تفاهم الشيطانين الأميركي والايراني كتب حمادة فراعنة

ثلاث نتائج سجلها التدخل العسكري الاميركي لدى البلدان العربية والاسلامية ، اولها خسائر بشرية ملحوظة من الجنود والضباط الاميركيين ، وثانيها خسائر مالية فادحة اضرت بالاقتصاد الاميركي ، وثالثها نتائج وخيمة على مسار الحركة السياسية في هذه البلدان ، ادت الى وقف التطور الطبيعي في مجتمعاتها نحو التنمية والديمقراطية ، وادت الى التراجع الى الخلف ليكون البديل للانظمة التي سقطت بفعل التدخل العسكري ، اكثر رجعية وتخلفاً ، وادى الى انتعاش الافكار والرؤى والمفاهيم الرجعية والاصولية غير الديمقراطية ، وصعود مكانة احزابها وتنظيماتها المعبرة عن هذه المفاهيم ، ففي افغانستان انجب التدخل الاميركي تنظيم القاعدة ونظام طالبان ، وفي العراق ولدّ تنظيم الدولة الاسلامية داعش ونظام ولاية الفقيه ، وفي ليبيا لصالح القاعدة وداعش والاخوان المسلمين ، ولذلك تم انتخاب الرئيس اوباما على برنامج عدم التدخل العسكري وانسحاب القوات الاميركية على خلفية اخفاق السياسة الاميركية وفشلها ، ولهذا حصل اوباما مسبقاً على جائزة نوبل بسبب برنامجه الانتخابي ، الهادف الى كبح جماح التدخل العسكري الاميركي خارج حدود الولايات المتحدة ، وقد انعكست هذه السياسة على القرار الاميركي لعدم الاستجابة للمتطرفين داخل مؤسسات صنع القرار في واشنطن وعدم التجاوب مع المطالبات اليهودية الصهيونية ورغبات المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي نحو الخيار العسكري في التعامل مع طهران .
الخيار الاميركي نجح في تجنب توجيه الضربة العسكرية لايران ، بعد ان نجحت العقوبات الاقتصادية في انهاك الاقتصاد الايراني مما ادى الى نجاح التوصل الى تسوية واتفاقات مرحلية ذات طابع استراتيجي خدمة لمصالح الاطراف جميعاً : الولايات المتحدة واوروبا وروسيا والصين وايران وشعبها التواق للامن والحياة والرفاهية ، وللشعوب العربية التي لا مصلحة لها الا بالتعايش والسلام وحُسن الجوار مع ايران ومع غيرها من القوميات والبلدان المجاورة .
مواصفات طهران عن الشيطان الاميركي الاكبر ، ومواصفات واشنطن عن ملالي طهران وتدخلاتهم ورجعيتهم وارهابهم الفكري ، لم يحل دون التوصل الى اتفاق وتفاهمات بين معسكري الشياطين ، ليكونوا سوية مع بعضهم البعض على طاولة المفاوضات وفي تعاملهم على قاعدة الاحترام ومهابة والاقرار بالمصالح ، بينما الذين خدموا السياسات الاميركية ، من زين العابدين بن علي الى حسني مبارك وعلي عبد الله صالح وقبلهم شاه ايران باتوا مشردين او مطاردين او مسجونين ولم ترحمهم خدماتهم للاميركيين ولم توفر لهم ملاذاً او مكاناً اماناً للتقاعد ، بعد ان قطعوا اشواطاً في حياتهم وباتوا على ابواب الرحيل .
رفض حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية للاتفاق الايراني مع الدول الكبرى ، مفهوماً ، لانه يتعارض مع رؤيتها التوسعية وان تكون دولة قوية وحدها في منطقتنا العربية ، ولكن رفض الاطراف العربية للاتفاق يعود لسبب جوهري وهو انها ستدفع الثمن واستحقاقات هذا الاتفاق كونها عاجزة عن مواجهة السياسات الايرانية ومبادراتها في دعم حزب الله وانصار الله والاحزاب العراقية وغيرهم ، بينما الدعم الخليجي مثلاً للشعب الفلسطيني ونحو القدس وصمود الفلسطينيين على ارضهم وضيعاً ، واسناد اليمن وحاجاته للتنمية متواضعاً ، وتغطية احتياجات الاردنيين الاقتصادية مخجلة مقارنة مع حجم المصالح المتداخلة .
يعيش على ارض الخليج العربي ملايين من العاملين من بلدان جنوب وشرق اسيا مقارنة مع العرب ، من الاردنيين والفلسطينيين واليمنيين وغيرهم ، فالمقارنات تعكس غياب الاولويات الضرورية لجعل حالة الاستقرار مطلباً للطرفين للخليجيين الاثرياء الذين يحتاجون للايدي العاملة ، وللبلدان العربية التي تتوفر لها ايدي عاملة عاطلة عن العمل ، فهل تتصرف بلدان الخليج العربي برؤية سياسية امنية استراتيجية بعيدة المدى تعكس برنامج وطنياً قومياً يحميها من تفاهم الشياطين ؟؟ .
h.faraneh@yahoo.com

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا