صحف عربية: من النووي إلى النفط والغاز.. بوتين يُناور

ينجرف العالم في الآونة الأخيرة نحو حرب باردة بعد أن ازدادت حدة التوتر حول أوكرانيا المهددة بغزو روسي محتمل، في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لتهدئة الوضع.
ووفق صحف عربية صادرة يوم الجمعة، اعتبرت مصادر أن حشد روسيا لقواتها على حدود أوكرانيا بمثابة انتصار لبوتين في الحرب، في حين رأت أخرى أن تميكن التعاون البناء بين الديمقراطيات والدول سيعمل على تحويل الحرب إلى سلام معلن.

بوتين يربح
في صحيفة العرب اللندنية، قال خير الله خير الله “ليست الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وحدها التي تتجرّأ على الولايات المتحدة وتسعى إلى فرض شروطها في أيّ صفقة أو اتفاق على ارتباط بملفّها النووي، فروسيا أيضاً تتجرّأ وتستخف بالإدارة الأمريكيّة الحاليّة التي لا تزال إدارة حائرة منذ اليوم الأوّل لدخول جو بايدن البيت الأبيض قبل 13 شهراً”.
وأضاف “ربح فلاديمير بوتين حرب أوكرانيا من دون أن يحارب، يمكن القول إنّه ربحها بالنقاط بمجرّد حشد الجيش الروسي على حدود أوكرانيا، لقد كان مشهد استقباله الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي أجلسه في إحدى قاعات الكرملين، في ظلّ تمثال ضخم للقيصر إسكندر الثاني، على الطرف الآخر من طاولة تتميّز بطولها، كافياً لإظهار مدى الاستخفاف الروسي بفرنسا، بل هو استخفاف روسي بأوروبا أيضاً”.
وأوضح “ما الذي يريده بوتين، إضافة بالطبع إلى إثارة الحماسة لدى الروس وتذكيرهم بأنّ في استطاعته استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي؟، عملياً يريد الرئيس الروسي توسيع منطقة النفوذ الروسيّة في أراض على حدود بلده وأبعد من ذلك، لقد نجح في تحقيق هدفه عندما استعاد شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في العام 2014، ونجح في قمع الثورة الشعبيّة التي قامت في كازاخستان المجاورة قبل أشهر قليلة، كما نجح في إيجاد موطئ قدم لروسيا في المياه الدافئة عندما تدخل مباشرة في سوريا ابتداء من سبتمبر(أيلول) 2015 من أجل إبقاء بشار الأسد في دمشق، حيث صارت لروسيا قواعد عسكريّة دائمة في طرطوس واللاذقيّة”.
وأشار الكاتب “لا شكّ أن دولاً أوروبية عدّة تراجع حالياً حساباتها، خصوصاً إذا تبيّن أن بوتين سيحقق عبر حشوده العسكرية ما يطمح إليه في أوكرانيا، وبدل انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي (ناتو) سيتم التوصل إلى تسوية ترعاها أوروبا وتوافق عليها إدارة بايدن، تجعل من أوكرانيا دولة محايدة تراعي الجار الروسي إلى أبعد حدود، وستصبح أوكرانيا دولة ذات سياسة محدودة، كما كانت عليه دول أوروبا الشرقيّة قبل انتهاء الحرب الباردة مطلع تسعينات القرن الماضي”.

بين الصديق والعدو
وبدوره، قال أمير طاهري في صحيفة الشرق الأوسط “قد يشير سلوك بوتين الأخير، لا سيما جهوده لتصوير الولايات المتحدة على أنها حاجز أمام طموحات روسيا العالمية، إلى تطور العلاقات بين الصين وروسيا، والأهم من ذلك يأتي ما يمكن اعتباره سياسة بوتين الخارجية في وقت تستعرض فيه الصين عضلاتها ضد الولايات المتحدة في جزء كبير من منطقة آسيا والمحيط الهادي، وأخيراً كان بوتين يرى في تهديدات شي جين بينغ ضد تايوان صدى لما يفعله هو ذاته في أوكرانيا”.
وأضاف “من غير المرجح أن يكون بوتين غير مدرك للصعوبات التي يواجهها في محاولة تحويل الولايات المتحدة من منافس أو خصم إلى عدو لدود لروسيا التي يحلم بها، إنه يستعين بمجموعة من المزاعم المزيفة التي لن تصمد أبداً في مواجهة الفحص الوثيق”.
وتابع “أما ادعاء بوتين الآخر بأن حلف الناتو يشكل تهديداً محتملاً لروسيا، فمن الصعب للغاية الاستناد إليه؛ إذ لم يفعل حلف شمال الأطلسي شيئاً عندما غزا بوتين واستولى على أراضٍ من جورجيا وأوكرانيا، أو عندما تدخل عسكرياً في سوريا للحصول على قاعدة جوية بحرية على البحر الأبيض المتوسط”.
ولفت الكاتب إلى أن بوتين ربما يتوق إلى الاهتمام، إذ شعر بأن نجمه لم يعد يرتفع في الوطن، فبات يبحث عن تحويل (تشتيت) للانتباه، وأياً كان الأمر، فإن التصرف الأكثر حكمة هو ألا يرقص على معزوفته ويشارك في تأجيج الأزمة التي أشعلها، ولهذا السبب؛ فإن زيارة ماكرون المثيرة إلى موسكو كانت خطوة خاطئة.

انتقادات لماكرون
ومن جهته، قال جورج عيسيى في صحيفة النهار اللبنانية “مع حشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات عسكريّة على الحدود مع أوكرانيا تخطّت 120 ألف عنصر، ومع عدم توصّل تبادل المطالب والردود بين روسيا والغرب إلى حلّ واضح، بادر الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون إلى إجراء زيارة للكرملين من أجل مناقشة الآليّات الممكنة لخفض التصعيد، حيث تمحور السؤال الأساسيّ حول ما إذا كانت هذه الزيارة تأتي متجانسة مع الرؤية الغربيّة العامّة لهذه الأزمة، أم تعبيراً عن مبادرة فرنسيّة خاصّة مستقلّة وغير منسّقة مع الأمريكيّين والاتّحاد الأوروبّيّ”.
وأضاف أن “زيارة ماكرون لروسيا لم تترك انطباعاً إيجابيّاً بين عدد من المعنيّين، فالنائب الألماني نوربرت روتغين قال في حديث إلى شبكة (سي أن أن) إنّه حزين جداً لوجود هذه المقاربات المختلفة، في حين ذهبت الكاتبة السياسية الأمريكية في الشؤون الخارجية آن بيرس بالقول إنّه “ما كان ينبغي على ماكرون الذهاب إلى موسكو للتحدّث إلى بوتين قبل الذهاب إلى أوكرانيا”.
وأشار الكاتب إلى أنه ثمّة مخاوف في أوكرانيا من تنازل فرنسيّ في “مينسك-2” مع انتزاع روسيا دعماً غربياً لإجراء انتخابات في منطقة دونباس، وإعطاء “وضع خاص” أو “استقلالية فعلية” لدونتسك ولوغانسك، وهذا الأمر قد يعطي المتمرّدين حقّ النقض في السياسات الأوكرانيّة الداخليّة والخارجيّة، بمعنى آخر قد تصبح قدرة أوكرانيا على الانضمام إلى الناتو أو حتى إلى الاتحاد الأوروبي مقيّدة إن لم يكن مستحيلة.
وأردف قائلاً “لا شكّ في أنّ الرئيس الفرنسيّ يسلك مساراً محفوفاً بالمخاطر مع تعرّض خطوته لشكوك أصدقائه وتمرّد السيّد بوتين”، ونقل عن مجلّة “إيكونوميست” البريطانيّة أنّ ماكرون تلقى انتقادات لأنّه بادر إلى التحاور مع بوتين أو حتى لأنّه حاول اعتناق دور الوساطة الذي لعبته المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، لكنّ ما انتهت إليه الزيارة هو “كسب بعض الوقت”.

تهدئة وتعاون
وأما روبرت سكيدلسكي فقد قال في صحيفة البيان “في وقت يشهد فيه العالم انجرافاً نحو حرب باردة جديدة، يجب أن تحدد الديمقراطيات والدول الأخرى ما تريده وما تدين به لبعضها البعض، من أجل تمكين التعاون البناء بين بعضها البعض”.
وأضاف “لقد اعتاد القادة في الغرب على مناقشة الحرب الباردة على أنها صراع أيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، أو بين الديمقراطية والديكتاتورية، لدرجة أنهم أخفقوا في فهمها من منظور ميزان القوى، وكان جزء من التوازن يتعلق بالأسلحة النووية، لكن جزءاً كبيراً منه كان يتعلق بالقضايا الإقليمية”.
وتابع “لقد اتبع تفكير الغرب في العلاقات الدولية مساراً تاريخياً مختلفاً عن مسار روسيا، وبين هذين الموقفين وهما: الأمن الذي يضمنه توازن القوى والأمان الذي تضمنه الديمقراطية، يبدو أن هناك مجالاً ضئيلاً للتسوية: إذ يبدو أن كل منهما هو عدو الآخر”.
وأوضح الكاتب أن “النظام الدولي المختلط اليوم يتضمن ترتيبات توازن القوى ومبادرات لنشر قيمنا، وفي هذا المزيج غير المستقر يكمن الأمل الرئيسي في إنشاء طريقة مؤقتة تسمح للديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية بالتعاون في معالجة القضايا الكوكبية الوجودية مثل تغير المناخ”، مشيراً إلى أن الدبلوماسية الخيالية فيما يتعلق بأوكرانيا اليوم تقدم أفضل أمل في تحويل حرب غير معلنة إلى سلام معلن.

موقع 24 الاماراتي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا