طبيبان من الخليل ينجحان في إجراء أول عملية زراعة أسنان نادرة على مستوى الوطن

فكر طبيبا الأسنان ابراهيم عابدين ونائل حلايقة جيداً قبل أن يقدما على إجراء عملية زراعة أسنان نادرة لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، الذي كان يعاني من آلام في عظام الفك. فعملية جراحية معقدة بهذا الشكل حيث يرتكز أساس عملها على الأعصاب، ليست سهلة بالمطلق، ولم تكن المهة التي جرت بعد فحوصات وتشخيص طبي دقيق ليكتب لها النجاح لولا تصميم الطبيبين حلايقة وعابدين، على نجاحها بكل المقاييس لتكون العملية النادرة والأولى من نوعها في الوطن، ليشكلا بذلك سابقة بأيد فلسطينية مبدعة.
عن هذه العملية التي وصفها د. عابدين ود. حلايقة بـ”الجراحية المعقدة في الفم”، أوضحا أنها الأولى التي تُجرى في الوطن نظراً لطبيعة الحالة المرضية التي كانت تعاني من هشاشة أو ذوبان في عظام الفك السفلي من حيث سماكته وارتفاعه عن العصب، فقد تمت إزاحة العصب وإرجاعه سليماً الى مكانه. وأضاف د. عابدين أن أية عملية تجرى دون وضع في الحسبان ارتفاع العظم عن العصب تؤدي الى شلل في الفك السفلي، و”الزرعات” بطبيعتها لها أطوال معينة وفي هذه الحالة لا تستطيع وضع أي نوع من أنواع “الزرعات” لأن العصب قريب، ومن هنا جاءت الخطورة في هذه العملية وبدأنا بإجراء الدراسات اللازمة والفحوصات الطبية لإجراء العملية حتى توصلنا الى حل لها، باستخدام “زرعات” معينة لم يتم استخدامها من قبل في الوطن.
كما قامت العملية بالأساس، حسب ما يشرح د. نائل حلايقة، على الاعتماد على إزاحة عصب الفك السفلي لغرس “الزرعة”، تحت اشراف البروفيسور “ليون أردكيان”، من داخل الخط الأخضر، ثم إرجاعه سليما الى مكانه دون مضاعفات أو أضرار أو عواقب، بالإضافة الى حماية عظام الفك نفسه، وهذه عملية تتم للمرة الأولى، وأعطت بارقة أمل للمرضى الذين يعانون من تآكل في عظام الفك؛ حيث باتت باستطاعتهم زراعة الأسنان.
وأضاف حلايقة: بعد نحو أربع ساعات على إجراء العملية بدأ الإحساس يعود للمريض، والآن يتماثل للشفاء، لكنه ما زال يتعاطى الأدوية التي تعقب أية عملية. وبين عابدين أن المهم متابعة المريض بعد إجراء العملية للحفاظ على النجاح الذي حققته، ومتابعة الحالة الصحية للمريض نفسه.
واستغرق إجراء العملية نحو ثلاث ساعات داخل مركز الأوائل، وأشرف عليها الطبيبان عابدين وحلايقة، رافقهما فيها طاقم طبي مؤلف من أطباء الأسنان رزان ابو منشار وليانا شاور ومحمد فطافطة ومعاذ شيوخي، بالإضافة الى أخصائي جراحة وممرضات.
ووصفت د. رزان ابو منشار، مشاركتها في هذه العملية “بغير المسبوقة”، خاصة انها تطلبت دقة متناهية في التعامل معها لتشابكها مع إزاحة العصب، ما أضاف لديها خبرة جديدة في هذا المجال. وأوضحت أن إجراء مثل هذه العمليات النوعية والنادرة داخل الوطن وبكفاءة فلسطينية خالصة تدلل على القدرات الهائلة الموجودة داخل الوطن، مؤكدةً حرصها على المشاركة في مثل هذه العمليات التي تسهم في تطوير مهنة طب الأسنان.
وعن احتمالات الفشل في مثل هذه العمليات المعقدة والنادرة، أكد طبيبا الأسنان عابدين وحلايقة، أنهما أجريا هذه العملية بعد دراسة الحالة جيداً من مختلف النواحي الطبية والعلاجية التي ترافقها، مشددين على أن الطبيب ليس مسموحا له الفشل، وهو يقوم بوقت أكثر لمعرفة المزيد حول إجراء مثل هذه العمليات حتى لا يكون هناك هامش للفشل.
وتملكت الثقة، عضو مركزية فتح عباس زكي الذي خضع لهذه العملية، بالدكتورين الحلايقة وعابدين وبالفريق الطبي معهما، عندما قرر إجراءها داخل الوطن حيث كان أجرى مثل هذه العملية في الاردن ولبنان لكن الآلام ما برحته في تلك الفترة، وحذره أكثر من طبيب أسنان واستشاري من الإقدام على إجراء مثل هذه العملية، كونها عملية دقيقة ويخشى من حدوث شلل، لكن ثقته بأطباء فلسطين دفعته لإجراء العملية داخل الوطن دون تردد.
وتقوم عملية الزراعة أساساً، كما يوضح عابدين وحلايقة، على القيام بغرس “براغي” مصنوعة من خليط من المعادن على شكل جذر السن، أهم مكون فيها عنصر “التيتانيوم” الذي يغطي سطح الزرعة ويسهم في عمل رابطة كيميائية بين عظام الفك والزرعة نفسها حتى تتمكن من التكيف مع الجسم ومرافقته للأبد، ولها أطوال وأقطار متعددة.
ويبين الطبيبان حلايقة وعابدين أن عملية الزراعة تخضع لإجراءات سابقة تتضمن معرفة الحالة المرضية وتاريخها الطبي، ثم إجراء “فحص إكلينيكي” تعقبه الخطة العلاجية التي تحدد مسار العلاج والأدوات المستخدمة. ويعتبر قُرب عصب الفك السفلي وقرب الجيوب الأنفية في الفك العلوي من أبرز المخاطر التي تواجه عمليات زراعة الأسنان، التي تتطلب دقة أكثر في التعامل معها.
ويبين الطبيبان عابدين وحلايقة أن الزراعة من أخطر عمليات طب الأسنان لكنها في الوقت ذاته من أبسطها إذا تمت بالطرق الطبية المثلى.
ورغم حداثة عهدهما في زراعة الأسنان (خمس سنوات) يفاخر الطبيبان حلايقة وعابدين بهذا التطور الذي أضافاه الى عالم طب الأسنان في فلسطين، رغم الظروف وشح الإمكانيات، في وقت يصران فيه على مواصلة الإبداع ومواكبة التطورات في طب الأسنان وإدخال مزيد من التقنيات.
ويضيفان: “هذا النجاح يقودنا الى البحث عن تقنيات جديدة في طب الأسنان ليست موجودة داخل الوطن، والبحث عن أقصر الطرق التي تجعل المريض يرغب في التوجه الى طبيب الأسنان.. “بمعنى إظهار الابتسامة البيضاء على الوجوه”. ويؤكدان أن أطباء فلسطين قادرون على التطور والإبداع إذا ما توافرت لديهم الإمكانات، ولجوء عضو مركزية فتح عباس زكي لإجرائها داخل الوطن، يؤكد على كفاءة أطبائنا ومقدراتهم على مضاهاة أفضل أطباء الأسنان في العالم، فإجراء هذه العملية في فلسطين بأيدي أطباء فلسطينيين يعطي الأمل للكثير من مرضى الأسنان بإجرائها هنا في الوطن دون الحاجة للسفر الى الخارج.

الحياة الجديدة- وسام الشويكي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا