هل كانت وساطة بينيت مقامرة على مكانة إسرائيل في الساحة الدولية؟

يعنى زعيمان شرق أوسطيان هذه الأيام بمهمة الوساطة مع روسيا، وهما نفتالي بينيت ورجب طيب أردوغان. ولكليهما علاقات طيبة مع الجانبين. فيما يخص إسرائيل، تعد سوريا نقطة ارخميدس، أما ما يخص تركيا فالعلاقات الاقتصادية المتفرعة مع موسكو. ولكن بينما يلعب أردوغان بشروطه (يتحدث مع بوتين هاتفياً في ظل مبيت مسيرات متطورة للجيش الأوكراني وإغلاق مضائق البوسفور في وجه السفن الحربية الروسية) يقلع بينيت للقاء سري، ويمتنع عن الشجب، ويبتعد عن تزويد أوكرانيا بسلاح دفاعي. أردوغان الذي تحتاج علاقاته مع الغرب إلى التحسين، يخاطر أقل. أما بينيت الذي يقف على رأس دولة لها حلف استراتيجي مع الولايات المتحدة، فيضع رقبته على مذبح مساعي الوساطة بين روسيا وأوكرانيا.

حتى لو كان هناك أدنى احتمال لحل سلمي يوفره للطرفين، فإن بينيت ملزم باستغلاله حتى النهاية. وإذا نجح سيحظى باعتراف دولي وبشرف الملوك في الوطن. ولكن ما دامت روسيا تقصف أوكرانيا ومباني السكن وتذبح المواطنين الأبرياء، يتخذ بينيت صورة الزعيم الغربي الوحيد الذي يحاول بكل قوته ألا يغضب بوتين، وألا ينضم إلى العقوبات والتنديدات، وكذا كرجل يعطي الشرعية للنظام الروسي الذي يبدو في هذه اللحظة منعزلاً حتى أكثر من كوريا الشمالية.

استخدمت روسيا دوماً العلاقات الحميمة مع إسرائيل ضد العلاقات السيئة مع أوروبا. عندما ضمت روسيا القرم، لم تجد شجباً من إسرائيل؛ وعندما لم يصل أي زعيم غربي إلى مسيرة يوم النصر، سافر بنيامين نتنياهو إلى موسكو وسار مع بوتين في الساحة الحمراء؛ وعندما اتهمت روسيا أوروبا وأوكرانيا بأنهما تسمحان للنازيين الجدد بالعمل بحرية و”تعيدان كتابة التاريخ” كانت إسرائيل إلى جانب روسيا. واليوم أيضاً، عندما يضع بوتين لنفسه هدفاً كاذباً “لنزع الصف النازي” لأوكرانيا، لا تفتح إسرائيل فمها عن تخفيض القيمة الذي يجرى للكارثة.

مع كل الاحترام لمحاولة الحفاظ على المصالح الأمنية لإسرائيل، فإن مقرري السياسة هنا ملزمون باستيعاب أن روسيا لا تفعل إلا ما هو خير لروسيا. بمعنى أنه إذا ما قررت موسكو أن تزود إيران بمنظومات S400 وطائرات قتالية حديثة لبشار الأسد، فهذا ما سيحصل. هذا لن يكون شيئاً ما شخصياً، بل هي مصالح تجد موسكو نفسها ملزمة بدفعها كي تزيد المبيعات، وتعزز قوة الحلفاء وما شابه. مشكوك أن تكون لإسرائيل إمكانية للتأثير على هذه الخطوات. من جهة أخرى، إن ما قد يتعرض لضربة قاسية هي العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا. في الساحتين يهاجم الكثير من السياسيين الموقف الإسرائيلي الذي ينخرط كثيراً في المشهد الشرق أوسطي، حيث ملأت الإمارات في الخليج، ومصر والسعودية، أفواهها بالماء. أما الولايات المتحدة وأوروبا فيسألون: هل تريد إسرائيل أن تصبح جزءاً من الغرب الجماعي؟

ليس واضحاً ما إذا كانت محاولات بينيت التوسط في موسكو ستتوج بالنجاح، حتى وإن كان جزئياً. وليتها تنجح، وليت القتل الجاري في أوكرانيا يتوقف، وتتخلى هذه الدولة عن سيادتها وتخضع لموسكو. لكن الأسئلة التي تثور من الحاضر الإسرائيلي الراهن تتعلق ليس بالضرورة بأوكرانيا أو بروسيا، بل بإسرائيل وبمكانتها في الساحة الدولية.

بقلم: كسانيا سبتلوفا

إسرائيل اليوم 7/3/2022

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا