الرئيسيةمختاراتمقالاتانتخابات تشريعية تأخذ فرنسا إلى عدم الاستقرار

انتخابات تشريعية تأخذ فرنسا إلى عدم الاستقرار

بقلم: باسم برهوم

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الفرنسية، أن الرئيس ماكرون قد خسر أغلبيته البرلمانية، فقد حصل حزبه “معا” على 245 مقعدا من أصل 577 هي مجمل مقاعد الجمعية الوطنية، الأمر الذي يعني أن على الرئيس البحث عن حلفاء يشاركونه حكومته، وأنه على الأغلب لن يكون باستطاعته استكمال برنامجه الإصلاحي. وقد تكون مشكلة ماكرون الأشد هي بالثمن الذي يتوجب عليه دفعه للحليف المحتمل، فهو بين فكي كماشة أحدهما يساري والثاني يميني وكلاهما، ومن زاويته المختلفة، يضع قائمة شروط من الصعب تلبيتها.

ولكن ما يزعج ماكرون، وربما كل الطبقة السياسية والنخب الفرنسية، هو عزوف أغلب الفرنسيين عن المشاركة في الانتخابات، وفي الحياة السياسية بالمجمل، فقد تجاوزت نسبة المقاطعين في انتخابات أمس الأول الـ 54%، الأمر الذي يعني أن هؤلاء قد فقدوا الثقة بالطبقة السياسية. أما أكبر الرابحين في هذه الانتخابات فهو اليمين المتطرف بزعامة ماري لوبان التي حققت مع تجمعها اختراقا كبيرا بحصولهم على 89 مقعدا، أي عشرة اضعاف ما حصلت عليه في الاننخابات السابقة.

وعلى الجهة الأخرى من الخارطة، حصد تجمع اليسار، الذي يضم أحزابا يسارية تقليدية وأخرى راديكالية وبيئية، فقد حصلوا على 135 مقعدا. أما اليمين التقليدي، حزب الجمهورية فقد حصلوا على 61 مقعدا، وهم الأقرب للتحالف مع ماكرون، بالرغم من تحفظ وتردد قيادات وازنة في الحزب حول الإقدام على مثل هذه الخطوة، وان الرهان هنا على قدرة الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي احد المؤثرين في الحزب في إقناع الجمهوريين على الدخول في تحالف مع ماكرون.

ومن زاوية أخرى، وإذا فكر الرئيس الفرنسي بالتحالف مع اليسار، فستواجهه مشكلتان رئيسيتان، الأولى: أن هذا الائتلاف أو التجمع اليساري فيه عدة أطراف هي في الأصل متناقضة فيما بينها، ولا يجمعها سوى هدف إحباط خطط ماكرون في رفع سن التقاعد إلى 65 عاما. أما المشكلة الثانية فهي الفجوة الكبيرة بين البرامج الاجتماعية – الاقتصادية، وهي فجوة من الصعب جسرها خصوصا، وكما سبق ذكره، أن تجمع اليسار ليس حزبا واحدا، وأن فيه أطرافا ترفض من حيث المبدأ فكرة التحالف مع ماكرون، وتعتبرها خيانة للناخبين، الأمل الوحيد أمام الرئيس الفرنسي هو أن يفرط عقد تجمع اليسار ويجد من بينهم من يقبل التحالف معه، وهذا أمر قابل للحدوث مع بعض التنازلات من هذا الطرف أو ذاك.

وبغض النظر عن نجاح الرئيس ماكرون من عدمه في الوصول إلى توليفة تؤمن له تشكيل حكومة، فإن تقديرات المحللين هي أن فرنسا مقبلة على سنوات من عدم الاستقرار. وبالرغم من أن الدستور الفرنسي يعطي الرئيس الحق، وفي حالات محددة، القفز عن البرلمان وتعيين حكومة ، ولكن هذا الإجراء الاستثنائي جدا لا يتمتع بالشعبية، وقد تجد فرنسا نفسها أقرب إلى فكرة حل البرلمان (الجمعية الوطنية) والذهاب إلى انتخابات جديدة.

معضلة الفرنسيين أنه لا مال للرفاهية السياسية، فالواقع في أوروبا، مع وجود الحرب في أوكرانيا واحتمال استمرارها لسنوات، هو واقع صعب ومعقد ما يعني أوضاعا اقتصادية لا تقل صعوبة على العالم وأوروبا وبالتأكيد فرنسا من ضمنها، لذلك ستجد الأحزاب الفرنسية نفسها أمام واقع يفرض عليها دفع المزيد من التنازلات من أجل تشكيل حكومة أكثر استقرارا فالأوضاع دقيقة جدا، والوقت من ذهب والشعب الفرنسي العازف في معظمه عن السياسة لن يرحم.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا