شعب يفرض وحدته شعب يستحق دولته كتب يحيى رباح

المجد لهبة الاجيال المقدسية التي تواصل العبور في شهرها الثاني، لتضيء في الخليل أكبر مدينة في فلسطين واقدم المدن التي بناها اجدادنا الكنعانيون، لدرجة أنه حين اتاها ابراهيم الخليل وماتت زوجته سارة وأراد شراء قطعة ارض له فيها فوجد أن القوانين السارية آنذاك لا تبيح بيع الأرض للأجانب فأعطاه مالكها مغارة لدفن زوجته كهدية وليس بيعا ولا شراء.

ومثلما اضاءت هبة الأجيال المقدسية في الخليل فإنها اضاءت أيضا في عموم الضفة وقطاع غزة، وأضاءت في الخليل والمثلث والنقب والمدن المختلفة، وأضاءت في الشتات الفلسطيني الواسع، تحت عنوان وحدة الشعب -رغم ظروفه الاجتماعية والقانونية والسياسية المتباينة- الفلسطينيون شعب واحد، يتحدون في اصل القضية، في العنوان الرئيسي، في المظلومية الشاملة وهي احتلال وطنهم، وبعثرة هويتهم وهدفهم الذي لا بديل له هو قيام دولتهم وتحققها على الأرض بعد أن قامت هذه الدولة في القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وفي الحضور المبدع لفلسطين كلما توهمت جبهة الأعداء أن فلسطين اصبحت في طي الغياب والنسيان.

يوم الاربعاء الماضي حضر الباحث والمفكر الفلسطيني اللامع نظير مجلي الى رام الله ضيفا على منتدى رسالة للفكر والحوار، واستمعنا اليه بشغف وهو يلقي اضواء كاشفة قوية على درجة الحضور لهبة الأجيال المقدسية على المجتمع الفلسطيني داخل اسرائيل من خلال ان هذه الأقلية الفلسطينية داخل اسرائيل هي ذات حضور نوعي على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والوطني وعلى صعيد تحقيق الذات في نجاحات متعددة، وكذلك حضور هبة الأجيال المقدسية على مستوى الشعب الإسرائيلي ونخبه السياسية والحزبية المتعددة، كيف اطلت الهبة المقدسية امامهم هل هي استعادة الخوف واستدعاء خصائص الجيتو اليهودي التقليدي، والتخندق على الذات المحبطة، واستنفار اقصى الأفكار المعادية، ام ان هذه الهبة المستمرة قد عبرت عن نفسها بانفتاح ابواب الحوار؟

الاخ العزيز نظير مجلي أكد الحقيقة التي يجري طمس لها في بعض الاحيان وهي ان اي حضور فلسطيني خاصة الحضور النوعي مثل هذه الهبة السلمية المباركة، أو النجاحات التي حققتها القيادة الفلسطينية على الصعيد الدبلوماسي، ورسوخ وعدالة المطالب الفلسطينية تنعكس اول ما تنعكس حضورا داخل اسرائيل وداخل المجتمع الاسرائيلي، وانه لا يوجد صوت واحد داخل اسرائيل برغم ان نتنياهو لا احد ينافسه الآن، وانه حين يكون الحدث فلسطينيا فان ردات الأفعال تظهر اول ما تظهر داخل المجتمع الإسرائيلي.

اهم ما حققته هذه الهبة التي تواصل العبور في شهرها الثاني انها جاءت خارج كل الوصفات القديمة، وانها تصنع مداها بنفسها، وان” الإكليروس” الفصائلي الفلسطيني لم ينجح في وضعها تحت وصايته بينما التوازن والانفتاح العالي المستوى مع القيادة الفلسطينية العليا ومع رأس الشرعية الفلسطينية ما زال هو سيد الموقف، وهذه الهبة المقدسية تغذي نفسها بنفسها من المعطيات الميدانية، هي لا تختلق الاعذار لأن الأعذار موجودة في عمق وتدفق التفاصيل اليومية، وان الذي ظهره مكشوف هو الاحتلال، لأن الاحتلال لا ينتج سوى الشر وعدم اليقين وعدم المشروعية، وان وحدة التوافق الفلسطيني مع هذه الهبة تعيدنا للذهاب الى اصل القضية: هذا شعب يصنع وحدته، اذًا هذا شعب يستحق دولته، وهذه الدولة هي ابرز مكون للجهد الوطني والدولي الذي بذل منذ ربع قرن، والمهم ألا ننكس على اعقابنا ونعود لحديث الانقسام من جديد.

Yhya_rabahpress@yahoo.com

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا