الرئيسيةمختاراتمقالاتتحديات داخلية وخارجية تواجه نتنياهو

تحديات داخلية وخارجية تواجه نتنياهو

بقلم: رجب أبو سرية

رغم فوز معسكره الانتخابي بفارق أربعة مقاعد، الأمر الذي لم يحققه خلال الجولات الانتخابية الأربع السابقة، إلا أن طريق تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، لا يبدو مفروشاً بالورد، فما أن أغلقت صناديق الاقتراع، وبدأت النتيجة في الظهور، حتى بدأ التنافس بين شركاء الائتلاف الذين سيشكلون الحكومة الإسرائيلية المقبلة في الظهور، خاصة ما بين نتنياهو وحزبه الليكود من جهة، وبين كتلة الصهيونية الدينية بحزبيها اللذين يرأس أحدهما بتسلئيل سموتريتش، والآخر ايتمار بن غفير، ذلك أنه دائماً ما كانت أحزاب الحريديم الدينية، بلا مشاكل، نقصد حزبَي شاس ويهدوت هتوراه، ولأن كتلة الصهيونية الدينية مكونة من حزبين، كان نتنياهو شخصيا قد دفعهما للدخول في الانتخابات بشكل موحد، من أجل زيادة مقاعدهما في الكنيست، وتجنب احتمال عدم تجاوز نسبة الحسم، فإن مطالب كل من بن غفير وسموترتيش تعتبر مضاعفة، وهكذا واجه نتنياهو أول تحد على طريقه في تشكيل الحكومة.
كان بن غفير واضحاً منذ ما قبل الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات، بأن طالب بوزارة الأمن الداخلي، لكن المشكلة معه تكمن في تطرفه الزائد وفي عنصريته الفجة، فمجرد وجوده في الحكومة يعتبر تحدياً للحليف الاستراتيجي، الأميركي، والذي كان قد طالب نتنياهو بعدم ضمه للتشكيل الحكومة، كذلك طالبت دول عربية ممن شاركت إسرائيل في اتفاقيات التطبيع بالأمر ذاته، أما المشكلة مع سموترتيش فتكمن في أنه طالب بمقعد وزاري أهم من مقعد بن غفير، وحدد بذلك واحدة من وزارتين، هما: الدفاع والمالية، وحيث أن آرييه درعي زعيم شاس يريد حقيبة المالية، فإن منح الدفاع لسموترتيش، والأمن الداخلي لبن غفير، في الوقت الذي ينوي فيه نتنياهو منح الخارجية لسفير إسرائيل السابق في واشنطن رون دريمر، ربما في محاولة منه لترطيب العلاقة مع أميركا، التي من المتوقع أن تدخل علاقته معها في حالة من البرود.
توزيع الحقائب الوزارية بهذا الشكل يدفع قادة الليكود إلى الاحتجاج وعدم الرضا، حيث لم يتبق لهم سوى فتات المائدة، لذا فإن نتنياهو سيأخذ وقته في “لم الموضوع”، ولن يسارع كما كان متوقعاً إلى تشكيل الحكومة بمجرد أن منحه رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ التفويض، والأخبار حتى الآن تشير إلى أن نتنياهو من أجل إرضاء نواب معسكر اليمين_اليمين المتطرف، سيلجأ إلى توسيع الحكومة، كما أنه سيعمل وفق ما يسمى بالقانون النرويجي، الذي يعني استقالة الوزراء من عضوية الكنيست، من أجل إدخال أعضاء جدد للكنيست، وأنه ينوي تعيين 18 عضو كنيست في مناصب وزارية.
كما أن نتنياهو وافق على إلغاء قانون الإخلاء من طرف واحد من شمال الضفة الغربية، ذلك القرار الذي اتخذته إسرائيل قبل 18 سنة، أي في أعقاب إقامة سور الفصل العنصري، وذلك كتنازل لبن غفير، بما قد يعني بأنه يفكر في محاولة إقناع الرجل بقبول وزارة أخرى غير الأمن الداخلي، حتى يتسنى له منحها لسموتريتش، وعلى الأغلب فإنه بسبب أولاً من أن معسكر نتنياهو فاز بأغلبية مريحة، وثانياً بسبب خروج المعارضة مفككة، فعلى الأقل لا يبدو أن كلاً من يائير لابيد وبيني غانتس على توافق، فكل منهما يرى نفسه رأساً، حتى قبل أن يخسرا الانتخابات لصالح معسكر نتنياهو اليميني المتطرف، على ذلك لا يبدو هناك ما يمنع نتنياهو من تشكيل حكومته السادسة، لكنه بالطبع يريدها أكثر طوعاً له شخصياً، من خلال خلق حالة توازن بين خصومه في الليكود وشركاء الائتلاف خاصة كلا من بن غفير وسموترتيش.
بتقديرنا بأن المعارضة داخل إسرائيل ستتجاوز المعارضة الحزبية أو الرسمية داخل الكنيست، فبعد صدمة فشل ميريتس في تجاوز نسبة الحسم، ومع وجود التطرف داخل الحكومة، والذي سيوجه سهامه للعرب داخل إسرائيل وليس للفلسطينيين في القدس والضفة وغزة وحسب، وقد تشهد إسرائيل عودة التظاهرات الداخلية الحاشدة التي تطالب بالحل السياسي، خاصة مع تولي نتنياهو المسؤولية الرسمية ومدن الضفة تغلي، وهو وإن كان ليس مسؤولاً عن مقتل شيرين أبو عاقلة ولا عن ظهور كتائب المقاومة في مدن جنين ونابلس والخليل، إلا أنه سيواجه هذا الملف فور تشكيله الحكومة، وهكذا فإن تحديات نتنياهو الداخلية لن تتوقف عند حدود المصاعب في تشكيل الحكومة، وهي للحقيقة تحدث كل مرة، عند الشروع في توزيع كعكة الفوز عقب الانتخابات أياً من يكون الفائز بها، خاصة حين تكون الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي كثيرة.
أما التحديات الخارجية فلا تبدو بأنها أقل صعوبة أو خطورة على حكومة نتنياهو، فإضافة إلى أن نتنياهو سيجد المدن الفلسطينية على غير ما كنت عليه قبل عامين، أي حين كان يتولى الحكم، وبغض النظر عمن يكون وزيراً للدفاع باعتبار أنه لن يكون الخبير الأمني بيني غانتس، أي سيكون وزيراً سياسياً، بتسلئيل سموترتيش أو غيره من الليكود، لن يقابل من الجيش بعلاقة أفضل من تلك التي كانت تجمع غانتس مع قادة الجيش، باعتباره كان واحداً منهم، بما يعني بأن حكومة نتنياهو لن تكون أفضل حالاً من سابقتها في مواجهة المقاومة الفلسطينية، خاصة إذا ما تقدم ملف إنهاء الانقسام الداخلي خطوة إضافية عبر الجزائر، كذلك هنا يبدو الكفاح الرسمي بمثابة تحد إضافي لنتنياهو ونقصد به قرار الأمم المتحدة، الخاص بالطلب من محكمة العدل الدولية توصيف الاحتلال الإسرائيلي بعد أكثر من نصف قرن على وجوده.
ورغم نجاح إسرائيل في منع العودة الأميركية لاتفاق العام 2015 مع إيران، إلا أن نتنياهو سيواجه قراراً حاسماً وهو كيف يمنع إيران من التقدم نحو امتلاك السلاح النووي، وفي الوقت الذي تبدو فيه أميركا غارقة حتى أذنيها في الملف الروسي/الأوكراني، بمعنى أنها لن تكون جاهزة للمشاركة في حرب ضد إيران، كذلك بالطبع سيواجه تزايد مؤشر الخصومة مع أميركا في ظل الإدارة الديمقراطية، بعد أن كان قد أظهر تحالفه الكبير مع خصمهم الجمهوري دونالد ترامب، ومجرد أن يدخل مكتب رئيس الحكومة في شارع بلفور، سيجد على مكتبه مطالبة مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي بفتح التحقيق في ظروف اغتيال المواطنة الأميركية/الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، والتي اتبعت بمطالبة كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بفتح التحقيق حول اغتيال الجنود الإسرائيليين للطفلة فلة المسالمة، وكل هذا يعني بأن إسرائيل قد بدأت تدخل في نفق مظلم، نفق وصمها بدولة الفصل العنصري، الدولة الخارجة على القانون الدولي، بما يؤكد بأن الشعب الفلسطيني إن لم ينجح في المدى المنظور بإلحاق الهزيمة بالاحتلال الإسرائيلي بالضربة القاضية، فإنه سينجح في ذلك بكسب النقاط.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا