أعباء حرب أوكرانيا إقليميا وعالميا تمنع انتفاضة فلسطينية جديدة

الفلسطينيون وإسرائيل يغامرون بالانزلاق إلى دائرة مواجهة أوسع قد تفاقم أعباء الغرب في ظل انصراف تركيز القوى العالمية إلى حرب أوكرانيا.

كان يمكن للهجوم الإسرائيلي العنيف على مخيم جنين وردّة الفعل الفلسطينية بالهجوم على كنيس يهودي أن يهيئا مناخا ملائما لانتفاضة فلسطينية جديدة، لكن يبدو أن الجميع حريصون على عدم المبالغة في ردود الفعل، وذلك لصعوبة تحمل أعباء حرب جديدة بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا.
والجميع في المنطقة منشغلون بالحرب ليس فقط لبعدها العسكري، وإنما لتداعياتها على كل مفاصل الحياة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وندرة بعض المواد الأساسية، وصعوبة الحصول عليها بسبب تكاليفها الباهظة، لاسيما أن ذلك يتزامن مع نشوب أزمة العملات التي تمس بلدانا في المنطقة مثل مصر المعنية مباشرة بأي تطور ميداني في الأراضي الفلسطينية.
وليست دول المنطقة وحدها التي لا تتحمل أعباء حربين في الوقت نفسه؛ فكل العالم، وخاصة الدول التي لها تقاطعات مع منطقة الشرق الأوسط، بما فيها الدول الكبرى، لا يرضى بتصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين يبلغ مستوى لا يمكن التحكم فيه.
ووسّعت الحرب في أوكرانيا الشرخ بين دول العالم؛ فالأغنياء يزدادون غنى بتصاعد إيرادات ومبيعات النفط والغاز، فيما الفقراء محتارون في كيفية تدبير ما يسد رمق شعوبهم ويدفئها من البرد.
ويمكن فهم التدخل الأميركي السريع، وزيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة بهدف التهدئة، تأكيدا للسعي إلى منع أزمة جديدة تزيد الأعباء على الغرب ذاته الذي وجد نفسه مجبرا على تمويل الحرب من جهة أوكرانيا.
وكان واضحا أن الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد قد وقفت عند البيانات النارية وبعض الصواريخ لتسجيل الحضور، وألقت بمسؤولية الرد على “الذئاب المنفردة”، في إشارة واضحة إلى الاستنكاف عن دخول معركة غير محسوبة العواقب، ولا ترضي الداعمين والوسطاء.
وعلى الرغم من النبرة الحادة التي تستخدمها حماس التي تسيطر على قطاع غزة، لم تطلق الحركة صواريخها على إسرائيل، كما فعلت في حرب 2021، ويصر بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل لا تسعى للتصعيد، وترغب في تفادي أي مواجهة جديدة في الوقت الحالي.
وتقول إسرائيل إن مداهماتها في الضفة الغربية استهدفت المشتبه بضلوعهم في هجمات دامية داخل إسرائيل في العام الماضي. ويصف الفلسطينيون المداهمات الإسرائيلية بأنها اعتداءات على الأراضي المحتلة.
وازداد الوضع حدة بسبب من يسمون “الذئاب المنفردة”، وهم المهاجمون الذين يتصرفون بمفردهم، لكن إسرائيل تقول إن هؤلاء الشباب يتحولون غالبا إلى التطرف بسبب مقاطع مصورة على تيك توك ومواد أخرى لجماعات مثل حماس، حتى لو لم يكونوا مرتبطين بها مباشرة.
وقال مايكل ميلشتين، المستشار السابق للوكالة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على الشؤون الفلسطينية في الضفة الغربية، “التحريض في الإنترنت تروج له حماس وله تأثير كبير على عقول جيل الشباب”.
لكن احتمالات ظهور رد منسق من الفلسطينيين محدودة لأن قيادتهم منقسمة بين جماعة حماس الإسلامية المعزولة في غزة والسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا لكنها عاجزة عن الحركة في الضفة الغربية.
ويقول محللون إنه بعد إراقة الدماء في القدس والضفة الغربية وإثر مرور شهر على وصول أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية إلى السلطة، تغامر إسرائيل والفلسطينيون بالانزلاق إلى دائرة مواجهة أوسع.
وقتل فلسطيني مسلح سبعة أشخاص بالرصاص قرب معبد يهودي على أطراف القدس مساء الجمعة، بعد يوم من غارة شنتها القوات الإسرائيلية على مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة أودت بحياة عشرة أشخاص، من بينهم سبعة مسلحين.
وقالت إسرائيل السبت إنها سترسل تعزيزات من الجيش إلى الضفة الغربية ووعدت برد “قوي وسريع” على إطلاق النار الذي وصفته حركة حماس الفلسطينية بأنه رد على عملية جنين.
وشهد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مدا وجزرا على مدى عقود من الحروب والانتفاضات ومحادثات السلام. وفي الوقت الحالي أصبحت لدى إسرائيل علاقات مع عدد أكبر من الدول العربية، بينما أصبح الفلسطينيون أكثر عزلة وانقساما.
ويتنامى العنف باستمرار، بعد أن أصبحت آفاق التقدم السياسي أكثر قتامة مما كانت عليه منذ سنوات في ظل انصراف تركيز القوى العالمية الآن إلى حرب أوكرانيا.
وزادت التوترات منذ عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر الماضي مع وجود قوميين متدينين في مناصب وزارية رئيسية، وتوعدهم بتبني موقف أكثر صرامة وإثارتهم لمشاعر الغضب لدى الفلسطينيين.
وقال غسان الخطيب، المحلل الفلسطيني وأستاذ السياسة في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، “أعتقد أن هذا التدهور سيستمر ولا مفر منه”.
وأضاف الخطيب أن صعود السياسة الإسرائيلية الشعبوية أذكى المطالبة باتخاذ إجراءات ضد الفلسطينيين لا هوادة فيها، مما “يؤدي إلى المزيد من ردود الفعل الفلسطينية، وسيؤدي إلى استمرار التصعيد الحالي”.
ويؤيد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي أثار غضب المسلمين بزيارة أداها إلى الحرم القدسي بعد أيام على توليه منصبه، عقوبة الإعدام للفلسطينيين المدانين بقتل إسرائيليين ومنح حصانة لجنود جيش وشرطة إسرائيل من المحاكمة.
وقالت تهاني مصطفى من مجموعة الأزمات الدولية “تشهد كل منطقة من الضفة الغربية شكلا من أشكال الاشتباكات المسلحة لكنها ليست تحركات موحدة على المستوى الجماهيري”.
وقال خالد الجندي، من معهد الشرق الأوسط، إن التوتر الحالي يعيد إلى الأذهان ما حدث في عام 2000 حين أثارت زيارة قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، أرييل شارون، احتجاجات فلسطينية تطورت إلى الانتفاضة الثانية.
وأضاف الجندي “كل شيء قد يمثل شرارة”. وتابع “لدينا موقف مشابه جدا للأوضاع التي رأيناها في الانتفاضة الثانية، لكن دون تصرف الأطراف الخارجية مثلما فعلت آنذاك”.

المصدر: العرب اللندنية

الحقوق محفوظة المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا © 2023

نادي الأسير: الوضع الصحيّ...

قال نادي الأسير، إنّ الوضع الصحيّ للأسير محمد الخطيب (40 عامًا) من طولكرم، في تدهور...

نادي الأسير: الوضع الصحيّ للأسير محمد الخطيب في تدهور مستمر

قال نادي الأسير، إنّ الوضع الصحيّ للأسير محمد الخطيب (40 عامًا) من طولكرم، في تدهور مستمر في ظل ظهور أعراض جديدة؛ منها: تزايد حدة...

المجلس الأعلى للشباب والرياضة يأسف لقرار “الفيفا” تجريد أندونيسيا من استضافة كأس العالم للشباب

عبر المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، والأسرة الرياضية الفلسطينية، للأسرة الرياضية الإندونيسية، عن عميق أسفه لقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" والقاضي بتجريد إندونيسيا...

“الصليب الأحمر” يعرب عن قلقه جراء هجوم الاحتلال ومستوطنيه على مركبة إسعاف في حوارة

أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم الخميس، عن قلقها جراء الهجوم الذي تعرضت له مركبة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر...

الاحتلال يمدد اعتقال أربعة شبان من القدس ويبعد مواطنا عن “الأقصى”

مددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، اعتقال أربعة شبان من القدس المحتلة. وأفادت مصادر محلية أن محكمة الاحتلال مددت اعتقال الشاب محمد أبو سنينة حتى...

يعني التعليق على هذه المشاركة أنك توافق على شروط الخدمة . هذه اتفاقية مكتوبة يمكن سحبها عندما تعبر عن موافقتك على التفاعل مع أي جزء من هذا الموقع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إحياء ذكرى يوم الأرض في...

شارك الآلاف من أهلنا داخل أراضي عام الـ48، اليوم الخميس، في المسيرة المركزية، التي نظمت في مدينة سخنين إحياء...

5 إصابات خلال قمع الاحتلال...

أصيب 5 مواطنين، ثلاثة منهم بالرصاص الحي، واثنان بقنابل الغاز، والمئات بالاختناق، اليوم الخميس، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي...

في ذكرى يوم الأرض: التأكيد...

أكدت مؤسسات وفعاليات وفصائل العمل الوطني، في الذكرى الـ47 ليوم الأرض، الاستمرار في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، حتى إقامة...

الاحتلال يهدم منزلا في قرية...

هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، منزلا في قرية النويعمة شمال مدينة أريحا. وقال مسؤول ملف مقاومة الاستيطان في محافظة...
spot_img

“وادي قانا” يقاوم “السيادة” الإسرائيلية المزعومة

في تقريرها رقم (294) لرصد التحريض والعنصرية في الإعلام الإسرائيلي، نشرت وكالة "وفا" جزءا من مقالة صحفية نشرتها جريدة "مكور ريشون" الإسرائيلية، قالت فيها...

الأسير مصطفى البرغوثي من فرحة إلى مأتم

أيام قبل الإفراج عن نجله مصطفى، تعرض رائد البرغوثي (أبو شرار) من قرية كوبر في الشمال الغربي لمحافظة رام الله والبيرة لانتكاسة صحية، أدخلته...

مدرسة (تحدي 5) وجود وحلم ومستقبل

وسط منطقة جبلية من أراضي عشيرة الزواهرة إلى الشرق من مدينة بيت لحم، تشمخ مدرسة (تحدي 5)، وتتحدى كل المخططات الاحتلالية الرامية إلى هدمها...

47 عاما على ذكرى يوم الأرض الخالد

يحيي شعبنا الفلسطيني، اليوم الخميس، الثلاثين من آذار، الذكرى الـ47 ليوم الأرض، المناسبة التي أصبحت عيدا للأرض والدفاع عنها منذ عام 1976، إذ استُشهد...

في يوم الأرض: الاحتلال يسيطر على 42% من أراضي الضفة الغربية

68.7 % من مجمل الأراضي المصنفة "ج" يسيطر الاحتلال عليها بالكامل منذ العام 1967 أعلن الاحتلال 31% من مساحة الضفة الغربية كأراضي دولة ...

بذكرى يوم الأرض: 83 مخططا استعماريا و378 عملية هدم و8700 اعتداء خلال 2022

483 مستعمرة وبؤرة استيطانية وموقعا عسكريا في الضفة حتى نهاية 2021 شهد العام 2022 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستعمرات الإسرائيلية، وصادقت سلطات الاحتلال...
المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا