هل لقاء نتنياهو وبوتين اليوم كفيل بأن يفتح مدخلا لمسيرة سياسية بوساطة روسيا حليفة إيران وحزب الله؟

الحلف الجديد
هل لقاء نتنياهو وبوتين اليوم كفيل بأن يفتح مدخلا لمسيرة سياسية بوساطة روسيا حليفة إيران وحزب الله؟

بقلم: دانا سومبرغ،عن معاريف
تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الاسابيع الاخيرة عدة مرات في موضوع المبادرة العربية وتقدم مسيرة سياسية مع الدول العربية، مما أدى بمحافل في الساحة السياسية إلى التفكير بأن اقواله الغامضة تستهدف ايضا اذني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وسيلتقي الرجلان اليوم في موسكو للمرة الثالثة في السنة الاخيرة، في مناسبة 25 سنة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وروسيا. وخلافا لزيارتي نتنياهو السابقتين، اللتين كانتا عاجلتين، من المتوقع لنتنياهو هذه المرة ان يبقى في الدولة يومين ونصف اليوم. وفي البيان الرسمي عن اللقاء كتب أن «نتنياهو سيبحث مع بوتين في تطبيق التفاهمات التي تحققت في اثناء زيارة نتنياهو إلى موسكو في شهر نيسان. كما ستبحث مسائل اقليمية، ضمن امور اخرى في سياق مكافحة الإرهاب العالمي الوضع في سوريا ومحيطها وافق المسيرة السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين».
تصريحات نتنياهو التي سبقت هذا اللقاء وقعت في محيط خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتوسيع الائتلاف. فبعد الخطاب الاستثنائي للسيسي في شهر ايار، والذي دعا فيه إسرائيل لاستغلال فرصة المبادرة الفرنسية واقامة سلام مع الفلسطينيين، قال نتنياهو ان «إسرائيل مستعدة للتعاون مع مصر ومع الدول العربية الاخرى في تقدم المسيرة السياسية والاستقرار في المنطقة». وبعد تولي افيغدور ليبرمان منصب وزير الدفاع الاسبوع الماضي، قال نتنياهو ان «مبادرة السلام العربية تتضمن عناصر ايجابية، يمكنها أن تساعد في ترميم مفاوضات بناءة مع الفلسطينيين. نحن مستعدون لان نجري مفاوضات مع الدول العربية على تعديل المبادرة، بشكل يعكس التغييرات الدراماتيكية منذ 2002، والحفاظ على الهدف المتفق عليه في دولتين للشعبين».
ونشرنا يوم الجمعة الماضي في «معاريف» تصريح لمحفل سياسي رفيع المستوى قال ان «امكانية أن يحاول نتنياهو ربط الرئيس الروسي بوتين في صالح مسيرة سياسية توجد على جدول الاعمال». فهل مثل هذا السيناريو ممكن حقا؟
تسفي مغين، سفير إسرائيل في موسكو سابقا، وباحث كبير في معهد بحوث الامن القومي اليوم، يعتقد بان ثمة سيناريو معقول يكون فيه بوتين الوسيط في مؤتمر قمة اقليمية تكون بديلا عن مبادرة السلام الفرنسية. ويقول مغين: «لن أتفاجأ إذا ما طرح اقتراح كهذا في اللقاء. فلا يدور الحديث هنا عن قصة حب بين نتنياهو وبوتين، بل عن مصالح مشتركة. كما توجد تلميحات عديدة عن ذلك فضلا عن رسائل نتنياهو. كما توجد ايضا حقيقة أنه قبل بضعة ايام من لقاء نتنياهو وبوتين في نيسان، وصل ابو مازن إلى روسيا. بوتين لم يبعث مندوبا له إلى مؤتمر باريس، وهذا ايضا يقول الكثير. روسيا تريد ان تكون لاعبا اقليميا مؤثرا».

«يملأون الفراغ»
في السنة الاخيرة، وعلى خلفية التدخل الروسي في القتال في سوريا، تحسنت العلاقات بين إسرائيل وروسيا. وقد تمثلت هذه بتزايد اللقاءات بين الزعيمين، مثلما ايضا في حقيقة انه في شباط الماضي الغى الرئيس فلاديمير بوتين زيارة إلى استراليا كي يلتقي بوتين في روسيا.
بعد دخول القوات الروسية إلى سوريا لمساعدة جيش الاسد ضد الثوار، بدأ تعاون وثيقة بين إسرائيل وروسيا. في البداية ادعت اوساط الحكومة بان هذا مجرد تنسيق امني بين الطرفين، ولكن في نيسان الماضي أكد نتنياهو بان قوات الجيش الإسرائيلي تهاجم خلف الحدود «لمنع السلاح عن حزب الله». وقال نتنياهو في اثناء مناورة للواء المظليين في الاحتياط في هضبة الجولان ان «داعش وحزب الله خلف الجدران، ونحن نعمل». وفي اثناء الجولة تناول نتنياهو التهديدات في الجبهة واعترف بان إسرائيل تحبط نقل «السلاح محطم التوازن» لحزب الله. وقال في حينه «هذه دولتنا، علينا أن ندافع عنها وأحد لن يدافع عنها غيرنا».
«روسيا توجد في رأس تحالف الاعداء المريرين لإسرائيل، والذي يضم إيران، حزب الله، ميليشيات شيعية وغيرها»، يشرح مغين. «هذا ارتباط غير لطيف، وفي هذا الاطار إسرائيل ملزمة بان تتعاطى مع ذلك. وبالتوازي، هناك اتصالات مع روسيا وتعاون متبادل مع إسرائيل. منظومة العلاقات بين الدولتين بدأت بالمصلحة المشتركة في عدم دوس أي من الجانبين على طرف الاخر. واتفق بين الجانبين على تنسيق العمل وحرية العمل للهجمات الإسرائيلية، والروس يحترمون هذا. روسيا معنية بان تكون إسرائيل حيادية، إلا تتدخل في سوريا والا تدخل في مواجهات، وهي مستعدة لان تدفع لقاء ذلك».

لماذا سترغب روسيا في التدخل كوسيط في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني؟
«روسيا توجد في ملعب مكتظ وخطير. فهي تقاتل ضد داعش، ولكنها تقاتل ضد الغرب ايضا. تحاول أن تحقق انجازات في المنطقة كي تجري في مرحلة لاحقة «استبدالات» وحل مشاكلها مع الغرب في موضوع اوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وهي تريد فضائل في منطقتنا كي تتقدم في قطاعات اخرى. وعليه فان الوساطة في موضوع النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يمكن ان تناسبها».

كيف سترد الولايات المتحدة على مثل هذا التدخل؟
«الولايات المتحدة لا تتنازل للروس ولا تلغي العقوبات الاقتصادية بسبب تدخلهم في موضوع اوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وفي سوريا ايضا، تعاون الولايات المتحدة هو في الحد الادنى من اجل اعطاء انجازات للروس. اما إسرائيل فعالقة في الوسط بين روسيا والولايات المتحدة. هي في مستوى العينين مع روسيا في الاعمال على الارض، في الوقت الذي لا توجد فيه الولايات المتحدة. الوجه الاخر هو ان الروسي يغمزون نحو اهداف اخرى مثل التسوية السلمية الإسرائيلية ـ الفلسطينية، ويرغبون في سرقة العرض من الأوروبيين».

هل يحتمل وضع تحقق فيه روسيا السلام في المنطقة؟
«الروس يريدون عرض مبادرة. النتيجة ليست هامة لهم ـ لا في سوريا ولا في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ويريدون فقط ان يصنفوا أنفسهم كوسطاء وكلاعبين اقليميين هامين. يريدون دحر الولايات المتحدة إلى الخارج كي تشرع معهم في مفاوضات على امور اخرى مثل العقوبات.
النائب مايكل اورن (كلنا) سفير إسرائيل في الولايات المتحدة سابقا، يدعي بان روسيا تملأ الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. ويقول النائب اورن ان «هذه حقائق على الارض لا يمكن التنكر لها. فقد وقع انسحاب أمريكي استراتيجي دبلوماسي من المنطقة، بينما يجري ارتفاع واضح لتدخل روسيا دبلوماسيا وعسكريا في المنطقة. فليس رئيس الوزراء نتنياهو وحده يزور بوتين عدة مرات في السنة. الرئيس المصري وزعماء شرق اوسطيون آخرون يزورونه ايضا. اشك في أن نرى تغييرا في هذه السياسة حتى بعد الانتخابات في الولايات المتحدة. لقد اجتاز الأمريكيون حروبا منهكة في منطقتنا، وملوا الشرق الاوسط. استثمروا تريليون دولار في العراق ولم يروا سنتا واحدا بالمقابل. اعتقد أن الحديث يدور عن مزاج أكثر منه عن استراتيجية متبلورة. الشعب الأمريكي لا يريد التدخل في الشرق الاوسط، وعليه فقد نشأ فراغ دخلت اليه جهات اخرى. المؤتمر الفرنسي هو ايضا جزء من المحاولة لملء هذا الفراغ. بوتين ينجح في ملء الفراغ لانه يضع المال على الطاولة، بمعنى انه يستخدم قدرته العسكرية، بينما يرفض اوباما حاليا أن يستخدم قدراته في سوريا».
هل يمكن القول ان روسيا هي اللاعب الاقليمي الرائد في هذه اللحظة؟
«لقد فقد اوباما ثقة العالم العربي. المصريون لن ينسوا ما فعله لمبارك والقذافي. يوجد هناك صفر ثقة. بالنسبة للمبادرة الاقليمية، لست واثقا ما الذي ينبغي ان يكون عليه دور بوتين إذ ان لنا علاقات مركبة معه. محظور أن ننسى بانه يدعم الاسد، حليف إيران. والسير مع بوتين إلى خطوة سياسية هو اعتبار. العالم السني يميل إلى النظر في اتجاه موسكو أكثر مما في اتجاه واشنطن».
في مثل هذه الحالة هل من المتوقع عقوبات من واشنطن؟
«في واشنطن لن يروا هذا بعين الرضى. وسيدعون باننا نتدخل في الانتخابات الأمريكية، وهذا سيصبح مسألة هناك. إذا سرنا مع روسيا، سيدعي الجمهوريون بان الديمقراطيين فشلوا واوباما فقد الثقة في الشرق الاوسط، وسنتهم بالتدخل الفظ في السياسة الأمريكية. يبدو انه توجد في هذه اللحظة فرصة لخطوة سياسية، والمبادرة الفرنسية لا تساعدنا لا نحن ولا الفلسطينيين، ولنا حق بل وواجب بالعمل حيال هذه المبادرة. ولكن يجب أن نأخذ بالحسبان كل منظومة الاعتبارات المركبة هذه».

مصالح أم قيم
«بوتين يريد أن يعيد روسيا إلى مكانة الاتحاد السوفييتي ذات مرة، مكانة من ينبغي مراعاته في كل شيء»، يضيف رام بن باراك. نائب رئيس الموساد سابقا. «وهو يفعل هذا من اعتبارين: الاول، الروس يريدون أن يكونوا عظماء واقوياء، والثاني، بوتين يريد ان يكون متدخلا في الكثير من الاماكن كي يتاجر بها حيال اماكن اخرى. هذه لعبة عالمية. مثلا، سوريا مقابل اوكرانيا. هذا يعطيه قوة.
«في كل مكان يغيب عنه الأمريكيون او يتلعثمون، سيكون الروس مكانهم، ويمكن أن نرى هذا بالطبع في سوريا وفي افريقيا»، يقول بن باراك. «روسيا تبيع الكثير من السلاح، وعندما يباع السلاح لدول معينة، تكون سيطرة على قدرات القتال فيها.
فاذا مثلا فرض الأمريكيون حظرا على مصر، سيكون هناك سلاح روسي. ولكن محظور علينا أن نتشوش. روسيا هامة لنا لان هذا سوق اقتصادي كبير وهام، ولكنهم ليسوا الأمريكيين. إذا كان الأمريكيون يعملون حسب المصالح والقيم معا، فلدى الروس مصالح فقط. نحن القينا بخيارنا على الولايات المتحدة من اليوم الاول كاختيار قيمي».
برأيك، السير إلى خطوة سياسية مع الروس هو خطأ؟
«هذا ليس خطأ بالضرورة، إذا بارك الأمريكيون خطوة سياسية باسناد روسي، فيمكن التقدم. يمكن الاعتماد على فيتو أمريكي وليس روسيا في مجلس الامن. ولكن محظور عمل أي شيء دون مباركة الأمريكيين».
مصدر دبلوماسي كبير ايضا يبرد الحماسة بالنسبة لقدرة روسيا على الحلول محل الولايات المتحدة. ويقول : «العلاقات مع روسيا لا تستبدل الولايات المتحدة. نحن لسنا هناك. حدود الملعب في الموضوع الروسي واضحة لنا. الولايات المتحدة هي في المكان الاو من حيث مراسينا، التي هي المساعدة الأمنية والعلاقات الاقتصادية».
كيف تفسر كثرة اللقاءات مع بوتين؟
«العلاقات بشكل عام تتحسن بالتدريج، ونحن نحيي 25 سنة. ينبغي أن نتذكر انه حتى قبل سوريا كانت زيارات مرة أو مرتين في السنة، من عهد ارئيل شارون شمالا. هذه ليست ظاهرة جديدة.
التراكم الجديد هو بسبب سوريا ـ كانت هناك حاجات ينبغي التأكد من أنها تحصل على الارض. احساس هو ان بوتين سيركز على المواضيع الامنية، ولكنه لن يرغب في الدخول إلى معمعان النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. لديه مشاكل اخرى على رأسه.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا