حرب النار

لم تكن اعتداءات المستوطنين الأخيرة بحق أبناء شعبنا، من إحراق ممتلكات المواطنين والمساجد، والكنائس، بالأمر الجديد، ففي عام 1969 بدأ المتطرف دينيس مايكل روهان بذلك، عندما اقتحم المسجد الأقصى المبارك من باب الغوانمة وأشعل النار في المصلى القبلي.

في أكثر من واقعة، أقدمت عصابات المستوطنين على إضرام النيران في مقدسات إسلامية ومسيحية بالقدس وغيرها من البلدات، إضافة إلى خط شعارات عنصرية مسيئة ضد العرب والمسلمين والمسيحيين.

“حرب النار” كما يسميها بعض المواطنين، لم تقتصر على الشجر والحجر، بل طالت المواطنين أنفسهم، كما حدث مع الفتى الشهيد محمد أبو خضير (16 عاما) من مدينة القدس المحتلة، عندما أضرم ثلاثة مستوطنين النار في جسده، عقب اختطافه في الثاني من تموز عام 2014، تلاها حادثة إحراق عائلة دوابشة في بلدة دوما جنوب نابلس عام 2015، واستشهاد ثلاثة من أفرادها.

“أمس الأول حاول المستوطنون إحراق مواطن، وهو داخل مركبته بين بلدتي مجدل بني فاضل وعقربا جنوب نابلس، إلا أن عناية الله قدرت له النجاة من الحادثة”، بحسب مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس.

يضيف: “خلال اليومين الماضين أحرق مستوطنون منزلا ومركبة في بلدة ترمسعيا شمال رام الله، ونحو 12 مركبة في مجدل بني فاضل وعقربا وجالود جنوب نابلس، إضافة إلى رصد أكثر من 150 اعتداء، بحق المواطنين وممتلكاتهم”.

ويؤكد دغلس أن جرائم الحرق عادت بقوة وبشكل أوسع؛ من خلال استهداف المواطنين داخل منازلهم ومركباتهم، باستخدام مواد سريعة الاشتعال تلتهم ما حولها وتنتشر بسرعة في الأرجاء.

ويتابع: “جرائم الحرق طالت مساجد ونسخا من القرآن، ومحالا تجارية، وغرفا زراعية، وحقولا ومزروعات، فافتعال الحرائق بسبب المستوطنين كثيرة منذ بداية الاحتلال لفلسطين، وهي شاهدة على جرائمه”.

ويقول “ما زال الطفل أحمد دوابشة الناجي الوحيد من المحرقة، يعاني من آثار الجريمة التي ارتكبها المستوطنون بحق عائلته”.

لعل استخدام النار من أكثر الوسائل دموية، التي يلجأ اليها المستوطنون لإلحاق أكبر ضرر بالفلسطينيين وممتلكاتهم؛ واليوم باتوا يطالبون باقتناء أسلحة رشاشة وأخرى ثقيلة بدلا من “المسدسات”.

ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، أن إقدام المستوطنين على استخدام أساليب النار، وإحراق ممتلكات المواطنين عبر جماعات متطرفة، يهدف لتضييق الخناق على الفلسطينيين، وإيذائهم، وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بممتلكاتهم.

ويقول منصور “إن المستوطنين يعتبرون تنفيذ مثل هذه العمليات يساعد في تهجير الفلسطينيين من أرضهم؛ من خلال استهداف المواطنين أنفسهم، وترويعهم، وإيذائهم”.

ويضيف “أن بعض جماعات المستوطنين في سبعينات القرن الماضي اعتمدت على أسلوب الاغتيالات والقتل، لكن عادوا إلى استخدام النار في استهداف الفلسطينيين، والتي ربما لا تترك أثرا يدلل على من قاموا بها”.

يشار إلى أن الاحتلال ومستوطنيه نفذوا 8724 اعتداء بحق المواطنين وممتلكاتهم في مختلف المحافظات خلال العام الماضي، حسب تقرير صدر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وفا- بسام أبو الرب

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا