الرئيسيةمختاراتمقالاتالتطهير العرقى وعدم التكافؤ الفلسطينى- الإسرائيلى

التطهير العرقى وعدم التكافؤ الفلسطينى- الإسرائيلى

بقلم: د. أيمن سلامة*

فى مقابلة مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فى عام 2014، حول إمكان حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، زعم أن تَصَور الفلسطينيين لدولتهم فى الضفة الغربية ما هو إلا فعل من أفعال التطهير العرقى، واستطرد نتنياهو: «يقولون إنه لا يمكن أن يعيش اليهودى هناك، ويجب أن تكون المنطقة نظيفة خالية من اليهود، وهذا هو التطهير العرقى». بهذه الطريقة، فقد ألمح رئيس وزراء إسرائيل إلى أن أى تفكيك للمستوطنات فى الضفة الغربية ونقلها إلى مناطق قبل عام 1967 سينطوى على فعل «تطهير عرقى».

فلا يرغب نتنياهو فى الاعتراف بأن الفلسطينيين طُهِّروا عرقيًا فى عامى 1948 و1967، وأنهم يواصلون العيش تحت تهديد تهجير قسرى لا يتوقف، وهنا يتبنى نتنياهو ذات الأطروحات الغريبة التى تروج لها المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية الاستيطانية، وأبرزها منظمة «ريغافيم»، حيث يصف فك الارتباط عن المناطق المحتلة التى شكلت 22 فى المائة من فلسطين الانتدابية بأنه انتهاك صارخ لحقوق المستوطنين اليهود، الذين استعمروا تلك الأرض بأوامر من الدولة بعد أن احتلت بعد حرب عام 1967.

حظى فيديو نتنياهو وإسقاطه مصطلح التطهير العرقى على المستوطنين الإسرائيليين بأكثر من مليون مشاهدة على صفحته على «فيسبوك»، وتداوله ملايين آخرون عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعى، وتسبب الفيديو فى صدمة لدى محللين ومراقبين كثيرين، وأثار جدلًا مشحونًا فى وسائل الإعلام الدولية، وإدانات من شخصيات دولية، من بينها على سبيل المثال، الأمين العام السابق للأمم المتحدة آنذاك، بان كى مون، الذى وصفه بأنه «غير مقبول وشائن».

أماط ذلك الفيديو اللثام عن استراتيجية إسرائيل، المتمثلة فى الاستيلاء على رواية الضحية من أجل حشد الدعم العام، وهى استراتيجية القاتل، الذى يحاول جاهدًا التطهُّر من دماء الذبيحة بإلصاق جرائم الاضطهاد والتطهير العرقى والقتل واستهداف المدنيين الفلسطينيين المحتلين منذ عام 1967.

ما انفكّت العقيدة الإسرائيلية، التى لم يؤثر فيها تبدُّل الحكومات والأحزاب والأشخاص، تجعل مركزيتها فى صراعها مع العرب والفلسطينيين، خاصة ترويج النظام والمشروع الصهيونيين كضحية لتبرير العدوان والغزو وقتل المدنيين الفلسطينيين بوصفهم القتلة المشروع استهدافهم، وبغض النظر عن كونهم مدنيين عزلًا غير منخرطين فى أى قتال، ومن بين هؤلاء آلاف الأطفال الذين قضوا جراء القصف العشوائى الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية المحتلة فى القدس وغزة والضفة الغربية، ولا يتسع المجال لبيان ذلك، ولكن يكفى تدليلًا الحملات العسكرية الإسرائيلية فى العقود الأخيرة، مثل «الرصاص المصبوب» و«الجرف الصامد» و«عمود السحاب» وغيرها، والرسالة الإسرائيلية التى تحشدها السلطات الإسرائيلية المختلفة فى مواجهة «العدو» تتلخص فى رواية لا تسأم أو تخجل منها إسرائيل، وهى «أنا الضحية».

جلِىٌّ أن عدم التكافؤ بين المحتل العسكرى الإسرائيلى والفلسطينيين الذين يرزحون تحت نير أطول احتلال عسكرى فى التاريخ الحديث لا يقتصر على الكفاءة العسكرية والقدرات القتالية والتسليحية وحسب، ولكن الفاعل الأخطر فى ذلك السياق الاستغلال الإسرائيلى لعجز المجتمع الدولى، وقصور العدالة الدولية تجاه إحقاق الحق الفلسطينى، الذى توالى اغتصابه من قِبَل المحتل الإسرائيلى فى عام 1948، ثم عام 1967.

*أستاذ القانون الدستوري الدولي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا