مخالفة “حسبي الله ونعم الوكيل” كتب حسن سليم

لم يتبق لسلطة حماس في غزة موارد مالية لتغذية خزينتها، بعد القوانين والضرائب التي فرضتها، غير المخالفات الباهظة، ليس بسبب ارتكاب السائقين لمخالفة شنيعة، بل وصلت تقليعاتهم فرضها لمجرد الشكوى لله، والقول “حسبي الله ونعم الوكيل”.

نعم، مخالفة حررها شرطي مرور حماس يوم الرابع من نيسان الجاري، في دير البلح، للمواطن شادي ابراهيم بشير (35 عاما)، وتوعده بمخالفة أخرى في حال نطق المواطن بعبارة “اتق الله”، باعتبارها تشكيكا في تقوى الشرطى.

“حسبي الله ونعم الوكيل”، وفقا لما ورد في صحيح البخاري رحمه الله، رقم)4563)، انها وردت على لسان أولي العزم من الرسل، إذ قالها سيدنا إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بمواجهة المشركين في “حمراء الأسد”. أما معنى الدعاء، “فحسبنا الله”، تعني الطلب ان يكفينا الله من الهم، وان يرد الخطر عنا، اما “نعم الوكيل”، فتعني المديح لمن هو قيِّم على أمورنا، وقائم على مصالحنا، وكفيل بنا، وهو الله عز وجل.

إذن، هو دعاء يتيمن به قائله، بأولي العزم من الانبياء، وليس خروجا عن الملة، او مسا بنصوص الدين، يلجأ به صاحبه الى الله، طلبا منه للعون والخلاص، كونه “العدل”.

حماس التي تمر بأزمة مالية، منذ أن أوقفت طهران الدعم المالي عنها، بعد خلافات حول الموقف من نظام بشار الاسد، وهي صاحبة النصيب الاكبر من حجم التمويل، تفاقمت ازمتها ايضا، بعد القرار المصري باغراق الانفاق التي كانت تشكل مصدرا مهما لتمويل سلطتها، وتستعد اليوم لطرق مختلف الابواب طلبا للمساعدة، وفقا لاحمد يوسف (المستشار السابق لاسماعيل هنية)، لسد العجز في ميزانيتها لا سيما فاتورة رواتب موظفيها، التي تصرفت بأراضي الدولة لسده، وهي غير صاحبة حق التصرف، لكنها فعلتها، ووفقا لـ “وقائع حماس” في العدد 91، الذي اوضح ان مجموع ما تصرفت به سلطة حماس في الفترة ما بعد العام 2014، من اراضي الدولة ما بين بيع وتأجير وتخصيص لمصالحها وانصارها واصدقائها، قد بلغ (ثمانية ملايين متر مربع)، تحت مبرر حاجة حماس للوفاء بالتزامتها كما قال زياد الظاظا في حينه، رغم صدور مرسوم رئاسي يحمل رقم (7) لسنة 2006 بشأن منع قبول تعديل أو تغيير قيود الأراضي المملوكة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة في المحافظات الجنوبية.

بعد الاراضي الحكومية، كانت ضريبة التكافل وهي فكرة من بنات افكار مجلس شورى الحركة وتم تحويلها لكتلة الحركة البرلمانية واقرتها بتاريخ 31/3/2015، واوعزت لسلطتها لتطبيقها، كانت ايضا واحدة من فذلكات الحركة لسد العجز المالي في خزينتها، حيث تراوحت نسبة الضريبة ما بين 10% من قيمة السلع والبضائع الداخلة للمحافظات الجنوبية، وعلى الخدمات، والشركات المساهمة العامة، لتصل الى 100% من قيمة التبغ ومشتقاته. ولم تتورع ايضا عن بيع الاسمنت في السوق السوداء، او تسخيره لتعمير بيوت “المؤلفة قلوبهم”، او لترميم انفاقهم، لاستعادة تجارة الانفاق، فيما قطاع غزة اكثر ما يحتاجه للاعمار، بعد الدمار الذي لحق بعشرات آلاف المنازل بسبب عدوان الاحتلال عام 2014.

وبالطبع قد لا يعلم البعض ان الفواتير المطلوب دفعها لاسرائيل ثمنا للكهرباء، عن قطاع غزة، وتصل لمليارات الشواقل، يتم خصمها من العائدات الضريبية للسلطة الوطنية، في حين تجنيها سلطة حماس عنوة من المواطنين، لصالح خزينتها، ناهيكم عن الفواتير الضريبية التي بقيت لسنوات تتلفها، نكاية بالسلطة، حتى لا تستعيد نسبتها من العائدات الضريبية من اسرائيل.

وعود على بدء، فان حادثة مخالفة “حسبي الله ونعم الوكيل”، التي كان من المفترض ان تكون مجرد قصة طريفة للتندر، ممن يعانون من التسلط وضيق الحال، الا انها حادثة حقيقية، ولهذا لن يكون مستغربا، إن سمعنا مستقبلا عن مخالفة لاحد المواطنين المتذمرين ان قال: “سبحان الله” او مخالفة لمواطن تأفف وقال: “لا حول ولا قوة الا بالله”.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا