تحالفات اردوغان الجديدة

بقلم: تمارا حداد

في عالم السياسة لا يوجد تحالفات تنسج من المبادئ بل تخاط وفق المصالح والمنافع الذاتية ، فهي تحالفات سياسية و اقتصادية بحتة . تتغير تلك التحالفات وفق المصلحة لتنعكس على رؤساء الدول وعلى شعوبها ضمن سيناريوهات معقدة لتحكم أي تحالف جديد . فدوامة التحالفات كزوبعة رمال متحركة لا تتوقف عن الدوران إلا عند نقطة تقاطع مصلحة البلدين المتحالفين .

طيلة الفترة الماضية قبل الانقلاب التركي كان التحالف التركي والقطري والسعودي والإسرائيلي على اوج قمته ، وكان للجانب التركي دور بارز في دعم جبهة النصرة وداعش في سوريا ضد النظام السوري ، وهذا التحالف كان من اجل ممر الغاز الذي كان سينشأ من قطر الى الاردن الى سوريا ثم تركيا والذي كان هدف تركيا من هذا الممر منافسة روسيا على تمرير الغاز من هذا الممر القطري الى اوروبا بأقل التكاليف وبوقت اسرع . وهذا الممر افضل من قناة السويس التي كانت تمرر الغاز الى اوروبا والذي كان يكلف الدول مبالغ طائلة في تمرير الغاز ووقت اطول وغير منافس للغاز الروسي .

اما الآن علمت تركيا ان هناك ممرا جديدا سيتم انشائه افضل من الممر القطري وسيتم من خلاله تمرير الغاز والتجارة من آسيا عبر إيران وبحر قزوين أذربيجان الى روسيا ثم الى اوروبا وهذا الممر البحري البري ادى الى تغير وجهة التحالفات في المنطقة والجانب التركي في تغير مسار تحالفه من التحالف القديم ( تركي ، سعودي ، ، قطري ، اسرائيلي ) الى التحالف الجديد ( تركي ، ايراني ، روسي ، اذربيجاني ) وهذا ما سيبعد تركيا عن السعودية وستقترب تركيا من ايران في تمرير مصالحها الاقتصادية وهذا ما شهدناه في اللقاءات الجديدة بين تركيا وإيران وروسيا وهذا ما سيحل قريبا ازمة النزاع السوري .

ومن مصلحة تركيا ان تتصالح مع ايران خوفا من اقامة الدولة الكردية والتي كانت ستقام على الاراضي التركية والإيرانية والسورية ، اردوغان اعتذر لبوتين من اجل مصلحته وبالذات بعد الانقلاب التركي والذي كان لأمريكا يد في احداث هذا الانقلاب ، هنا علم الجانب التركي ان امريكا اصبح المحالف المتآمر على الجانب التركي وان امريكا وجدت اصدقاء جدد وهم الاكراد . والأكراد هم اعداء الاتراك لذلك لجأت تركيا الى الجانب الروسي . لان امريكا لم يعد الجانب الآمن لتركيا في تحقيق حلمها في بث سيطرتها على الممرات لتوصيل الغاز الى اوروبا ولم تعد امريكا من سيدعمها في منافسة روسيا في تمرير الغاز .

الجانب الامريكي لا يهمها أي تحالف جديد ، ما يهمها سوى الحفاظ على امن اسرائيل وتقسيم المقسم في مثلث الشرق الاوسط الجديد ولا يهمها سوى بث الحروب الطائفية لبيع اسلحتها وبث الخلافات السياسية والفكرية بين الحركات لدعم مخططها ودعم ثورة العميان وحكم الغوغاء لجعل البلاد العربية هشة بديونها وبضعف اقتصادها .

الجانب الامريكي يعيش استراحة دهاء لهذا التحالف التركي الجديد لأنها الآن تنتظر نتائج الانتخابات الامريكية . فإذا جاء الحزب الجمهوري بقيادة ترامب هذا سيدعم تقسيم تركيا وإذا جاء الحزب الديمقراطي برئاسة كلنتون فان تركيا مآلها الاسوداد الاعظم بكلا الحالتين امريكا ستمرر مخططها المستقبلي وجمرتها الخبيثة لتقسيم المقسم ودعم من يحالفها ويدعم مصالحها في الشرق الاوسط . وهذا ما سيجعل مصر رهينة لأمريكا وضعيفة نتيجة تحول الممر التجاري البحري من قناة السويس الى الممر الجديد والذي تحالفت من اجله تركيا مع ايران وروسيا .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا