الرئيسيةتقاريريوميات فيروسنحن والحرب وكورونا

نحن والحرب وكورونا

بـقـلـم الدكتور موفق الخطيب – فلسطين
مراجعةالدكتور اسماعيل أبو عمرو – MD. FRCS – زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية – لندن

لقد بدأت ذروة الموجة الأخيرة من جائحة كورونا بالانحسار منذ نحو أسبوعين في معظم دول العالم، لأسباب واضحة كما توقعنا ذلك، من تغيير في مواصفات الفيروس، مع التغير في الأجواء المناخية. ولا زال الفيروس يفتك بآلاف البشر يومياً. وما أن بدأت تخف حدة الجائحة، حتى اشتعلت الحرب في أوكرانيا، لتنذر بما هو أكثر خطورة على المناطق التي عادة ما تتعرض للظروف الناجمة عن الحروب، كما حصل سابقا في العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم.

إن ما يجري يشير إلى تضاعف عدد الذين يحتاجون، تحت وقع الحرب، إلى دخول المستشفيات، والأدوية، والرعاية الصحية، في الوقت الذي يخشى فيه من انتشار متحورات جديدة، وعدم قدرة الناس على التمسك بسبل الوقاية بما فيها ارتداء الكمامات والحفاظ على التباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى عدم توفر المستشفيات الميدانية، وبخاصة في حالات التهجير والانتقال إلى مناطق آمنة. فعلى سبيل المثال، نحن نعلم أن مستوى الرعاية الصحية في أوكرانيا متقدم. إلا أننا نتوقع أن تتضاعف نسبة الوفيات في ظل الحرب، حيث يكون المرضى والذين يتلقون الاكسجين مثلً، من ضحايا هذه الحرب، إذ سيصعب توفيره وإيصاله إلى المناطق التي يحتاج فيها ضحايا الحرب له. كذلك الحال مع المتطلبات العلاجية الأساسية اللزمة في مثل هذه الظروف. هذا بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في حالات الإدخال إلى المستشفيات، التي ستمتلئ بإصابات الحروب، مما سيقود إلى ارتفاع الإصابات والوفيات.

قد تظهر متحورات أخرى أسرع انتشارا من أوميكرون السائد في الوقت الحاضر، كما نعرف عن طبيعة كورونا بأن تنبثق عنها متحورات جديدة بين فترة وأخرى، كما يحصل الن مع آخر المتحورات )الشبح الخطير – .)BA.2 والنصيحة المثلى في مثل هذه الحالات أن تلجأ السلطات الصحية إلى تخزين علاجات كورونا، وإلى تأمين العدد الكافي من الاسرة التي قد تلزم في المستشفيات، أضف إلى ذلك توفير المستشفيات الميدانية في الاماكن التي ينخفض فيها التصعيد الحربي، وتوفير إمدادات الاكسجين وغيره من متطلبات الرعاية الصحية.

إن تأثير النزاعات المسلحة على انتشار الامراض المعدية، عادة يسبب الانتشار السريع لهذه الأمراض. حيث تتوفر شروط هذا الانتشار، مثل العوامل الجغرافية والديموغرافية من سفر وتنقل واختلاط وازدحام، وصعوبة فرض التباعد الاجتماعي، والقيود المفروضة على السفر للبحث عن عالج مناسب. وعدم توفر الخدمات الصحية الجاهزة واللازمة خلال الحروب، كما وأن الأمراض المعدية تتسبب بالوفيات بين الجنود والمواطنين أضعاف المرات.

حين تنشب الحرب، قد يمتلك البعض مفاتيح إشعالها، إلا أن أحدا قد لا يمتلك خيوط إيقافها. والحرب في مثل هذه الجائحة، كما المخرز في خاصرة المريض على سرير الشفاء، لا يزيده إلا ألما وسقما. وما أن بدأت الحرب حتى بدأ المختصون بتحليل الآثار الناجمة عنها في كافة مناحي الحياة الإنسانية، طبيا واقتصاديا وسياحيا وزراعيا وبيئيا… الخ. فما بالكم إذا ما انهارت تلك المناحي بتأثير الحرب بين الشرق والغرب؟! وماذا سيحدث في تلك البلدان؟ وماذا ينتظر البلدان النامية التي لا تكاد أغلبيتها توفر الاحتياجات الأساسية العلاجية لشعوبها.

إذا ما اتسعت الحرب، ما الذي ستنتظره البلدان الفقيرة من الدول الغنية المتحاربة؟ هل ستحصل على المساعدات الاقتصادية والطبية والغذائية؟ وهل ستوفر الدول الغنية للدول الفقيرة اختبارات كورونا أو العلاجات أو اللقاحات أو حتى حبة القمح؟

بالتأكيد لن توفر الدول المقتدرة هذه الضروريات. فلقد فشلت في فعل ذلك وهي لا تمر بظروف الحرب. فيكفي أن ننظر لإحصائيات منظمة الصحة العالمية الصادمة، لنرى كمية اللقاحات والعلاجات، التي توفرت للدول الفقيرة. فعلى سبيل المثال، بلغت نسبة الملقحين بالكامل في العالم %56.4 في الوقت الذي تهدف فيه الدول إلى تأمين حصول %70 من سكان العالم على اللقاح بشكل كامل، بحلول منتصف العام 2022 م. وقد بلغ معدل التلقيح في دول أوروبا 66 %، فيما أن 90 دولة لم تصل بعد إلى هدف تلقيح 40٪، وأن أكثر من 85٪ كانوا من سكان إفريقيا، ما يعني أن حوالي مليار شخص، لم يتلقوا بعد جرعة واحدة من اللقاح. هذا بالإضافة إلى ما وصفته منظمة الصحة العالمية بالعار حيث رفضت الدول الفقيرة تلقي حوالي 100 مليون جرعة من لقاح كورونا لاقتراب موعد انتهاء صلاحيتها.

وكذلك الأسعار الباهظة لبعض الأدوية مثل الـ (Monoclonal Antibodies) والتي بالتأكيد سيكون من المستحيل حصول الدول الفقيرة عليها. هذا إذا ما سلمنا جدال بفعالية هذه اللقاحات والأدوية. حيث تشير الدلائل والحقائق والراء العلمية، إلى أن هذا الحلم بفعالية اللقاحات والأدوية ال زال بعيد المنال. وتؤكد الدلائل القادمة من البالد التي انتشر فيها المتحور (BA.2) كما في جنوب إفريقيا أن نسبة الوفيات المرتفعة جدا، مقارنة بعدد الإصابات، مذهلة ومخيفة. فقد تبين أن هذا الفيروس مقاوم بدرجة عالية لكل من اللقاحات والدوية التي طورت حديثا لعالج كورونا. لذا لا نجد ملاذاً في وجه هذا العدو القاتل إلا أن نؤكد، كما فعلنا مراراً، بأن سلامة المواطن، هي بين يديه وتعتمد على التزامه التام بقواعد الوقاية الصارمة. راجين عدم تقليد ما تفعله الدول التي تضربها الجائحة، وكون اقتصادهم الآن هو نزيل غرف العناية المركزة. ونذكركم بأبسط القواعد الضامنة لسلامتكم وسلامة أسركم في ربوع الوطن. ونعيد لكم مرة أخرى أهم طرق الوقاية:

ارتداء الكمامة؛

  • الحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعي؛
  • الابتعاد عن الجلوس أو التواجد في الأماكن المزدحمة، بل المضمونة التهوية في اتجاه واحد، في الغرف أو الأماكن التي تجلسون فيها.
  • غسل اليدين، والحفاظ على أقصى درجات النظافة.
  • في حالة الإصابة أو التشخيص الإيجابي، يجب تطبيق العزل الذاتي فوراً، لضمان سلمة أسركم وأصدقائكم وأبناء الوطن؛
  • عدم إنهاء العزل، إلا بعد عشرة أيام، وبعد الحصول على فحص سلبي في اليومين التاسع والعاشر. وإلا تمدد فترة العزل.

تمنياتنا لكم بالصحة والسلمة

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا