افتتاحية الخليج الاماراتية: الهروب من المشكلة

اعلنت اللجنة الرباعية أنها ستزور رام الله من أجل وقف التصعيد. وهكذا تكون الرباعية سلكت الطريق الخطأ من البداية. التصعيد لم يأت من رام الله بل من قوات الاحتلال التي تستفز الناس وتقتل الأطفال، وتقتحم المنازل، وتغتصب الأرض، وتنتهك الاتفاقات. رام الله لا تفعل شيئاً من هذا بل إنها على خلاف ما يريد شعبها تتقيد باتفاقات أوسلو بكل حروفها.
الرباعية تدرك ذلك، ولكن بإعلانها هذا تضلل العالم، فكأن الفلسطينيين هم السبب أو أحد أسباب ما يجري. أما الأمر الأفظع في هذا الإعلان فهو أنه يغطي على جوهر المشكلة، وينقل العقول والأنظار إلى مكان آخر. التصعيد «الإسرائيلي» مظهر من مظاهر المشكلة، وليس جوهرها. الاحتلال هو المشكلة، فهو حتى يدوم لا يستطيع إلا أن يعيش على العنف وعلى القتل وعلى الاغتصاب، فإذا كانت الرباعية مهتمة حقيقة بتجنب التصعيد،
ينبغي عليها أن تبدأ بأساس المشكلة. حينذاك لا تحتاج حتى للذهاب إلى رام الله أو غيرها، فهي إن ذهبت ماذا ستقول للسلطة الفلسطينية؟ هل ستطلب منها أن تأمر شعبها بأن يقبل بأن يذبح ساكناً ؟ وهل ستطلب منه أن يشارك في هدم مقدساته؟ وهل ستأمره بأن يقبل باقتلاع أشجار زيتونه، أو أن يرضى بإخلاء بيوته حتى تهدم أو ربما يشارك سلطات الاحتلال في الهدم؟ وهل ستقنع القيادة الفلسطينية بأن تقدم شعبها لقمة سائغة إلى المستوطنين حتى يفعلوا بهم ما يشاؤون ؟
الرباعية عوضاً عن أن تطالب بوقف الاستيطان ولجم المستوطنين، ووقف الانتهاكات للمقدسات الفلسطينية في القدس تعلن أنها ستذهب إلى رام الله لوقف التصعيد.قامت الرباعية من أجل تحقيق التسوية لا من أجل إدارة الأزمة. لكن ما تفعله ليس فقط إدارة أزمة وإنما أيضاً هي تحمي الكيان الصهيوني من نتائج ممارساته المنتهكة للشرعية الدولية. حتى من يريد إدارة الأزمة عليه على الأقل أن يخمد نارها، لكنها بتصرفها هذا إنما تريد من الضحية أن يقبل بأن يحترق بالنار من دون أن يخلص نفسه منها.ما ينبغي على السلطة الفلسطينية أن تفعله أولاً أن تفهم العالم قبل اللجنة أن هذه الرباعية لا تقوم بما أنيط بها وإنما تنحاز إلى كل الانتهاكات «الإسرائيلية» التي لا تتوقف أبداً، وأنها لا تمارس ما يتوقعه المجتمع الدولي منها بأن تصل إلى نهاية للاحتلال وما يمكن الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة. وغير ذلك، لا يعني فقط استمرار الاحتلال وإنما تشجيع «إسرائيل» على مواصلة تنفيذ مشروعها الذي يريد ابتلاع كامل فلسطين وتفريغ الأرض من أهلها .