصهينة مثل أرض الميعاد، وأرض “إسرائيل” الكبرى، ودولة من النيل إلى الفرات! ومن المحيط إلى الخليج.
وجميع هذه المصطلحات المضللة تؤكد أهداف دولة توسعية قائمة على أساس استيطاني/استعماري.
ومنذ سنوات بدأت “إسرائيل” باستخدام مصطلحات براقة وأكثر حداثة مثل “شرق أوسط جديد”[1]تكون فيه “إسرائيل” ركيزة أساسية وعضو طبيعي في المنطقة، ومن أجل قبولها من قبل جيرانها العرب والمسلمين وتحقيق أحلامها في السيطرة؛ ابتكرت الصهيونية وحلفائها المخلصين فكرة ]الولايات المتحدة الابراهيمية[ في سعيها المستمر إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة بشتى الطرق والوسائل؛ وأخذت بالفعل بعقد تحالفات واتفاقيات في شتى المجالات مع الدول العربية بشكل معلن وغير معلن، وتقوم “إسرائيل” بتنفيذ هذه المخططات بدعم كبير من تيار اليمين المسيحي (المسيحية الصهيونية) الذي تعاظم دوره في الادارات الامريكية ووصل ذروته في ادارة الرئيس دونالد ترامب.

بداية الفكرة
بدأت الفكرة في عام 1990 عندما قام سيد نصير المعتقل في الولايات المتحدة بتهمة اغتيال الحاخام مائير كهانا (ما زال معتقلاً لغاية الآن) بطرح فكرة الابراهيمية (أبناء سيدنا ابراهيم) لتشكل قاعدة انطلاق ]لحل القضية الفلسطينية مع “اسرائيل” وامكانية التعايش مع أبناء ابراهيم بسلام[[2]، وقد وجّه نصير عدة رسائل من داخل السجن إلى الحكومات الأمريكية المتعاقبة حتى جاءه الرد من قبل ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بأن رسالتك قد وصلت، وفي بداية التسعينات تحدث جورج بوش الأب عن نظام عالمي جديد قائم على فكرة السلام والدين! وقامت وزارة الدفاع الأمريكية بدعم برنامج دراسات الحرب والسلام والذي يعتبر أن الدين مدخل أساسي لصياغة النظام العالمي الجديد، وأن هذا المدخل ممكن أن يحقق فكرة الاتحاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وكان الهدف الحقيقي من الفكرة هو هدف سياسي، ولكن الهدف المعلن يتم تقديمه بأنه تقارب بين الاديان وتلاقي تاريخي وثقافي بين الشعوب. [3]

الابراهيمية والدبلوماسية الروحية
قامت الحركة الصهيونية وتيار اليمين المسيحي والحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ سنوات بدعم الفكرة الابراهيمية والعمل عليها وتطويرها من خلال لجنة خاصة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، ومن خلال توفير دعم مالي لمؤسسات مختلفة ومنها مؤسسات أكاديمية؛ وكان لجامعة هارفارد دور كبير في تطوير الفكرة والتي عملت عليها لسنوات طويلة؛ وفي العام 2015 أصدرت وثيقة أرض المسار والمستندة إلى رواية العهد القديم، والمقصود بها رحلة سيدنا ابراهيم في منطقة الشرق الأوسط[4]والتي بدأت من تركيا وصولاً إلى مكة والمدينة المنورة ولمصر، وهذا المسار الذي يشكل خريطة “اسرائيل” الكبرى لغاية اليوم،[5]وفيما بعد قامت جامعة فلوريدا في صياغة الفكرة وتقديمها بشكل آخر حيث تحدثت عن الاتحاد الابراهيمي الفدرالي، وأن الإبراهيمية قاعدة لحل الخلافات القائمة اليوم بين ]أبناء[ابراهيم[6]ودياناتهم الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام، وذلك من خلال التركيز على القضايا المشتركة في الأديان والابتعاد عن ما هو مختلف عليه!
وعلى سبيل المثال أن الإسلام يعترف بالديانات الثلاث وأن المسيحية تعترف باليهودية وبالتالي فإن المشترك بينهم هي اليهودية،[7]كما أن المشترك بين الأديان الثلاث هي احترام قدسية الاديان،[8]وأن مسار سيدنا إبراهيم والذي يصل إلى عشرة دول تقريباً يشكل تاريخ مشترك بين شعوب المنطقة، مع مراعاة الشعوب الأصلية (المقصود اليهود[9]تحديداً)، ومن أجل تعزيز فكرة ما هو مشترك يجب العمل بطريقة غير تقليدية قائمة على الدبلوماسية الروحية التي تستند على عقيدة جديدة هي ما تسمى عندهم ]العقيدة الابراهيمية[.
[1] مصطلح “الشرق الأوسط الجديد” لشمعون بيرز، رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، وهو عنوان كتابه الذي ترجمته الدار الأهلية للنشر في عمان عام 1994م. اما مصطلح الشرق الأوسط ذاته حسب الموسوعة الحرة، فإن أول استخدام له، لمصطلح الشرق الأوسط كان في خمسينيات القرن التاسع عشر في مكتب الهند البريطاني (British India ffice). إلا أن المصطلح أصبح معروفاً على نطاق واسع عندما استخدمه الخبير الاستراتيجي في البحرية الأمريكية ألفريد ثاير ماهان في عام 1902 لتمييز المنطقة الواقعة بين شبه الجزيرة العربية والهند لأهداف استعمارية.
[2] كلّه فكر مضلّل بما فيه فكرة “أبناء ابراهيم” الفاسدة، ومحاولة امبريالية استعمارية صهيونية للخلط المتعمد خاصة لدى الجهلة في أمتنا، لإظهار أن محتلي فلسطين العربية من هؤلاء وما هم من ]أبناء ابراهيم[، ولا من بني إسرءيل (يقترح د.زياد منى رسمها بهذا الشكل إسرءيل تمييزا عن إسرائيل اليوم) القدماء المندثرين، لا عرقيا ولا وراثيا-جينيا ولا قوميا. بل أن محتلي بلادنا فلسطين اليوم هم من قبائل ثم شعوب وقوميات متعددة اعتنقت اليهودية كديانة أكبرها من القومية الخزرية وسط آسيا والاوربية. لذا لا علاقة للنبي يعقوب، ولا علاقة لقبيلة إسرءيل القديمة بمحتلي فلسطين اليوم. اما الانتساب الروحي-الديني لتراث ما فلا يؤهل بتاتا للاحتلال أو ادعاء ملكية مكان حصول هذه الحدث التراثي أو ذاك. فكما لا يحق للماليزي المسلم او الصيني المسلم المطالبة بمكة والمدينة او الانتساب لقريش، لا يحق لمعتنق الديانة اليهودية من أي قومية كان الادعاء بامتلاك ذرة رمل من فلسطين. أوغيرها. او الانتساب القبلي الوراثي القومي للنبي يعقوب أو القبيلة المندثرة.
[3] فكرة التقارب الديني بين الديانات الثلاث بالعمق الاستعماري المهيمن جاءت في ظل تعميق الخلاف الديني بين الشيعة والسنة في منطقتنا العربية الاسلامية، بشكل أقحم المذهب في كل تفاصيل الصراع بدلا من أن يكون ذو وجهة بعدو واحد وواضح هو العدو الصهيوني الذي هو من يكرّس العداء للامة ليس للبناء الديني للمحتلين، بأنهم يهود، وإنما بكل وضوح وبلا لبس لمنطق الاحتلال والاستعمار والعنصرية مضافا اليه السعي ضمن الفكر التوسعي الاستعماري للهيمنة والسيطرة والتمدد. (ل.ت.ف)
[4] نلاحظ استخدامهم لمصطلح “الشرق الأوسط” على تاريخ قديم! لم يكن فيه مثل هذا المصطلح بتاتا، وانما كانت المنطقة واضحة أنها منطقة عربية، وفي سياق المصطلحات التاريخية المعتمدة القديمة، لذا يجيء عكس مصطلح جديد على سياق قديم لتصوير أنه ما كان عربيا حتى بالزمن القديم.
[5] طبعا هذا المسار التوراتي الخرافي المفترض لابراهيم التوراة، لا صلة له بالحقيقة العلمية التاريخية الآثارية، فلم يثبت البتة، كما لم يثبت من خرافات التوراة بما يسمى “الوعد” الذي يسحبونه على أنفسهم اليوم!؟ وكأن المولى عز وجل تاجر أراضي او عقارات وطابو، جل وعلا. وإنما ورد ذكر هذا المسار المشكوك فيه جغرافيا فقط في التوراة التي لم تعد ذات قيمة ككتاب تاريخ. عدا عن أن الانتساب الروحي لإبراهيم ابوالانبياء عليه السلام أي كانت جغرافيا جولته لا يعطي لأحد حق باحتلال فلسطين، عوضا عن ان ابراهيم عليه السلام كان مسلما حنيفيا.
[6] مصطلح تضليلي كليا (أبناء ابراهيم!؟)، فلا أحد يعرف حقيقة الانتساب هذا علميا، أما الانتساب الروحي لأي كان فلا صلة له بحقائق الأرض: هناك احتلال يجب أن يزول.
[7] المقصود هذا افتراضهم، وهو افتراض غير صحيح، فالديانة اليهودية الناشئة في مراحل متقدمة من التاريخ التوراتي هي الديانة التي أشار لها القرآن الكريم بوضوح بالتحريف والكذب والتزوير مرارا وتكرارا، وهي الرواية التي لا يشكل فيها المشترك التاريخي مع القرآن الكريم الا نسبة ضئيلة من حجم المتناقض والمختلف عليه، مما ادعاه كتبة التوراة. وجاء القرآن الكريم ليفضح كذبهم ويعدل بالروايات كلها. فما هو بالقرآن الكريم من روايات الأنبياء واضح ودقيق ويتناقض في كثير من المواضع مع اكاذيب التوراة وخرافاتها التي لم تجد صفة سيئة الا وألصقتها بالانبياء جميعا بما فيهم ابراهيم مقابل تنزيه القبيلة (قوم إسرئيل القدماء). ل ت ف
[8] لو كان الإسرائيليون اليوم الذين يدّعون وراثة القديم اليهودي يحترمون الديانات! لما دمروا مئات المساجد والمقابر الإسلامية في فلسطين عند اغتصابها وحتى اليوم، ولما دنسوا المسجد الأقصى= 144 ألف متر مربع ممثلا كل مادار حوله السور، ولما عملوا على اقتسامه كما هو حاصل باقتحاماته المتكررة، في مقدمة للاقتسام المكاني ثم هدمه وإقامة الهيكل الموهوم، ولما شقوا المسجد الابراهيمي نصفين، وهو ليس لليهود بل بناه المسلمون بالعهد المملوكي، وهو الحرم الذي ارتكبوا في داخله أفظع جرائم العصر، ولما اطلقوا عى غير اليهود (الغوييم/الأغيار) كصفات الفحش والاحتقار حتى اليوم…الخ. ل ت ف
[9] ذات الخلط المقصود دوما بين (اليهود) و(إسرءيل) القديم، و(اسرائيل) اليوم. فاليهودية ديانة كانت ومازالت تعتنقها كافة الشعوب (كانت ديانة مفتوحة ثم اغلقت في عصورلاحقة، وان كان هناك حتى اليوم في دولة الكيان حاخام خاص بالتهويد). ولم يكن اليهود مطلقا شعبا بل جماعة دينية كما المسيحية والاسلام. أما إسرءيل القديمة فهي قبيلة مندثرة كقوم عاد وثمود وتبع وقوم نوح….الخ. واما محتلي فلسطين اليوم فيحاولون بانتسابهم الروحي-الديني للقبيلة القديمة المندثرة، وبانتسابهم للديانة اليهودية روحيا إسقاط أحداث تاريخ التوراة المزور وكانه حصل بالامس فيعطي هؤلاء المستعمرين لأنفسهم أحقية في فلسطين- ل ت ف.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا