الرئيسيةأخبارعربية ودوليةما علاقة طهران بالقوات الروسية الخفية في أوكرانيا؟

ما علاقة طهران بالقوات الروسية الخفية في أوكرانيا؟

أفادت مؤسسة بحثية إيرانية أن موسكو استوردت فكرة “الباسيج” لتنفيذ عملياتها العابرة للحدود

عيسى نهاري

بينما يعاني الجيش الروسي من خسائر الجبهات الأوكرانية وتغير القيادات، كان لافتاً التكريم الأخير الذي حظيت به قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة المعروفة بـ “فاغنر” من سيد الكرملين، نظير جهود عناصرها في حرب أوكرانيا، التي تبدو أكثر تعقيداً بعد حوالي سنة من نشوبها.

النموذج الإيراني

ومع تأكيد فلاديمير بوتين على الدور المهم الذي تلعبه القوات الخاصة في استراتيجية موسكو، أجرى تقرير نشره المعهد الإيراني لتحليل السياسة الخارجية Madain مقارنة بين أسلوبي القوات غير الرسمية التي يستخدمها النظام الإيراني لقمع الاحتجاجات الشعبية، والقوات المجهولة التي حاربت من أجل روسيا في مغامراتها العابرة للقارات في كل من سوريا وليبيا وأخيراً أوكرانيا.

وتوصل المعهد إلى أن تقارب النهجين الإيراني والروسي لم يكن عفوياً، فمنذ أكثر من عقد ونصف تابعت روسيا عن كثب أداء “الباسيج” في إيران، وهي قوات مكونة من متطوعين شبه عسكريين موالين بشدة للنظام في طهران، وتتبع المرشد الأعلى مباشرة.

وذكر التقرير بأن روسيا استوردت فكرة قوة الباسيج الإيرانية لتنظيم قواتها غير الرسمية، فوفقاً لمصادر في وزارة الداخلية الروسية وصفتها المؤسسة البحثية بـ “الموثوقة”، فإن أداء الباسيج في إيران وتنظيم قواتها في عامي 2008 و2009 لفت انتباه الحكومة الروسية، مما دفعها إلى إرسال مجموعة من الخبراء إلى السفارة الروسية في طهران لدراسة إدارة هذه القوات، وطرق تجنيدها، وتدريبها ومهماتها.

وأشار إلى أن الحكومة الروسية كانت عازمة على تدريب ميليشيات موثوقة منتمية أيديولوجياً، وإيلائها مهمات في الداخل والخارج متى لزم الأمر، وفي هذه الخطة، تحل الصالات الرياضية محل دور المساجد في إيران، وفي المرحلة الأولى، تستهدف المناطق ذات الدخل المنخفض، ويسمح باستخدام صالات الألعاب الرياضية مجاناً من خلال إنشاء نوادي اللياقة البدنية الناطقة باللغة الروسية، التي يديرها لاعبو كمال أجسام تابعون للجيش وأجهزة المخابرات الروسية.

ويعد غياب العناصر المعادية لروسيا والمسيحية الأرثوذكسية في هذه الدوائر معياراً أساسياً للقبول، على أن يجند الأفراد بعد تلقيهم تعليماً أيديولوجياً من اليمين المتطرف الروسي، ومن ثم إرسالهم إلى التدريب العسكري إذا أظهروا استعداداً لذلك، وقال التقرير، “شكلت هذه القوات جوهر قوة التعبئة العامة الروسية، التي لعبت في ما بعد دوراً رئيساً في حرب أوكرانيا، وعلى رغم عدم منح هذه القوات غير الرسمية موارد مالية خاصة للتدريب والوجود المنظم، فقد منح الجنود رواتب نظير مشاركتهم في عمليات عسكرية.

القومية الروسية

بحسب التقرير، نفذت المجموعة أول عملية رسمية في أوكرانيا، حيث كلفوا الدفاع عن روسيا من أوكرانيا، التي تخضع للسيطرة الأوروبية بحسب التلقين الروسي، وكانت البداية من شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها روسيا في 2014، إذ نظمت هذه القوات بحسب التقرير “لكسر سيطرة أوكرانيا على المراكز الاستراتيجية، وإقامة نقاط التفتيش والحفاظ على الأمن العام في الفترة الأولى من الاحتلال والحفاظ على الأمن في الأراضي المحتلة والاشتباك مع القوات الأوكرانية في خط المواجهة وإخماد الاحتجاجات المحتملة”.

وأشار البحث إلى أنه لطالما كان وجود القوات الخاصة مشروطًا بعدم حمل جنودها لأي علامة تعريف سواء كانت بطاقة هوية أو شعاراً، على أن يتم دفن المتوفين في روسيا من دون أي احتفال رسمي وبصورة شبه سرية. وأضاف أن “عديداً من الصحافيين الأوكرانيين أبلغوا عن رؤية أفراد لا يحملون شارات عسكرية يتمركزون على الخطوط الأمامية ويديرون الأراضي المحتلة”، ثم أفادت بالأمر نفسه وثائق وتقارير دولية مكتوبة من أشخاص ليس لديهم ارتباط واضح بالجيش الروسي.

وأفادت التقارير أن القوات غير الرسمية نفذت عمليات تحت قيادة روسيا ولصالحها، وكان الوجود المتزايد لعناصر هذه القوات، المعروفين باسم “الرجال الخضر” واضحاً في إقليم دونباس بأوكرانيا، حيث تقع منطقتان من أربع مناطق ضمتها روسيا العام الماضي، ومع كثافة الاشتباكات وعمليات القتل التي نفذها الطرفان في هذه المنطقة، تنبه البعض إلى وجود قتلى لم يحملوا أي بطاقة هوية.

محركات النفوذ الإيراني

وتعد القوات غير الرسمية التي شكلتها روسيا لمساندة جيشها النظامي في أوكرانيا أحد القواسم المشتركة التي تجمعها مع إيران، إذ تدعم طهران عدداً من الجماعات المسلحة، كـ”حزب الله” في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وغيرها من المليشيات الموالية لها لتعزيز نفوذها في العالم العربي، وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فمنذ عام 2019، “تعمل في العراق ولبنان وسوريا أكثر من 100 جماعة وجماعة فرعية شيعية، وهي المحركات الرئيسة للنفوذ الإيراني”.

وذكر “تقييم التهديد العالمي” لعام 2019 الصادر عن الاستخبارات الوطنية الأميركية أن إيران “ربما ترغب في الحفاظ على شبكة من المقاتلين الشيعة الأجانب” في سوريا، وقد شارك وكلاؤها العاملون حالياً في سوريا والعراق ولبنان في عدد لا يعد ولا يحصى من الأنشطة الإرهابية واتخذوا مواقف عارضت بكل عنف الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين”.

وفي ضوء هذا التهديد المتزايد، نشر معهد واشنطن في عام 2019 خريطة تظهر انتشار المليشيات الإيرانية، وأشار إلى أن إعداد هذه الخرائط بات مهماً “منذ أن أسست الحكومة العراقية “قوات الحشد الشعبي” في عام 2014، وهذه القوات هي مجموعة مظلة مؤلفة عموماً من ميليشيات شيعية تهيمن عليها الجماعات المدعومة من إيران”.

قوات فاغنر

وعودةً للاستراتيجية الروسية، بات واضحاً أن الجيش الروسي يستخدم القوات غير الرسمية لترسيخ وجوده في المناطق التي يستهدفها، خصوصاً بعد المشاركة اللافتة لقوات “فاغنر” في ليبيا وسوريا، والتحركات الروسية المختلفة في أفريقيا، التي تشير إلى وجود هذا النوع من القوات.

واستشهدت “بي بي سي”، في تقرير نشرته بعد الحصول على معلومات عن عمليات روسية في ليبيا إن بمصادر عرفتهم بأنهم أعضاء سابقون في “فاغنر” أشاروا إلى أن عديداً ممن بدأوا العمل كمرتزقة في أوكرانيا كسبوا الأموال في ليبيا الغنية بالنفط، وقال أحدهم للشبكة البريطانية إنه خلال 12 إلى 14 شهراً من العمليات العسكرية في ليبيا بين سبتمبر (أيلول) 2019 ويوليو (تموز) 2020، كان أكثر من 1000 مقاتل من “فاغنر” موجودين في ليبيا.

وأوضح العضو السابق أن المرتزقة لم يتم توظيفهم من قبل “فاغنر” مباشرة، بل عينوا بموجب عقود قصيرة الأجل كعمال في مواقع نفطية في ليبيا أو للعمل في شركات أمنية مملوكة لـ “فاغنر”. ويخضع المتقدمون لاختبارات اللياقة البدنية والفحوصات الأمنية قبل الانتقال إلى موقع تدريب غير رسمي بالقرب من كراسنودار في جنوب روسيا بجوار قاعدة عسكرية، وبعد التدريب، يتم إرسالهم خارج روسيا، مدركين أنهم إذا قتلوا فقد لا تتمكن “فاغنر” من إعادة جثثهم إلى بلدهم.

وبحسب “واشنطن بوست”، يبدو أن روسيا تتجه نحو الاعتماد بشكل أكبر على قواتها غير الرسمية ومجموعة “فاغنر” التي أصبحت رديفاً للجيش الروسي، في عمليات موسكو في أوكرانيا، فعلى رغم خسائر روسيا في الحرب، فإن عدد القوات الروسية المستعدة للقتال زاد بأكثر من الضعف منذ بداية الحرب في فبراير(شباط) الماضي.

والفضل في ذلك يعود إلى حملة التعبئة المثيرة للجدل التي أطلقتها موسكو الخريف الماضي، والتي سمحت بالإفراج عن الآلاف من المدانين في السجون لتجنيدهم، ووفقاً للتقييمات الأميركية، جندت مجموعة “فاغنر”، التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية النظامية في أوكرانيا، في الأشهر الأخيرة 40 ألف سجين من جميع أنحاء البلاد في صفوفها.

التصنيف الأميركي

ومع تنامي أدوار “فاغنر” في الحرب الأوكرانية، صنفت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، المجموعة “منظمة إجرامية دولية”، وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن المنظمة الروسية مسؤولة عن “فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان في أوكرانيا وأماكن أخرى”.

وتنتشر عناصر “فاغنر” في بلدان أفريقية لتوفير الدعم والأمن لشركات التعدين الروسية والشركات التي تعمل معها، إلا أن موسكو اتهمت في وقت سابق باستخدام المجموعة للسيطرة على الموارد الطبيعية في أفريقيا، فضلاً عن التأثير في الشؤون السياسية والصراعات في دول مثل سوريا وليبيا والسودان ومالي ومدغشقر.

وتأسست “فاغنر” عام 2014، إذ كلفت حينها بأول مهماتها في شبه جزيرة القرم بشكل علني، وساعد عناصرها وبعضهم كانوا يرتدون ملابس رسمية، القوات الانفصالية المدعومة من روسيا في السيطرة على الجزيرة.

وتتألف المجموعة من بضعة آلاف من المرتزقة، يعتقد أن معظمهم من قدامى المحاربين وعناصر سابقة في وحدات النخبة العسكرية، ممن حصلوا على تدريب جيد، وفقاً لتقرير صحيفة “دولتشي فيليه” الألمانية.

ومع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، عززت قوات “فاغنر” دعمها للقوات الروسية المتمركزة على الخطوط الأمامية إلى أن تزايد الاعتماد عليها خصوصاً في المعارك الحاسمة، ومنها معركة سوليدار.

تعاون روسي – إيراني

تنتشر أحاديث تقليد روسيا للنموذج الإيراني الذي يعتمد على القوات غير الرسمية لقمع الاحتجاجات على نحو محدود، إلا أن التعاون بين البلدين في الحرب الأوكرانية لقي اهتماماً واسعاً وسط اتهامات كييف لإيران بمد روسيا بالطائرات المسيرة، وبحسب الجيش الأوكراني، فإن روسيا تستخدم طائرات مسيرة هجومية إيرانية الصنع، وقال مسؤولون أميركيون لشبكة “سي أن أن” في أغسطس (آب) الماضي، إن روسيا اشترت مجموعة من طائرات “شاهد”، ودربت قواتها على استخدامها، ووفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي طلبت روسيا من طهران 2400 طائرة من دون طيار من طراز “شاهد -136”.

وأكدت أوكرانيا في وقت سابق بأن قواتها تمكنت للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) الماضي من إسقاط طائرات “شاهد” إيرانية الصنع في منطقة خاركيف، وتوالت إعلانات مماثلة منذ ذلك الحين، لكن طهران نفت تزويد موسكو بالأسلحة، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن المتحدث باسم وزير الخارجية الإيراني ناصر كنعاني قوله “أعلنت إيران مراراً أنها ليست طرفاً في الحرب بين روسيا وأوكرانيا ولم ترسل أي أسلحة إلى أي من الجانبين”.

وأخيراً، تصاعد الخلاف بين إيران وأوكرانيا بعدما أثار ميخايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني، شكوك طهران حول احتمال مشاركة أوكرانيا في الهجوم الذي استهدف مصنعاً تابعاً لوزارة الدفاع الإيرانية في أصفهان، قائلاً في تغريدة على موقع “تويتر” إن “منطق الحرب مميت ولا يطاق، ويجبر أمير الحرب والمتواطئين معه على التعويض”، مضيفاً أن الانفجار سبق أن حذرت أوكرانيا في شأنه.

واستدعت طهران سفير كييف بعد التصريحات الصادرة عن بلاده في شأن الضربة.

في غضون ذلك، علق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، الأحد، على التفجير الذي استهدف مصنعاً عسكرياً بالقرب من مدينة أصفهان، واصفاً إياه بـ”الهجوم الجبان” الذي كان يرمي إلى إثارة “حال من عدم الأمن” في البلاد.

وأدان الكرملين هجوم أصفهان قائلاً، إنه يعكف على تحليل ما حدث، وأضاف المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف للصحافيين، “ليس بوسع المرء سوى إدانة مثل هذه التصرفات الموجهة ضد دولة ذات سيادة”.

المصدر: اندبندنت عربية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا