دبلوماسية الشباب … وشباب الدبلوماسية ” كتب فراس الطيراوي

م يكن في خاطري يوما ان اكتب عن أشخاص .. فجل اهتمامي في الكتابة دائما عن شهدائنا الابرار، وأسرانا البواسل، واسيراتنا الماجدات الحرائر في الباستيلات، و قضايا شعبنا وهمومه والمناسبات الوطنية، الا انه يوجد دائماً أشخاص يؤثرون إيجابياً في حياتنا، يعملون في الظل، يؤدون ادوارهم بشجاعة وكبرياء، لا ينتظرون الشكر أو المكافأة، همهم زوال الاحتلال الغاشم عن ارضنا الفلسطينية المباركة ورفع الظلم والعدوان عن أبناء شعبنا وتعرية الاحتلال وكشف جرائمه وعنصريته امام العالم، همهم راحة بالنا واستقرار وطننا، والحفاظ على امننا، والنهوض ببلدنا، ورسم الابتسامة على وجوهنا، فمثل هؤلاء يستحقون كل الاحترام والوفاء والتقدير.

ان التميز والابداع، وروح الوطنية، والاخلاص، والعطاء، والمثابرة، والتفاني في العمل من اجل القضية وخدمة ابناء شعبنا وجاليتنا في الولايات المتحدة، هو الذي استوقفني ودفعني لقول كلمة حق يستحقها هذا الشخص غير العادي في دماثة خلقه وسلوكه الوطني والاخلاق الرفيعة، والدبلوماسية الرائعة التي يتمتع بها.. فالتحول في نوعية العمل الفلسطيني وتجديد الروح له، كانت أهم البصمات التي أضافها نائب السفير” عمر الفقيه” ، فقد كان حاضرا دائما مع ابناء جاليتنا في العديد من المناسبات والاحداث، يتحرك بنشاط غير عادي، يتواصل مع المعظم في مختلف الولايات الامريكية، يضعهم في صورة الاوضاع السياسية، وكيف يجب ان تكون استراتيجية العمل الفلسطيني من قبل ابناء جاليتنا، يحث الجميع على تفعيل دور الجالية بكافة مكوناتها.

قام بجولات في عدة ولايات والتقى عدد كبير من الناس من كافة الشرائح والمكونات.. صاحب حديث هادف ونفس وحدوي. يدعو دائما الى وحدة جاليتنا ومؤسساتها، بوصلته فلسطين.. وليست أية جهة أخرى ، شارك في العديد من المناسبات الوطنية، صاحب محتوى فكري وسياسي، و تجربة كبيرة في العمل، يعرف كيف يتعامل مع جميع الاطياف سواء كانت سياسية أو جغرافية، أو طبقية.. يعرف جيدا كيف يخاطب الناس ويتحدث اليهم بلغة ليست فقط موجهة للعقول بل للقلوب ايضا .. احب الناس وأحبوه، ولأول مرة ومنذ قدوم هذا الدبلوماسي الشاب يشعرون أبناء الجالية على امتداد الساحة الامريكية بالتقارب والتواصل بهذا الشكل منذ زمن بعيد مع المؤسسة الرسمية. واستذكر هنا بعض الشواهد والاحداث التي سمعتها من اهلنا في ولاية كارولينا الشمالية والتي تشهد على ذلك.. بعد حادثة مقتل ثلاث طلاب في جامعة كارولينا الشمالية والتي اخذت الصدى الابرز في الرأي العام الامريكي، كيف كان عمر الفقيه من أول الاشخاص الى جانب اسرة الطلبة ووقف وقفة مشهودة فيها منذ اليوم الاول وشارك في الجنازة وبقي حتى انتهاء بيت العزاء في بادرة كان لها صدى كبير لدى عائلتي الطلبة والتخفيف من مصابهم، ولدى أبناء جاليتنا في ولاية كارولينا الشمالية، فكانت لكلمته صدى مؤثر لدى عائلتي المغدورين وقدم رسائل التعزية من السيد الرئيس .. والتقى اعضاء الكونجرس ورئيسة الجامعة التي كان يدرس بها الطلبة وممثلي الجالية.. حتى بادر احد كوادر الجالية بالقول.. “زارنا فقط السفير المرحوم “حاتم الحسيني” في اوائل الثمانينات وانت الان حضورك جدد لنا الامل والتواصل مع القيادة الفلسطينية”، حافظ على حضور فلسطين والقيادة الفلسطينية في جميع الاوقات والاحداث..

اما بالنسبة لصدى العمل الدبلوماسي الفلسطيني في العاصمة واشنطن، فقد أصبح له صدى في الوقت التي توجد اولويات عديدة للساسة والمهتمين في واشنطن.. فهو من انشط الدبلوماسيين العرب في الساحة الامريكية، تجده في كل الاحداث والمناسبات وله من العلاقات المميزة مع العديد من الفعاليات والمؤسسات ..فأينما ذهب .. تكون فلسطين حاضرة. في الكونجرس.. ومؤسسات الفكر.. الكنائس.. والمحاضرات في الطلبة الجامعيين والشباب الأمريكي المهتمين في الصراع في الشرق الاوسط. حيث يوصل رسالة فلسطين على اكمل وجه ويستطيع ان يؤثر فيهم ويدحض الرواية الاسرائيلية بأسلوب مقنع ومتميز. وفي اوساط الجالية يتحرك ويقوم بالزيارات ويقدم النصح والخدمات بدون حدود… فعندما تم سؤاله مرة .. كيف تسير الامور لديكم في واشنطن؟ أجاب اننا نمشي في ساحة مليئة بالأشواك !. لكننا مصممون على النجاح بالإرادة والانتماء وحكمة القيادة السياسية”، انه قمة الابداع والتميز في ساحة مليئة بالتحديات والعراقيل.

ان ممارسة العمل الدبلوماسي يعتبر نشاطا مؤسساتيا يمارس بعد قيام الدولة، لكن الدبلوماسية في حالتنا الفلسطينية استثناء، فهي نشأت وتطورت في ظروف مختلفة عن نظيراتها في معظم دول العالم، فقد برزت في ظل قبل اقامة كيان فلسطيني مستقل ذي سيادة. كذلك لم تعمل من داخل الاراضي الفلسطينية بسبب الاحتلال الغاشم وقبل توقيع اتفاقية أوسلو بل كانت تعمل من داخل أراضي الغير، وقد أخذ العمل الدبلوماسي الفلسطيني بالتوسع والتطور واحتل موقعا مرموقا في العملية النضالية والثورة الفلسطينية، زاحم خلالها العمل العسكري والتنظيمي واستمر وبقوة بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية والاعتراف الدولي بفلسطين . فالبرغم من الظروف الصعبة والمراحل المعقدة التي واجهت العمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني، الا ان الدبلوماسية الفلسطينية استطاعت عبر عقود من الزمن ان تحقق إنجازات ونجاحات كبيرة على صعيد العلاقات الدولية، فاستطاعت كسب الأصدقاء والتأثير في الرأي العام الدولي لصالح القضية الفلسطينية، فلهذا يجب الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إمداد السلك الدبلوماسي الفلسطيني برجال يتمتعون بالموهبة الدبلوماسية وهذه الموهبة لا تكتسب بل تولد مع الانسان وتصقل بالعلم والاطلاع والممارسة، وكذلك اعتماد مبدأ الكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتعيين سفراء شباب مؤمنين بوطنهم وعدالة قضيتم دون التخلي عن الرواد الأوائل الذين أدوا دورهم في حدود الممكن، ويحب الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم نحو تطوير السلك الدبلوماسي الفلسطيني.

وفي الختام لك منا أبناء الجالية الفلسطينية نائب السفير ” عمر الفقيه” كل الاحترام والمودة والتقدير، ونعم الدبلوماسي الفلسطيني، نتمنى لك كل التوفيق في خدمة قضيتك وشعبك، وان يكون النهج الدبلوماسي في الساحات الخارجية.. بنفس الأسلوب والتميز الذي يتسم به والذي يعتبر مثلا ناجحا بامتياز للدبلوماسية الفلسطينية. فقدرته على العمل والمزج بين مدرستي الدبلوماسية الرسيمة والدبلوماسية العامة والشعبية هي مهارة عظيمة أدت الى تحقيق قصة نجاح في فترة زمنية قياسية. فالاهتمام في الجالية الفلسطينية وترتيب اوراقها مهم جدا وجزء من المسؤولية التي تقع على عاتق سفارتنا في الخارج ، لان الجاليات هي رافعة للعمل الفلسطيني في الشتات وثروة وطنية تستحق التقدير والاهتمام.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا