الرئيسيةأخباردنماركيةالسفير الفلسطيني في كوبنهاغن مانويل حساسيان: تسطيح وخلط التفاح بالكمثرى

السفير الفلسطيني في كوبنهاغن مانويل حساسيان: تسطيح وخلط التفاح بالكمثرى

بقلم: ناصر السهلي*

رد السفير الفلسطيني في كوبنهاغن، مانويل حساسيان، في مقال رأي بصحيفة “بيرلنغكسا” على مقال رأي سابق لحنا زيادة (ناشط حقوقي فلسطيني- لبناني مقيم في الدنمارك).
بداية وباختصار، ما ذهب إليه زيادة، بعد مقدمته المقتبسة (بترجمة ذاتية) عن المحكمة الجنائية الدولية:
“ينظر إليها الفلسطينيون والإعلام الإسلامي، كما الجزيرة، باعتبارها انتصارا كبيرا للفلسطينيين”، مستخفا بإمكانية محاكمة الاحتلال على جرائم الحرب. فالرجل يطلب من الفلسطينيين أن يدركوا أنهم “هزموا منذ زمن بعيد”، رغم أنه حقوقي على ما يذكر في تعريفه عن نفسه.
وبعد وصف زيادة حركة ”حماس” مثلا بأنها حركة عنف واتهام تعميمي أن السلطة ونخب الحركة السياسية في الضفة فاسدة، دونما تطرق لجرائم الاحتلال اليومية، وأقلها أنه احتلال استعماري استيطاني يقوم على نظرية إحلال آخرين محل الشعب الفلسطيني، ونهب الأرض وتدمير البيوت، ونسف أي أفق للاستقلال والحرية الفلسطينيين، اعتبر أن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لن يغير من الوقائع كثيرا. وذهب زيادة إلى القول إن الإستراتيجية الفلسطينية قديمة وتقوم على “التزام فلسطيني بتغيير المسار الأميركي وزيادة الضغط الدولي على إسرائيل، وتهدف إلى ترجمة التعاطف الدولي الخطابي والضغط الدبلوماسي إلى حقائق سياسية قاسية في المفاوضات مع إسرائيل، وهي إستراتيجية تشوبها عيوب”.
ومضى زيادة على طريقة مستشرقي الغرب إلى قراءة ركيكة جدا في فهم تعقيدات القضية الفلسطينية، وبمزيد من رمي الاتهامات على “الفلسطينيين” وكأن الرجل لا علاقة له أصلا بحس العدالة ولا حقوق الإنسان التي يدعي أنه “يكافح لأجلها”، وهذا أشبه بمن يدعي أنه “أبو الديمقراطية” لكنه يؤيد الطغاة والمستبدين خارج الدنمارك، حين يقول إن إحياء إدارة بايدن للمسائل الديمقراطية كمبدأ إرشادي في السياسة الخارجية وقرار المحكمة الجنائية الدولية “سوف تستخدمه نخب السلطة غير المؤهلة في رام الله وغزة لتعزيز فكرة الضحايا الفلسطينيين، ووضع الضحية يتم استغلاله لتجنب القرار الصعب بوضع حد للإستراتيجية الفاشلة التي ابتعها صناع القرار الفلسطينيون خلال 50 سنة، وهي التي ترفض (فك التحالف)/ أنها ليست في تحالف مع أعداء إسرائيل من صدام حسين إلى القذافي إلى إيران وتركيا وقطر اليوم، والعنف والضغوط الدولية التي ستفيد إسرائيل”.
إلى ماذا خلص زيادة في تحميل الفلسطينيين مسؤولية إقناع الاحتلال أن احتلاله غير شرعي؟
لعل من عايش فترة تنظير اليمين الأوروبي الصهيوني، وبينهم الصهيوني السابق هربرت بونديك، رئيس تحرير صحيفة “بوليتيكن” سابقا، وقد أقلعوا عن تلك اللغة، سيدرك أن المقصود في مقالة حنا زيادة هو النتيجة التالية:
” يعتمد مستقبل الفلسطينيين على إقناع الإسرائيليين بأن الصراع أصبح وراءهم، و ذلك من خلال محاربة حماس والتحالف الكامل مع القوى الإسرائيلية المعتدلة المحبة للسلام”. ويمضي في خلاصته إلى أن “دعمنا(..) _وهنا لا نفهم من يقصد بصيغة الجمع تلك_ للفلسطينيين في تصورهم أن وضعهم هو وضع الضحية وأن الضغوط الدولية تؤتي ثمارها ما سيغذي الآمال الكاذبة ويمدد المأساة، وسيؤجل فقط لحظة الحقيقة: أن الفلسطينيين خسروا الصراع لوقت طويل مضى، وذلك سيؤدي إلى ظروف أسوأ لعملية السلام المحتملة”.
انتهى ما وصل إليه حنا زيادة حرفيا، يشبه تماما التنظير الصهيوني منذ ما قبل حصار واغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، لقد بقي خلفه محمود عباس (أبو مازن) ينظر إليه (حتى أثناء وجود أبو عمار في المقاطعة) على أنه “رجل السلام”، إلى أن وصلنا إلى جهود عربية-صهيونية لتنصيب محمد دحلان.
أي ذات النهج الصهيوني الذي يفترض أن الزمن كفيل بإقناع الفلسطينيين بالهزيمة، وهو رأي معسكر عربي مهرول للتطبيع معروف المصدر والمنشأ في تصهينه، ولا داعي لمناقشة مغالطات أن لا فائدة من الرأي العام والضغوط على دولة الأبرتهايد (كما جرى مع دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقا)، ولا حتى الإتيان بآراء معسكر يهودي معاد للصهيونية ويرى أن الاحتلال ودولته ذاهبان إلى الحضيض. وهو ما يعني محاربة حركة المقاطعة الدولية ونشطاء عرب وأوروبيين في سبيل “إقناع قوى السلام الإسرائيلية”، وإذا لم تقتنع بأن ألف باء الاحتلال هو أصلا جرائم وليست جريمة، فلا انبطاح بعض ولا الكل الفلسطيني والعربي سيقنع هؤلاء المتباهون بـ”يسارية صهيونية”، وقد خرسوا وانحسروا منذ مذبحة مخيم جنين في 2002.
لكن، ومع كل ما تقدم من أفكار رغبوية طرحها زيادة عن تجند الفلسطينيين في معسكر الاحتلال وتحت أمرة دويلات الحاخامات التي تسبب أزمة هوية للكيان الصهيوني برمته، ذهب السفير الفلسطيني في كوبنهاغن، مانويل حساسيان، إلى الرد في “بيرلنغسكا” أمس الثلاثاء 22 فبراير على النحو التالي:
“حنا زيادة.. أنت تسطح الأمور وتخلط التفاح بالكمثرى”
تناول حساسيان في المقدمة ما جاء بقلم زيادة حيث “قلل من أهمية ما يسميه وضع الضحية الفلسطيني وانتقد الإستراتيجية الفلسطينية للسلام والاستقلال، يبدو أنه يساء الفهم ويخلط بين التفاح والكمثرى”، ذهب السفير الفلسطيني إلى القول إنه “أولا نحن بحاجة إلى التمييز بوضوح، فمن ناحية تم إرساء حق الفلسطينيين في دولة مستقلة على حدود 67 كطريق إلى السلام، وهو ما يجري تقويضه الآن بسياسات استعمارية تمييزية من حكومة اليمين الإسرائيلي. ومن ناحية ثانية ثمة مطالب فلسطينية بالحقوق المدنية الإنسانية أثناء الاحتلال (حسب القوانين الدولية ومعاهدة جنيف الرابعة، المحرر) ريثما يتم تحقيق حل الدولتين”.
ومضى حساسيان يوضح في رده على مغالطات زيادة بالقول إن “احتفاء الفلسطينيين بقرار المحكمة الجنائية الدولية بالتعامل مع جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو ا نتعاطى معه، ولا يتعلق الأمر بالاستقلال الفلسطيني (في صلاحية الجنائية الدولية) ومفاوضات السلام، بل الاعتراف بالفظائع التي ارتكبت ضد الفلسطينيين خلال الاحتلال”.
وتحت عنوان فرعي: الطريق إلى السلام، وضح السفير حساسيان أن “ما يتعلق بالقضية الأولى فقد قال حنا زيادة إن التغيير المتوقع في مسار الولايات المتحدة والعودة إلى السياسة الخارجية القائمة على الديمقراطية وحقوق الإنسان أمور تدعو إلى استمرار إستراتيجية فلسطينية قديمة وفاشلة، معتبرا إياها أنها: إستراتيجية تهدف إلى ترجمة التعاطف الدولي الخطابي والضغط الدبلوماسي إلى حقائق سياسية قاسية في المفاوضات مع إسرائيل”. وعلى ذلك رد بالقول إن ذلك “تبسيط كبير للإدعاء أن الإستراتيجية الفلسطينية تتكون فقط من الإدانة الدولية، وهذا يتجاهل الهدف الفلسطيني المتمثل في الوحدة السياسية الوطنية، وذلك أمر أساسي، فلا يتم تحديد الوقاع السياسي بشكل حصري من قبل الجهات الخارجية”.
وردا على نصيحة زيادة حول “قوى السلام المعتدلة في إسرائيل” رد السفير حساسيان بالقول إنه “على مدى عقود تعاون الفلسطينيون مع عدد كبير من المنظمات غير الحكومية التي تعمل من أجل السلام وسياسيا مع حزبي العمل وميرتس، لكن في الوقت الحالي فإن هذه الشرائح من المجتمع الإسرائيلي لا صوت لها ولا قدرة على التفاوض وتغيير السياسات الإسرائيلية”.
وأردف حساسيان “لذا، وبينما يتوجب على الفلسطينيين “التعامل مع القوى الإسرائيلية المعتدلة والمحبة للسلام” (كما طرح زيادة) فإنه في المقابل يجب أن يقتنع مركز القوة الإسرائيلي أن استمرار الاحتلال وتقويض حل الدوليتين ليس طريقا لتطبيق السلام”.
وطرح في السياق عن وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض باعتباره يمنح بعض التفاؤل، بعد إجراء انتخابات فلسطينية وإسرائيلية، ويقوم على ثلاثة عناصر؛ استمرار العملية الديمقراطية في فلسطين والتوحد السياسي للقيادة الفلسطينية وإضفاء الشرعية عليها، وإزاحة زعيم فاسد ومجرم في إسرائيل (المقصود بنيامين نتنياهو ومعسكره الصهيوني المتطرف) ووجود وسيط جديد في صورة بايدن”.
وختم السفير حساسيان رده بالقول إنه “لا يستطيع من هم خارج مركز القوة (من أصحاب القرار) حل الصراع بمفردهم، نحن بحاجة إلى جميع الشخصيات الرئيسية للعمل نحو الهدف: السلام”.

* اعلامي فلسطيني يقيم في الدنمارك

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا