“الغطرسة”.. هل تصبح وبالا على “حماس”!

لم يعد بإمكان حركة “حماس” الاستمرار في سياسة الاستغباء التي حاولت ترويجها منذ فترة زمنية، بان الأمن في قطاع غزة تحت سيطرتها المطلقة، بل وحاولت أوساطها ان تشيع انها قادرة على التحكم بحركة “التنفس الطبيعي” للإنسان الغزي، في غرور غير مسبوق، يعيد للأذهان مفاهيم “السلطة المطلقة”، دون أن تعي انها أيضا “مفسدة مطلقة”..

في الآونة الأخيرة تكررت الأحداث التي تنال من “هيبة حماس الأمنية”، بدأت كأعمال منفردة عشوائية، غير متقنة، ثم خرجت بصورة “تمرد” على “الهدنة – التهدئة” مع دولة الكيان العنصري، عبر عدة رشقات صاروخية، ذهبت دون أن تأخذ “رخصة خروج” من الأمن الحمساوي، لتعلن ولادة حركة “تمرد” أمنية في القطاع، تعيد للذاكرة بعضا مما كانت تفعله حركة حماس مع السلطة الوطنية منذ العام 1994 وحتى استلامها السلطة، مع فارق أن حماس كانت تحلل كل فعل لها ضد اسرائيل في حينه، مع تجريم وتكفير من يقوم به الآن دون رخصتها “الفقهية – السياسية”..

لم يعد خافيا على متابعي الشأن الفلسطيني العام، وقبلهم أهل القطاع، ان هناك قوة تحمل طابعا عسكريا بوجهة سلفية متشددة أو غير متشددة بدأت في اعلان “تحدي” سلطة حماس الأمنية قبل السياسية، تحد سجل أقوى مظاهره بعد “تفجيرات الشيخ رضوان” الأخيرة في غزة، ضد أهداف لقيادات قسامية وبعض من سرايا القدس..

والتحدي لم يكن بالعمليات التفجيرية ذاتها، فتلك لا زالت مجهولة النسب ولم يظهر أب شرعي لها بعد، ولكن ما جاء في بيان للمجموعة السلفية الذي أصدرته بعد حملة اعتقالات قام بها جهاز أمن حماس، ذكرت فيه “إن سلطات حماس بدعم من القسام أقدمت على اقتحام ومداهمة منازل السلفيين الجهاديين وشنت حملة اعتقالات “تعسفية” بعد ساعات من “التفجيرات المفتعلة”.

واعتبرت المجموعة السفلية “إن هذه المؤامرة الحمساوية الجديدة قد حيكت خطوطها في الظلام سابقا، وأنه تم استغلالها كذريعة لتنفيذ مخططات حماس بالقضاء على المنهج السلفي الجهادي”، متوعدة بإطلاق الصواريخ على إسرائيل ردا على “الجرائم والمؤامرات الحمساوية” المتواصلة ضد السلفيين.

قراءة في لغة البيان تشير أن من أصدره لديه “ثقة عالية” بما يقول، وأنها المرة الإولى التي يتم الحديث عن حماس وجهازها الأمني بهذه الأوصاف، من جهات لم تكن لها حضور مسبق في العمل العام، باعتبارها “مؤامرة حمساوية ضد المنهج السلفي الجهادي”، لغة تنطق بالتحدي غير المسبوق لحركة تعتقد انها باتت تملك “قطاع غزة”..

والأسئلة التي يثيرها البيان “السلفي الجهادي” كثيرة وعديدة، لكن الأبرز منها، هل يمكن اعتبار البيان بداية لتدشين حركة “مواجهة” لا تقتصر على البيانات وحدها، وهل يمكن اعتبار لغة التهديد بنقل المعركة نحو دولة الكيان لكسر “هيبة حماس” الأمنية، واحداث ارباك فيما تسعى اليه من ترسيخ معادلة سيطرتها المطلقة على البعد الأمني في قطاع غزة، وهو ما كان بوابتها لجذب الاهتمام اليها غربيا وإسرائيليا..

ربما ليست “السلفية الجهادية” بتلك القوة التي يمكنها الآن، اشاعة “الفوضى الأمنية” في قطاع غزة، ولكن بالمقابل فإن سلوك حماس السياسي والأمني قد يساعد كثيرا جدا في خلق الظروف المؤاتية لانتشار تلك المجموعات بسرعة تفوق تقديرات أجهزة حماس الأمنية والرقابية، خاصة مع بروز مظاهر من “التعالي والغرور” نحو الآخرين بطريقة باتت مستفزة لكل من هو ليس منها أو معها، الى جانب أن بحثها عن “التفاوض” مع دولة الكيان ضمن صيغة ضيق الأفق وطنيا، وتغيير تحالفاتها السريع جدا بدون تحضير سياسي قد يشكل أرضية خصبة لنشوب خلافات داخلها، وهي بالأصل تمتلك مراكز قوى متباينة لم تعد سرية ومعلومة لغالبية أهل القطاع، حتى وصل الأمر الى انتشار الإشاعات السياسية، بأن بعض الاعدامات التي تجري في صفوف حماس والقسام ضد كوادر وعناصر مسؤولة، تتم تحت ستار “العمالة” للعدو لكنها عمليا هي جزء من الخلاف الداخلي المتزايد ..

“السفلية الجهادية” في القطاع قد لا تكون “خطرا كبيرا” راهنا، ولكنها ستصبح خطرا حقيقيا إن تمكنت من استغلال “انفاق حماس” نحو سيناء لتقيم “رابطا عضويا” مع “بيت المقدس السيناوي”، او بعض متمرديه، وإن تعاملت حماس مع الخطر القادم بـ”خفة واستكبار”، بديلا عن “التواضع السياسي” والعودة للحاضنة الوطنية لمواجهة خطر لو إنفلت عقاله ستكون عواقبه وخيمة..

الاستخفاف دوما هو بداية الهلاك..والغرورهو أقصر الطرق للهلاك..وعل تجربة الإخوان العرب تكون عبرة لقادة حماس..امامهم تجربة الشاطر – مرسي المصرية وأين أوصلتهم.. وتجربة الغنوشي التونسية وأين قادتهم..الخيار لحماس وليس لغيرها باي مسار تسير الشاطري أم الغنوشي..ولا منطقة وسطى بينهما..!

وغدا، لو كان للقدر حكما بالبقاء لنا وقفة سياسية مع المشترك بين حماس واسرائيل في مشروع “فصل واستقلالية دولة القطاع”..!

كتب حسن عصفور

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا